ريهاب عبدالوهاب
ريهاب عبدالوهاب


نحن والعالم

استراتيجية «الجدار الحديدى»

ريهاب عبدالوهاب

الجمعة، 26 يناير 2024 - 08:01 م

قلت فى المقال السابق ان تطبيق إسرائيل المنقوص لإستراتيجية «الجدار الحديدى»، التى وضعها زعيمهم الصهيونى زئيف جابوتنسكى فى العشرينيات، هو سبب فشل حروبها المتكرر.

هذه الاستراتيجية التى اعتمدها رؤساء وقادة إسرائيل على التوالى كأساس لأمن إسرائيل، كانت تقول انه فى ظل «الاستحالة الكاملة» لتحويل فلسطين من دولة عربية لدولة ذات أغلبية يهودية باتفاق طوعى مع الفلسطينيين، فمن غير المجدى فى تلك المرحلة المبكرة فتح حوار معهم، ولابد من تنفيذ المشروع الصهيونى من طرف واحد وباستخدام القوة.

لكن المفارقة ان هذه الاستراتيجية التى أوصت باستخدام مستويات عالية من العنف لإجبار العرب على قبول فكرة أن الدولة اليهودية موجودة لتبقى، لم تعارض فتح حوار مع الفلسطينيين فى مراحل تالية بعدما يشجون رؤوسهم بلا جدوى فى الجدار الحديدى ويدركون أنهم فى وضع لا يسمح لهم سوى بالتفاوض ليتحقق السلام ويتم الاعتراف المتبادل. 

وبالرغم من تبنيها الأمين لإستراتيجية جابوتنسكى القائمة على القوة الساحقة طيلة 75 عاماً، لم تطبق تل أبيب قط الشق المتعلق بالاتفاق والسلام مع الفلسطينيين.

ويرجع ذلك لتحول الفكر السياسى والجمعى الإسرائيلى نحو التطرف والتوسع الجغرافى والتفرد العرقى، وهو ما بدأ يتبلور فى التسعينيات مع اغتيال متطرف يمينى رئيس الوزراء إسحاق رابين لتوقيعه اتفاقية أوسلو للسلام مع الرئيس ياسر عرفات. ومن حينها عملت الحكومات الإسرائيلية المتوالية على تقويض «أوسلو» ورفضت مراراً وتكراراً المقترح العربى بالسلام الشامل مع اسرائيل مقابل دولة فلسطينية فى الضفة وغزة. 

ومع هيمنة نتنياهو وحزب «الليكود» على المشهد السياسى منذ 2010، بدأت فرص السلام تتلاشى وبدأت السياسة الإسرائيلية تنغمس اكثر فى مستنقع اليمين المتطرف لتتوارى فى غياهب النسيان رؤية جابوتنسكى بأن الحلول العسكرية كانت ضرورية فقط لتمهيد الطريق لتسوية سياسية. وهى الرؤية التى لو طبقتها إسرائيل لكان من الممكن أن تجلب السلام الذى بدونه ستظل الحروب تندلع وسيظل الأمن والاستقرار سراباً تطارده إسرائيل بلا طائل.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة