جمال حسين
جمال حسين


من الأعماق

العدل الدولية تنتصر للإنسانية

جمال حسين

السبت، 27 يناير 2024 - 07:23 م

رغم أن حكم محكمة العدل الدولية لم يلب طموحاتنا بإصدار قرار ملزم بوقف إطلاق النار ومجازر الإبادة الجماعية التى ترتكبها إسرائيل ليل نهار ضد الفلسطينيين فى قطاع غزة ..

إلا أن الحكم الذى صدر بإجماع الآراء يعد انتصارًا للعدالة وانتصارًا للقانون الدولى فى مواجهة القوة الإسرائيلية الغاشمة لأنه وضع إسرائيل فى قفص الاتهام وسوف يضطرها إلى مراجعة عملياتها الحربية التى يمكن أن تتحول إلى اتهامات ضدها بإبادة شعب ..

قرار المحكمة التاريخى أعاد الاعتبار لمكانة القانون الدولى وقيم العدالة الدولية والإنسانية وأكد أن إسرائيل لم تعد دولة فوق القانون وسيضع حدًا للعربدة الإسرائيلية التى استمرت ٧٦ عامًا دون رقيب ولا حسيب ويضعها تحت الوصاية الدولية لمدة شهر ويجعل من دولة جنوب أفريقيا مراقبًا عليها ترفع للمحكمة تقارير دورية..

الحكم سيكون داعمًا لكل الدول التى لجأت للمحكمة الجنائية الدولية لمحاكمة وتوقيف المتورطين فى حرب غزة وعلى رأسهم نتنياهو ومعاونوه ومحاكمتهم كمجرمى حرب.‏.

الحكم الذى قضى على سمعة إسرائيل عالميًا جاء بأغلبية ساحقة « ١٥ قاضيًا » بمن فيهم رئيسة المحكمة الأمريكية الجنسية ولم يعترض عليه سوى قاضيين فقط هما القاضى الإسرائيلى الخاص أهارون باراك والقاضية الأوغندية جوليا سيبوتيندى !!

الكثيرون تساءلوا لماذا لم تصدر المحكمة حكمًا بوقف إطلاق النار كما فعلت مع روسيا فى قضية أوكرانيا ؟

وجاءت إجابة رجال القانون الدولى لأن الحرب الدائرة فى عرف المحكمة بين دولة وحركة مسلحة وليس بين دولة ودولة والمحكمة تختص فقط بالأحكام التى تتعلق بالدول

‏فكيف ستصدر قرارًا بوقف إطلاق النار ضد إسرائيل وهناك حركة مسلحة ليست ملزمة قانونًا بهذا القرار ؟

خلال الجلسة التى استمرت ساعة واحدة بعد ظهر الجمعة تعلقت أنظار العالم بمنصة محكمة العدل الدولية فى «‫لاهاي» بهولندا انتظارًا لصدور الحكم فى القضية التى رفعتها دولة جنوب أفريقيا ..وكانت المحكمة على قدر الحدث، وأبقت القضية ضد «إسرائيل» حية ورفضت إسقاطها، وأمرت إسرائيل باتخاذ كل التدابير التى فى وسعها لمنع أعمال «الإبادة» الجماعية فى «غزة» وتقديم تقرير خلال شهر واحد يظهر امتثالها.

الحكم إدانة صريحة ومشينة لإسرائيل لارتكابها أعمالاً تشكل إبادة جماعية ويعد كذلك إدانة غير مباشرة لكل الحكومات التى ساعدت إسرائيل وأيدتها فى عملياتها العسكرية فى غزة مثل بريطانيا وفرنسا والمانيا.

دولة جنوب إفريقيا رحبت بالحكم وقالت إنه يمثّل انتصارًا حاسمًا لسيادة القانون الدولى ومنعطفًا مهمًا فى السعى لتحقيق العدالة للشعب الفلسطينى وعلق وزير العدل بجنوب إفريقيا على الحكم قائلاً : نعتقد أن الرئيس الراحل نيلسون مانديلا سيبتسم فى قبره لأنه من المدافعين عن اتفاقية الإبادة الجماعية.

الخارجية الفلسطينية أشادت بالحكم وقالت إنه تأكيد مهم بأنه لا يوجد دولة فوق القانون وأن قضاة المحكمة حكموا لصالح الإنسانية والقانون الدولي.

الحكم أشعل ثورة غضب داخل إسرائيل ووصفه رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو بأنه عار ووصف المحكمة بأنها معادية للسامية ولا تسعى للعدالة بل لاضطهاد الشعب اليهودي.

..الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش أكد أن قرارات محكمة العدل الدولية ملزمة وأنه على ثقة بأن جميع الأطراف ستلتزم بها بموجب ميثاق الأمم المتحدة وقال إنه سيحيل قرار المحكمة فورًا إلى مجلس الأمن الدولى الذى سيعقد جلسة خاصة الأربعاء القادم بخصوص هذا الشأن بدعوة من الجزائر العضو العربى بمجلس الأمن ويتعين على مجلس الأمن أن يصدر قرارًا بوقف إطلاق النار بموجب مسئولياته الواردة فى ميثاق الأمم المتحدة لكن الخوف كل الخوف من الفيتو الأمريكى المعتاد الذى يلوح دائمًا فى الأفق !!

الاتحاد الأوروبى أكد أنه يتوقع تنفيذًا كاملًا وفوريًا لقرار محكمة العدل الدولية مطالبًا إسرائيل بأن تبذل كل ما فى وسعها لمنع وقوع أى أعمال إبادة فى قطاع غزة.

ومع أن أحكام محكمة العدل الدولية التى تعد أعلى سلطة قضائية فى العالم نهائية وملزمة للجميع وغير قابلة للطعن إلا أن المحكمة لا تملك أى سلطة لتنفيذها سوى مجلس الأمن المقيد بالفيتو الأمريكي

لكن على الجميع أن يعلموا أن هذا الأمر سيضعهم أمام اختبار سياسى وأخلاقى وإنسانى حقيقي!

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة