خالد محمود
خالد محمود


خالد محمود يكتب .. جوائز «جولدن جلوب» تتجاوز أخطاء الماضى وتمنح قبلة الفوز للملهمين

أخبار النجوم

الثلاثاء، 16 يناير 2024 - 09:16 ص

منذ‭ ‬سنوات،‭ ‬لم‭ ‬تأت‭ ‬جوائز‭ ‬“جولدن‭ ‬جلوب”‭ ‬السينمائية‭ ‬بهذا‭ ‬التوافق‭ ‬الكبير‭ ‬والرضا‭ ‬عن‭ ‬الأعمال‭ ‬والأسماء‭ ‬التي‭ ‬توجت‭ ‬بها‭ ‬في‭ ‬ليلتها‭ ‬الـ81،‭ ‬وكأنها‭ ‬تكفر‭ ‬عن‭ ‬خطايا‭ ‬دورات‭ ‬سابقة‭ - ‬هكذا‭ ‬أراها‭ ‬أنا‭ ‬أيضا‮ ‬‭- ‬فقد‭ ‬انحزت‭ ‬كثيرا‭ ‬لأغلب‭ ‬تلك‭ ‬الأعمال‭ ‬عندما‭ ‬شاهدتها،‭ ‬فهي‭ ‬مشبعة‭ ‬فنيا‭ ‬بمفرداتها‭ ‬وأفكارها‭ ‬الثرية‭ ‬وإجتهاد‭ ‬أبطالها‭ ‬وهم‭ ‬يخوضون‭ ‬تحدي‭ ‬خاص‭ ‬في‭ ‬تجسيد‭ ‬شخصياتهم،‭ ‬وآمال‭ ‬كتاب‭ ‬ومخرجين‭ ‬تجاوزوا‭ ‬المألوف،‭ ‬بل‭ ‬وكسروا‭ ‬حاجز‭ ‬العمر‭ ‬في‭ ‬تصوير‭ ‬أفكارهم،‭ ‬وكأنهم‭ ‬يخوضون‭ ‬تجاربهم‭ ‬الأولى‭ ‬لإثبات‭ ‬قدراتهم‭.‬

قطعا‭ ‬يأتي‭ ‬عرس‭ ‬“اوبنهايمر”،‭ ‬تلك‭ ‬التحفة‭ ‬السينمائية‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬لحظة‭ ‬التتويج‭ ‬بمثابة‭ ‬ليلة‭ ‬سعيدة‭ ‬له‭.‬

حصدت‭ ‬السيرة‭ ‬الذاتية‭ ‬التي‭ ‬كتبها‭ ‬وأخرجها‭ ‬كريستوفر‭ ‬نولان،‭ ‬عن‭ ‬جيه‭ ‬روبرت‭ ‬أوبنهايمر،‭ ‬عالم‭ ‬الفيزياء‭ ‬الذي‭ ‬كان‭ ‬وراء‭ ‬مشروع‭ ‬مانهاتن‭ ‬لإختراع‭ ‬القنبلة‭ ‬النووية،‭ ‬عددًا‭ ‬من‭ ‬الجوائز‭ ‬الكبرى،‭ ‬بما‭ ‬في‭ ‬ذلك‭ ‬أفضل‭ ‬فيلم‭ ‬درامي،‭ ‬وأفضل‭ ‬مخرج،‭ ‬وأفضل‭ ‬ممثل‭ ‬درامي‭ (‬كيليان‭ ‬ميرفي‭)‬،‭ ‬كما‭ ‬حصل‭ ‬الملحن‭ ‬لودفيج‭ ‬جورانسون‭ ‬على‭ ‬جائزة‭ ‬أفضل‭ ‬موسيقى‭ ‬أصلية‭.‬

حقق‭ ‬الفيلم‭ ‬نجاحًا‭ ‬كبيرًا‭ ‬في‭ ‬شباك‭ ‬التذاكر،‭ ‬حيث‭ ‬حصد‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬950‭ ‬مليون‭ ‬دولار‭ ‬في‭ ‬جميع‭ ‬أنحاء‭ ‬العالم،‭ ‬كما‭ ‬استحق‭ ‬ثناء‭ ‬النقاد‭.‬

ويأتي‭ ‬دور‭ ‬الملهم‭ ‬الأيرلندى‭ ‬كيليان‭ ‬مورفي‭ ‬الذي‭ ‬أبدع‭ ‬مهمته‭ ‬أمام‭ ‬الكاميرا،‭ ‬لا‭ ‬يمكنك‭ ‬أن‭ ‬تغمض‭ ‬عينيك‭ ‬عنه‭ ‬عندما‭ ‬يكون‭ ‬على‭ ‬الشاشة‭ ‬وهو‭ ‬ينقل‭ ‬كل‭ ‬لحظة‭ ‬ترقب،‭ ‬حيث‭ ‬أظهر‭ ‬قلق‭ ‬أوبنهايمر‭ ‬والتوتر‭ ‬في‭ ‬حركاته‭ ‬الجسدية،‭ ‬ومن‭ ‬خلال‭ ‬النظرة‭ ‬المرعبة‭ ‬في‭ ‬عينيه‭ ‬الزرقاوين‭ ‬المزعجين،‭ ‬قدم‭ ‬دور‭ ‬العمر‭ ‬بأدائه‭ ‬شخصية‭ ‬عالم‭ ‬الذرة‭ ‬ما‭ ‬بين‭ ‬عشرينياته‭ ‬وآخر‭ ‬خمسينياته،‭ ‬ذلك‭ ‬الأداء‭ ‬“المتفجر”‭ ‬المفعم‭ ‬بالتفاصيل‭ ‬والخارج‭ ‬من‭ ‬أعماقه‭.‬

المخرج‭ ‬كريستوفر‭ ‬نولان‭ ‬أبدع‭ ‬في‭ ‬أفضل‭ ‬أعماله‭ ‬برؤيته‭ ‬الاستكشافية‭ ‬لابتكار‭ ‬أسوأ‭ ‬سلاح‭ ‬موجود‭ ‬على‭ ‬الإطلاق‭ - ‬“القنبلة‭ ‬الذرية”‭ - ‬والعالم‭ ‬الذي‭ ‬صنعه،‭ ‬بفحص‭ ‬دقيق‭ ‬للأخلاق‭ ‬والقيم،‭ ‬والأنانية،‭ ‬والاستكشاف‭ ‬العلمي،‭ ‬والثمن‭ ‬والعواقب‭ ‬المترتبة‭ ‬على‭ ‬قول‭ ‬الحقيقة‭ ‬للسلطة،‭ ‬مما‭ ‬يجعل‭ ‬الجمهور‭ ‬يفكر‭ ‬في‭ ‬أسئلة‭ ‬كثيرة‭ ‬حول‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬العلم‭ ‬والسياسة‭ ‬والحرب‭ ‬والولاء‭ ‬والخيانة‭.‬‮ ‬

تأتي‭ ‬الممثلة‭ ‬ليلي‭ ‬جلادستون‭ ‬التي‭ ‬حصدت‮ ‬‭ ‬جائزة‭ ‬أفضل‭ ‬ممثلة‭ ‬في‭ ‬فيلم‭ ‬درامي،‭ ‬عن‭ ‬دورها‭ ‬في‭ ‬فيلم‭ ‬“قتلة‭ ‬زهرة‭ ‬القمر”،‭ ‬عن‭ ‬استحقاق‭ ‬وتكسب‭ ‬رهان‭ ‬سكوسيزي‭ ‬الذي‭ ‬يدهشنا‭ ‬بأبطاله‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬مرة،‭ ‬تجلت‭ ‬جلادستون‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المشاهد،‭ ‬حيث‭ ‬جسدت‭ ‬البراءة‭ ‬والمحبة‭ ‬والمخدوعة‭ ‬بإقتدار‭ ‬لشخصية‭ ‬“مولي‭ ‬بوركهارت”‭ ‬التي‭ ‬تنتمي‭ ‬للقبيلة‭ ‬“أوساج”،‭ ‬وهو‭ ‬الدور‭ ‬الذي‮ ‬يجعلها‭ ‬تنافس‭ ‬على‭ ‬“أوسكار”‭ ‬هذا‭ ‬العام،‭ ‬كانت‭ ‬هناك‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المشاهد‭ ‬الصعبة‭ ‬التي‭ ‬لعبتها‭ ‬بإقتدار‭ ‬وبإنفعالات‭ ‬وتعبيرات‭ ‬ذكية‭ ‬كشفت‭ ‬خلالها‭ ‬حياة‭ ‬الزيف،‭ ‬وكانت‭ ‬نموذجا‭ ‬ملهما‭ ‬لطوق‭ ‬نجاة‭ ‬في‭ ‬سيناريو‭ ‬سكورسيزي‭ ‬وهو‭ ‬يضعها‭ ‬كخيط‭ ‬حرير‭ ‬درامي‭ ‬لتصوير‭ ‬الجرائم‭ ‬ضد‭ ‬الـ”أوساج”‭ ‬كمرادف‭ ‬لكل‭ ‬ما‭ ‬كان‭ ‬خاطئًا‭ ‬في‭ ‬مانيفست‭ ‬ديستني،‭ ‬بينما‭ ‬يحفر‭ ‬أيضًا‭ ‬بعمق‭ ‬في‭ ‬تفاصيل‭ ‬الحياة‭ ‬والثقافة‭ ‬والتاريخ‭ ‬واللغة،‭ ‬التي‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬كثير‭ ‬من‭ ‬الأحيان‭ ‬مصدر‭ ‬قوة‭ ‬في‭ ‬أفلامه‭.‬

ووصفت‭ ‬جلادستون‭ ‬الجائزة‭ ‬بأنها‭ ‬“فوز‭ ‬تاريخي”،‭ ‬وأهدته‭ ‬إلى‭ ‬“كل‭ ‬طفل‭ ‬صغير‭ ‬في‭ ‬المحمية،‭ ‬وكل‭ ‬طفل‭ ‬صغير‭ ‬في‭ ‬المناطق‭ ‬الحضرية،‭ ‬وكل‭ ‬طفل‭ ‬صغير‭ ‬من‭ ‬السكان‭ ‬الأصليين‭ ‬لديه‭ ‬حلم،‭ ‬والذي‭ ‬يرى‭ ‬نفسه‭ ‬ممثلًا‭ ‬وقصصنا‭ ‬ترويها‭ ‬أنفسنا‭ ‬في‭ ‬كلماتنا‭ ‬الخاصة”‭.‬

أيضا‭ ‬روبرت‭ ‬دي‭ ‬نيرو‭ ‬الحاصل‭ ‬على‭ ‬“جولدن‭ ‬جلوب”‭ ‬أفضل‭ ‬ممثل‭ ‬في‭ ‬دور‭ ‬داعم،‭ ‬والذي‭ ‬قدم‭ ‬واحد‭ ‬من‭ ‬أجمل‭ ‬أدواره‭ ‬مجسدا‭ ‬الفراغ‭ ‬الأخلاقي،‭ ‬ويفتقر‭ ‬تمامًا‭ ‬إلى‭ ‬أي‭ ‬ملامح‭ ‬تعكس‭ ‬الندم‭.‬

دي‭ ‬نيرو‭ ‬مازال‭ ‬“النجم‭ ‬الذهبي”‭ ‬الذي‭ ‬فاق‭ ‬حدود‭ ‬التألق‭ ‬بكل‭ ‬دور‭ ‬يسند‭ ‬إليه‭.‬

وكما‭ ‬توقعت،‭ ‬فاز‭ ‬فيلم‭ ‬“تشريح‭ ‬سقوط”‭ ‬تحفة‭ ‬المخرجة‭ ‬الفرنسية‭ ‬جوستين‭ ‬تريت بجائزة‭ ‬أفضل‭ ‬فيلم‭ ‬دولي،‭ ‬فهو‭ ‬جاء‭ ‬ليمنحنا‭ ‬ملامح‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬طرحه‭ ‬لقصة‭ ‬لمثيرة‭ ‬مع‭ ‬إيقاع‭ ‬هادئ،‭ ‬وموسيقى‭ ‬تخفف‭ ‬من‭ ‬وطأة‭ ‬الصدمات‭ ‬الساخنة‭ ‬كهدف‭ ‬أساسي‭ ‬في‭ ‬الحبكة‭ ‬التي‭ ‬أحاطها‭ ‬السيناريو‭ ‬بالغيوم،‭ ‬وسط‭ ‬أداء‭ ‬رائع‭ ‬لأبطاله‭ ‬وهم‭ ‬يواجهون‭ ‬مصيرهم‭ ‬المجهول‭ ‬عقب‭ ‬حادث‭ ‬مفاجئ‭ ‬بمقتل‭ ‬الزوج‭.‬

اعترف‭ ‬أنني‭ ‬من‭ ‬عشاق‭ ‬أداء‭ ‬إيما‭ ‬ستون،‭ ‬ولم‭ ‬يكن‭ ‬فوزها‭ ‬بـ”جولدن‭ ‬جلوب”‭ ‬عن‭ ‬فيلم‭ ‬“أشياء‭ ‬فقيرة”‭ ‬سوى‭ ‬محطة‭ ‬أخرى‭ ‬في‭ ‬مدرسة‭ ‬الأداء‭ ‬العميق،‮ ‬‭ ‬لقد‭ ‬ألقت‭ ‬خطابًا‭ ‬ساحرًا‭ ‬للغاية،‭ ‬قائلة‭ ‬إنها‭ ‬“ستكون‭ ‬ممتنة‭ ‬إلى‭ ‬الأبد‭ ‬للقاء‭ ‬المخرج‭ ‬يورغوس‭ ‬لانثيموس”،‭ ‬ووصفت‭ ‬فيلمها‭ ‬بأنه‭ ‬فيلم‭ ‬رومانسي‭ ‬لكن‭ ‬بين‭ ‬الإنسان‭ ‬والعالم‭.‬‮ ‬

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة