صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


كذبوا.. فجروا.. وخانوا البشرية| التاريخ والواقع يردان على مزاعم إسرائيل

آخر ساعة

الأربعاء، 17 يناير 2024 - 09:17 م

■ كتب: هانئ مباشر

تقوم مصر بدور محورى فى دعم القضية الفلسطينية بشكل عام منذ اللحظة الأولى فى  ملف القضية الفلسطينية ويشهد التاريخ بذلك الدور على مر عشرات السنوات، وكذلك بشكل خاص فى ظل العدوان الإسرائيلى على قطاع غزة ومحاولات تهجير سكان القطاع إلى سيناء، ولم يتوقف الدعم المصري على الجانب السياسى، وإنما امتد أيضا ليشمل كافة المجالات لتقدم الدولة المصرية عددا من الرسائل بالغة الأهمية التى توضح بشكل قاطع موقفها من القضية الفلسطينية، بل ووصل الأمر إلى القيام بدور إنسانى تاريخى غير مسبوق من خلال تقديم مئات الشاحنات المحملة بالمساعدات الغذائية والطبية والإغاثية، والتى تضاعف حجمها بالتزامن مع اليوم الأول لإعلان الهدنة الإنسانية بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، وهم فى كل تلك المزاعم والادعاءات قد كذبوا وفجروا وخانوا الإنسانية.

يكفى هنا أن نشير إلى أن المساعدات التى تم دخولها من مصر وما زالت تدخل تزيد بـ3 أضعاف عن المساعدات التى تأتى من الدول العربية والدول الصديقة، وبلغ حجم المساعدات الإنسانية العاجلة من التى تم إرسالها لقطاع غزة من مصر حتى شهر نوفمبر بــ6944.29 طن من مواد غذائية وأدوية ومستلزمات طبية ومياه وخيام وغيرها من المساعدات الأخرى، كما تستقبل يوميا المصابين الفلسطينيين من خلال أطقم الهلال الأحمر المصرى المدعومة بفرق دعم نفسى والذين يستقبلون المصابين من مرورهم من معبر رفح البرى، وحتى إيصالهم للمستشفيات فى مدينة العريش أو فى المستشفيات ألأخرى فى كافة المحافظات.

وكان الهلال الأحمر المصرى قد لعب دوراً كبيراً فى تقديم الدعم لقطاع غزة والفلسطينيين فى السنوات العشر الماضية لاسيما فى أعوام 2006، و2007، و2008 حيث أنشأ مع بدء الحصار بالتنسيق مع محافظة شمال سيناء والجمعيات الأهلية والمانحين بالمحافظات أماكن مؤقتة مزودة باحتياجات المعيشة الأساسية للعالقين الفلسطينيين على المعبر، ومع الاعتداء على غزة فى 2008 قام الهلال الأحمر المصرى بنقل المساعدات والمعونات الإنسانية إلى القطاع إذ أنشأ شبكة تعاون مع مكونات الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر والجمعيات الوطنية بالإقليم والجهات المانحة ومنظمات الأمم المتحدة والمنظمات الحكومية لتنسيق الجهود وتعزيز المساهمات الإنسانية لأهالى القطاع.

وقد قدرت المساعدات الإنسانية ومواد الإغاثة التى قدمها الهلال الأحمر المصرى إلى القطاع خلال السنوات العشر الماضية بـ 77 مليون جنيه مصرى شملت مواد غذائية ،ومهمات إغاثة، وأدوية ومستلزمات طبية. كما يقدم الهلال الأحمر المصرى دعما للفلسطينيين داخل مصر إذ يتحمل بعض نفقات علاجهم فى الداخل، ويدعم مستشفى فلسطين ببعض الأجهزة الطبية، إضافة إلى الدعم النقدى الذى يقدمه للهلال الأحمر الفلسطيني.

◄ اقرأ أيضًا | محمود مسلم: مصر دائما الأكثر دراية بالقضية الفلسطينية

◄ رد رسمي
الأمر المؤكد أن مصر سترد بشكل رسمى وقانوني على المزاعم الإسرائيلية فى محكمة العدل الدولية، وسترسل مذكرة للمحكمة لإرفاقها بملف القضية للرد على اتهامات غلق معبر رفح.. وهذا ما أكد عليه «الدكتور ضياء رشوان رئيس الهيئة العامة للاستعلامات» الذى أوضح أن مصر سترسل ردها الكامل مع الفريق القانونى لمحكمة العدل الدولية، علما بأن إثارة إسرائيل هذه القضية أمام المحكمة هو اعتراف رسمى منها بهذه الجريمة، كما أن القيادة السياسية والدولة المصرية لن تترك مصر نهبا لأى عابر سبيل وهؤلاء ضلوا سبيلهم وعمت قلوبهم ولم تعم أبصارهم.

من المعروف أن سيادة مصر تمتد فقط على الجانب المصرى من معبر رفح، بينما يخضع الجانب الآخر منه فى غزة لسلطة الاحتلال الفعلية، وهو ما تجلى فعليا فى آلية دخول المساعدات من الجانب المصرى إلى معبر كرم أبو سالم الذى يربط القطاع بالأراضى الإسرائيلية، حيث يتم تفتيشها من جانب الجيش الإسرائيلى، قبل السماح لها بدخول أراضى القطاع، وقد أعلنت مصر عشرات المرات فى تصريحات رسمية عديدة، بأن معبر رفح من الجانب المصرى مفتوح بلا انقطاع، مطالبين الجانب الإسرائيلى بعدم منع تدفق المساعدات الإنسانية للقطاع والتوقف عن تعمد تعطيل أو تأخير دخول المساعدات بحجة تفتيشها، كما أن عددا من كبار مسئولى العالم وفى مقدمتهم الأمين العام للأمم المتحدة قد زاروا معبر رفح من الجانب المصرى، ولم يتمكن واحد منهم من عبوره لقطاع غزة، نظرا لمنع الجيش الإسرائيلى لهم، أو تخوفهم على حياتهم بسبب القصف الإسرائيلى المستمر على القطاع.

المفاوضات التى جرت حول الهدن الإنسانية التى استمرت لأسبوع فى قطاع غزة وكانت مصر مع قطر والولايات المتحدة أطرافا فيها، قد شهدت تعنتا شديدا من الجانب الإسرائيلى فى تحديد حجم المساعدات التى ستسمح قوات الاحتلال بدخولها للقطاع، باعتبارها المسيطرة عليه عسكريا، وهو ما أسفر فى النهاية عن دخول الكميات التى أعلن عنها فى حينها، وفى ظل التعمد الإسرائيلى المستمر لتعطيل دخول المساعدات فى معبر كرم أبو سالم، لجأت مصر إلى تكليف الشاحنات المصرية بسائقيها المصريين بالدخول، بعد التفتيش، مباشرة إلى أراضى القطاع لتوزيع المساعدات على سكانه، بدلا من نقلها إلى شاحنات فلسطينية للقيام بهذا.

ما يؤكد سيطرة جيش الاحتلال الإسرائيلى على دخول المساعدات للقطاع وتعطيله المتعمد لها، ما طالبها به الرئيس الأمريكى جو بايدن بفتح معبر كرم أبو سالم لتسهيل دخولها، وهو ما أعلن عنه مستشاره للأمن القومى جيك سوليفان يوم 13 ديسمبر الماضى، باعتباره بشرى سارة، وإذا ما كانت السلطات الإسرائيلية ترغب حقيقة فى دخول المواد الغذائية والطبية والوقود للقطاع، فإن لها مع القطاع ستة معابر من أراضيها، عليها بفتحها فورا للتجارة وليس لدخول المساعدات، وخاصة أن هذه التجارة كانت قد بلغت مع قطاع غزة عام 2022 أكثر من 4.7 مليار دولار لصالح القطاع التجارى والصناعى الإسرائيلى.

◄ قضيتنا الأولى
منذ الوهلة الأولى للمساعى العالمية التى تستهدف ضياع الحق الفلسطينى، كانت الدولة المصرية تقف بالمرصاد، جهود استمرت مع تعاقب الرؤساء المصريين حتى يومنا هذا فى مواجهة مخطط التهجير القسرى للفلسطينيين وتصفية القضية، وعلى مدار أكثر من 5 عقود، لعبت مصر دون غيرها - دولة ورؤساء وشعبا - دورا تاريخيا وملهما للعديد من البلدان فى القضية الفلسطينية، باعتبارها جزءا لا يتجزأ من الأمن القومى المصري، وتقف دائما إلى جانب الشعب الفلسطينى فى نضاله من أجل حقوقه المشروعة وإقامة دولته المستقلة، ونجحت أن تكون وسيطا نزيهاً موثوقا فيه من كافة الأطراف، الجانب الفلسطينى بفصائله والجانب الإسرائيلى، كما نجحت فى رفع المعاناة عن كاهل الفلسطينيين فى حروب ست شنتها إسرائيل تساقط فيها عدد كبير من الشهداء الفلسطينيين.

الدكتور طارق فهمى، أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، قال إن دور مصر لإحلال السلام فى المنطقة وحصول الشعب الفلسطينى على حقه فى قيام الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود يونيو 1967، يعد من الثوابت المصرية على مدار عقود.

وأشار إلى أن خارطة الطريق المصرية كانت ولاتزال مفتاح الاستقرار فى المنطقة، وتستهدف أولا «إنهاء المأساة الإنسانية الحالية، وإحياء مسار السلام، من خلال عدة محاور، تبدأ بالتدفق الكامل والآمن، والسريع والمستدام، للمساعدات الإنسانية لأهل غزة، ثم التفاوض حول التهدئة ووقف إطلاق النار، ثم البدء العاجل، فى مفاوضاتٍ لإحياء عملية السلام، وصولًا لأعمال حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، التى تعيش جنبًا إلى جنب، مع إسرائيل، على أساس مقررات الشرعية الدولية، مع العمل بجدية على تدعيم السلطة الوطنية الفلسطينية الشرعية، للاضطلاع بمهامها، بشكل كامل، فى الأراضى الفلسطينية.

◄ أكاذيب لا تنتهي
«هذه الأكاذيب ليست الأولى ولن تكون الأخيرة من دولة اعتادت على نشر الشائعات وإلقاء التهم الباطلة على جيرانها»، هذا ما يؤكده الدكتور محمود السعيد، نائب رئيس جامعة القاهرة لشئون الدراسات العليا وأستاذ العلوم السياسية، والذى يوضح أن المتابع لسياسة إسرائيل منذ قيامها عام 1948 سيلاحظ أنها سياسة تقوم على الادعاءات الباطلة والأكاذيب الفجة وتزييف التاريخ، ويمكن أن نذكر هنا أشهر أربع أكاذيب اعتادت إسرائيل وآلتها الدعائية على ترديدها لأكثر من 75 عامًا، الكذبة الأولى التى تروج لها إسرائيل هى أن فلسطين هى دولة يهودية منذ 3000 سنة، فلا ينظر الإسرائيليون إلى أرض فلسطين باعتبارها أرضا محتلة أو مغتصبة، ولكنها بالنسبة إليهم هى حق مكتسب يجعل منهم أصحاب الأرض الأصليين، والكذبة الثانية وهى الأكثر استفزازا من الأولى هى ادعاؤهم بأن فلسطين لم يكن لها كيان سياسى قبل 1917 قبل الانتداب البريطانى على أراضيها فى 1918، وهى كذبة تفندها حقائق التاريخ، أما الكذبة الثالثة التى يروجون لها فهى أن الفلسطينيين لم يهجروا من أراضيهم فى 1948 و1967، بل فعلوا ذلك من تلقاء نفسهم، وهو غالبا ما سيرددونه مستقبلا عن غزة إذا لا قدر الله نجحوا فى مخططهم الحالى بتهجير أهل غزة، بينما الكذبة الرابعة هى أن إسرائيل لم تخض أى حرب طيلة تاريخها الملىء بالحروب إلا للدفاع عن نفسها، وهى أيضا كذبة ترد عليها الحقائق التاريخية المسجلة.

الدكتور أحمد يوسف، أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، يقول إن الأكاذيب التى ساقتها إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بأن مصر هى المتحكمة فى معبر رفح، ليس لها أى أساس من الصحة، مشيرًا إلى أن إسرائيل استهدفت معبر رفح من الناحية الفلسطينية لإعاقة وصول أى مساعدات إنسانية لأهالى قطاع غزة، وهذا الأمر يثبت مسئولية إسرائيل وليس مصر فى محاصرة القطاع، والأمم المتحدة أكدت أن إسرائيل تعوق وصول المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطينى ولم توفر ممرات إنسانية آمنة بل شنت حرب إبادة ضد الشعب الفلسطينى، ولو كنت قاضيا فيكفينى هذه الكذبة لكشف بطلان الادعاءات الإسرائيلية وبطلان ما جاء به الدفاع الإسرائيلى، وهذا يجعلنى أقول إنه بإمكانية مصر أن تقوم بتصعيد دبلوماسى ضد هذه الاتهامات كما يمكن لها أيضًا أن تنضم لدعوى جنوب أفريقيا والإدلاء برأيها فى الدعوى وسبق لمصر فى 2004 أن قدمت مذكرة بشأن الجدار العازل.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة