د. سارة الذهبى
د. سارة الذهبى


يوميات الأخبار

و أحب نفسى إزاى؟

الأخبار

السبت، 27 يناير 2024 - 07:59 م

«ارضاء الناس غاية لا تُدرك» .. اهتم انك ترضى اللى بتحبهم بس متنساش نفسك.. انت اتخلقت عشان ترضى ربنا عز وجل

كل ما تفتح السوشيال ميديا تلاقى فيديوهات تقولك «حبّى نفسك».. تقرأ كتاب يقولك «لازم تحب نفسك» .. هو ايه الموضوع بالظبط؟ 

كنت فاكرة ان جملة «حبى نفسك» بديهية.. كلنا فاهمينها وقادرين نعملها، لكن تعليقاً على فيديو ليا بيتكلم عن نفس الموضوع وصلتنى مئات الرسائل بتطلب منى أفهمهم ازاى يحبوا نفسهم؟ 

واتأكدت ان فى مشكلة لما تواصلت مع ستات وبنات فى مراحل عمرية مختلفة وعندهم مشاكل فى حياتهم وسألتهم بتحبوا ايه؟ بتكرهوا ايه؟ ايه نقط قوتكم وايه نقط ضعفكم؟ واتفاجئت بصمت لم أفهم معناه.. ونظرات كلها قلة حيلة وحيرة.. نظرات كلها استعطاف انى أجاوب بالنيابة عنهم عن الأسئلة الشخصية دى! 

هنا اتأكدت فعلاً ان فى مشكلة..

اعتدنا ان كل فترة بيظهر تريند معين.. بتظهر مصطلحات كإنها موضة، الكل بيستخدمها ويتداولها سواء فاهمها أو مش فاهمها، بالظبط زى جملة «سترونج اندبندنت وومان strong independent woman “.. دلوقتى التريند هو حب الذات بس الجميل انه تريند مفيد..

تعالوا نبدأ الموضوع من أوله..

ازاى نحب نفسنا بجد؟ 

هسألك سؤال : تقدر تحب حد انت متعرفوش؟ 

انت لما بتتعرف على شخص جديد بتقرّب منه.. بتهتم بكل تفاصيله.. بتعرف معلومات عنه.. بيحب ايه، بيكره ايه؟ مميزاته، عيوبه.. ايه اللى بيزعله و ايه اللى بيفرحه؟ 

وبتحاول تظهرله اهتمامك بيه فى كل موقف..

طيب هل انت تعرف المعلومات دى عن نفسك؟

يبقى ازاى هتحب نفسك وانت متعرفهاش؟

هطلب منك تعمل تمرين.. تقعد مع نفسك فى مكان هادي، وانت ذهنك صافى وبتشرب مشروبك المفضل وهات ورقة وقلم واكتب كل المعلومات اللى تعرفها عن نفسك..

انت مين؟ نقط قوتك، نقط ضعفك.. بتحب ايه، بتكره ايه؟ ايه طموحاتك و أهدافك؟ بتخاف من ايه؟ 

لإن اجاباتك دى هتنورلك حاجات كتير أوى، هتعرّفك بتحب ايه فا تعمله لنفسك وتطلب من اللى حوليك يعملوه.. وبتكره ايه فا تقول للى حوليك عليه فا ينتبهوا وفى الحالتين ده هيقوّى ويحسّن علاقاتك بالآخرين وهيريحك..

عارفين ليه فى ناس كتير بتشتكى ان معندهاش ثقة بنفسها؟ لإنهم يجهلوا مواطن قوتهم، فا هتجيلهم ثقتهم بنفسهم منين؟ 

وعارفين ليه فى شخصيات بيتم استغلالهم من الآخرين؟ لإنهم يجهلوا نقاط ضعفهم وبيتم استغلالها ضدهم.. 

لما بتعرف نقاط ضعفك بتحمى نفسك من الاستغلال وبتعرف ايه اللى انت محتاج تطوره فى شخصيتك وحياتك ..

دلوقتى انت عرفت نفسك.. محتاج تعرف تتعامل معاها ازاى؟

وقّف لغة الحوار الداخلية السلبية الهدّامة بينك وبين نفسك..

لازم التعامل يكون أساسه الرحمة والتعاطف..

تخيل لو شخص عزيز عليك قالك انا عملت كارثة وبيحكيلك وهو منهار قد ايه هو غبى ومتهور فى قراراته.. هتتصرف معاه ازاى؟ هتحتويه.. هتحضنه.. هتقوله متقولش على نفسك كده وهتعدّد مزاياه وصفاته المميزة..

هل انت بتعمل كده مع نفسك لما بتغلط؟ والا بتجلدها وتسىء إليها وتنهال عليها بسيل من الشتائم..

كام واحد فينا لغة حواره الداخلية مع نفسه: «انت فاشل/ انت غبى/ انت لا تستحق/ انتِ مقصرة/ انتِ مهملة… الخ» 

فى كتاب اسمه how to heal your life «كيف تتعافى حياتك؟» للكاتبة لويز هاى بتقول ان حوارك الداخلى مع نفسك ليس حوار بينك وبين نفسك فى سنها الحالى! و لكن حوار بينك و بين نفسك و انت طفل عندك ٧ سنين بالظبط.. 

ومن هنا هندخل على التمرين الثاني..

من فضلك هات صورة لنفسك وانت طفل عنده ٧ سنين، صورة كلها براءة ونقاء، وكلمها زى ما بتكلم نفسك دلوقتى.. قولها انت شخص فاشل/ غبى/ لا يستحق.. هل هتقدر؟ هل قلبك هيطاوعك؟ وأوصف شعورك لو الكلام ده اتقالك فى السن ده..

خدها قاعدة: الكلام اللى تخاف تقوله للناس عشان هيجرح مشاعرهم وهيوجعهم اوعى تقوله لنفسك.. انت أولى بالرحمة و التعاطف

مش هتقدر تحب نفسك طول ما كل هدفك فى الحياة ارضاء الناس وازاى تكسب حبهم كلهم.. كل طاقتك هتخلص على اللى حوليك وفى الآخر مش هتلاقى طاقة عشان تحب نفسك.. «ارضاء الناس غاية لا تُدرك» .. اهتم انك ترضى اللى بتحبهم بس متنساش نفسك.. انت اتخلقت عشان ترضى ربنا عز وجل.. ما توهش..

ازاى هتحب نفسك وانت دايرتك القريبة فيها ناس مُتعبة، دائمى النقد واللوم والجلد! طول الوقت بيتهموك ومطلوب منك تبرر تصرفاتك وكلماتك مع انك أصلاً مش فى وضع اتهام، ازاى هتحب نفسك وانت فى الوضع ده، بالعكس هتكره نفسك وتشوف نفسك اسوأ كائن على وجه الأرض..
هتقول ما ساعات أقرب المقربين بيتعاملوا معانا بالطريقة دى ومنقدرش نقطع معاهم.. صح، فى علاقات مينفعش نقطعها لكن نقدر نتحكم فى أثر كلامهم علينا وتأثيره على نفسيتنا.. ولما هنحجّم تأثيرهم علينا هنرتاح وهنعمل فلترة لكلامهم وتصرفاتهم ، و ده هيخفف من احساسنا بجلد الذات المستمر..
لكن لو الناس المُتعبة دى تقدر تخرجهم من حياتك.. اعمل كده.. لأن احساسك الدائم انك مُتهم لو قدرت تستحمله النهاردة مش هتقدر تتعايش معاه بكرة..

لازم عشان تحب نفسك.. تطورها.. تعرف انت بتحب ايه وتجتهد عشان تتفوق فيه.. تتعلم مجالات جديدة.. و كل ده بتعمله لنفسك مش عشان ترضى حد.. انت عشان بتحب نفسك هتاخد بالك من صحتك.. مش عشان محدش يعايرك بصحتك.. انت عشان بتحب نفسك هتاخد الكورس الفلانى مش عشان متبقاش قليل فى نظر حد! ولازم متقارنش تطورك بتطور غيرك لإن كل واحد ليه ظروفه وحياته ومن الظلم تقارن تطور نفسك بتطور غيرك..

ترجم حبك لنفسك لأفعال.. مهما كانت بسيطة.. وحتى لو انت مش متعود تعمل كده..

وحتى لو معندكش وقت.. حتى لو انت أم وولادك لسه صغيرين  وبيستهلكوا معظم وقتك، مش مطلوب منك غير كلمة حلوة لنفسك تقوليهالها.. فكرى نفسك بإنجاز واحد عملتيه فى يومك مهما كان بسيط، حتى لو كان قراءتك لصفحة واحدة فى كتاب، حتى لو كان انجازك غدوة حلو، ان ولادك نُضاف وصحتهم كويسة.. كل دى انجازات.. هتفرق فى نفسيتك وحبك لنفسك..

لو تقدرى عبّرى عن حبك لنفسك بأكلة بتحبيها، شيكولاتة، تنزلى تتمشى شوية مع نفسك، تتفرجى على فيلم بتحبيه بهدوء.. خصصى وقت تحبى فيه نفسك من غير ما تستنى حد تانى يحبك.. لو انتِ محبتيش نفسك متنتظريش من حد يحبها..

أنا عارفة ان فى ناس مش قادرة تحب نفسها بسبب صدمات من الطفولة.. عاشوها.. أنا متفهمة ده جداً بس للأسف لو انت مساعدتش نفسك وحاولت تلاقى حل وتطلب المساعدة من مختص لو مقدرتش تتعافى لوحدك فا انت المتضرر الوحيد..

انا عارفة ان مش سهل شخص متعودش يحب نفسه وبيقسو عليها دايماً انه يتغير.. و ان التغيير محتاج مجهود بس انت المسئول الأوحد عن حياتك وسعادتك..
انت تستاهل تحب نفسك

وتستاهل تتحب

وكلنا بنغلط وبنتعلم

متخليش نظرتك لغلطاتك تخليك تمحى كل حاجة جميلة عملتها فى حياتك..
حب نفسك مش عشان ده تريند عشان انت هتتعب أوى لو فضلت مكمّل كده!

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة