خالد العيسوي
خالد العيسوي


جلد الإعلام العربي...لصالح من؟

بوابة أخبار اليوم

الأحد، 28 يناير 2024 - 10:14 ص

الخميس الماضي، كانت العاصمة الأردنية عمان على موعد مع تنظيم المنتدى العالمي للتواصل الاجتماعي وذلك تحت شعار "بناء قطاع إعلامي مرن ومستدام"، بحضور عدد كبير من الإعلاميين والصحفيين من الدول العربية، وقد تشرفت بالدعوة لهذا المنتدى الذي تأملت فيه ومن عنوانه وشعاره، حلقات من المناقشة لوضع حد لعدم الثقة بين الإعلام في دولنا العربية وشعوبها عقب فترة ما أطلق عليه الربيع العربي الذي هز كيان الإعلام وخصوصا الرسمي بين الشعوب، في وقت كانت المؤامرة تشعل هذا الانهيار، ولكن هذا الأمل يبدو أنه غير مفعل وغير منطقي ولا قريب وخصوصا في ظل للأسف خبراء إعلام عرب وأساتذة ربما مسميات لا أكثر من ذلك مع الاحترام الشخصي للجميع.

الحقيقة أن جلسات المنتدى كانت تحمل عناوين مهمة حيث يجمع شخصيات وقادة وسائل الإعلام وصناع المحتوى العرب، وكان من المقرر أن تناقش هذه العناوين - أحدث المستجدات والتحديات لوسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، وتأثير الذكاء الاصطناعي على وسائل الإعلام الإخبارية، وكيفية إعادة تشكيل التكنولوجيا الناشئة لمستقبل وسائل الإعلام، والفرص والقيود والاستخدامات الرقمية، ودمج رسائل الاستدامة في حملات الإعلان على وسائل التواصل الاجتماعي - وغير ذلك من العناوين.

وفي أحدى الجلسات واعتقد أنها كانت تحمل عنوان تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على وسائل الإعلام الإخبارية منها، وكانت تضم في مقاعدها خبراء ونجوم من الإعلاميين العرب، إلا أننا وجدت أن الحوار يدور حول تأثير هذه الوسائل الإفتراضية على وسائل الإعلام الإخبارية العربية، وللأسف الشديد ومع تركيزي على المصطلحات والمفاهيم التي تحتوي على النقاش، إذ بأحد المشاركين وهو شخصية محترمة للغاية وصاحب باع طويل في الإعلام العربي وربما المصري أيضا، وكان الحديث يدور بشكل عام عن الإعلام العربي ومقارنته  بالإعلام الغربي...وإذ بهذا الزميل العزيز القامة الإعلامية الرفيعة بدون إي أسباب يقحم الإعلام المصري الرسمي في المناقشة بدون -اعتقد ذلك- إي مجال لذلك لأن الموضوع مفتوح وعام على الإعلام العربي، وللأسف يبالغ هذا الزميل العزيز ويقول أنا هنا أتحدث عن الإعلام المصري..ويزيد.. أن الإعلام المصري الرسمي يعتمد على وسائل التواصل الاجتماعي في الحصول على المعلومات والأخبار، هذا بعد أن أخذ وقته في مدح الإعلام الغربي وجلده للإعلام العربي رغم كونه عضو أساسي فيه ويعمل فيه منذ سنوات وكأنه يريد أن يتبرأ من ما قام به خلال سنوات عمله كمذيع ومحاور كبير في بعض القنوات العربية والمصرية..رغم أنه صاحب مدرسة روسية تارة وبريطانية تارة أخرى بنسختها العربية.

هنا لأزمة الكبيرة التي وقع فيها الزميل العزيز، وهى كيف تتحدث عن إعلام مصر الرسمي وتقول إنه يحصل على معلوماته وأخباره من وسائل التواصل الاجتماعي وكيف تتحدث عن الإعلام العربي بأنه لا يعرف للمهنية عنوانا، لماذا كل هذا الجلد؟؟ أليس الإعلام الغربي قد نكشف بشكل واضح منذ زمن بعيد! ...أليس الإعلام الغربي هو من دمر العراق بعد أن جعل من الدولة العراقية خطر على محيطها العربي لأنها تمتلك القنبلة النووية! ..أليس الإعلام الغربي هو من خلق الربيع العربي ودعم تدمير الدول العربية ومنها مصر ولكنه لم يفلح.. في وقت دمر سوريا وليبيا واليمن!... أليس هذا الإعلام الغربي هو من ظهرت عدم مهنيته بكل وضوح أكثر وأكبر منذ قرابة 3 سنوات عندما اندلعت الحرب الروسية الأوكرانية وكيف كانت الرواية في الإعلام الغربي والأمريكي بأنه غزو روسي! ...والآن ومع انعقاد هذا المنتدى العالمي، ظهرت حقيقة هذا الإعلام الغربي منذ الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة واعتبرها ، رغم هذا القتل والتدمير، دفاع عن النفس وحق لإسرائيل، فيما كانت مقاومة المحتل غزو من وجهة نظره !، هل كل هذا وأكثر.. وللأسف مازالت هناك أصوات عربية ...وللأسف أيضا من أصحاب المهنة في الإعلام والصحافة - وطبعا منهم هذا الزميل العزيز صاحب المدارس المختلفة في الإعلام وأخيرا في أحدى القنوات التي ظهرت قوتها في أزمة غزة ولها دور كبير في نقل الصورة والحقيقة - يتحدثون عن مهنية الإعلام الغربي ويقولون إنها لا تقل عن 95% ..فيما أن الإعلام العربي لا مهنية له ويجب جلده وتمزيقه بدلا من تقويمه وإصلاحه لأنه أيضا يمتلك من المهنية التي تزيد عن هؤلاء المتشدقون بالحرية وحقوق الإنسان ويضحكون علينا بها رغم أنها سقطت منذ سنوات والآن مع حرب غزة أصبحت دون وجود بل اكتشفنا نحن كعرب أنها كانت أكذوبة غربية أمريكية لمجرد تدمير العالم العربي وفقد الثقة بين شعوب هذا العالم وحكومته وأنظمته الحاكمة لمجرد أن يحققوا أهدافهم في القضاء على العالم العربي وحضارته وقدرته على أن يكون مؤثرا وينهبون خيراته ويجعله دائما في حالة صراع .

أليس من العيب على هؤلاء الذين كانوا يتصدرون المشهد في هذه الجلسة النقاشية في المنتدى أن يجلدون في إعلامهم العربي، وهذا الزميل للأسف في إعلام بلده ووطنه، دون الحديث عن النماذج العربية في الإعلام التي نجحت فقط خلال سنوات قليلة أن تكون مؤثرة وأيضا ظهرت بقوة في الحرب على غزة وكانت تنقل الواقع الكارثي في غزة للعالم ونجحت في تعديل الصورة الشعبية الغربية جراء ما يحدث في غزة.. أليس هذا بنجاح زميلي العزيز صاحب الخبرة المهنية الكبيرة في مختلف المدارس، أليس هناك إعلاما عربيا مميزا يستطيع أن يقلب موازين القوى الشعبية الإعلامية في الغرب؟ ..بلى ظهر مؤخرا في الحرب على غزة ، أليس هناك قناة عربية مصرية كانت ينقل عنها في وسائل الإعلام الأمريكية والغربية ؟ ..بلى كانت موجودة في المشهد الدولي رغم كونها وليدة في هذا الفضاء العالمي.

نعم زميلي العزيز، وحتى أكون على قدر من المهنية، لدينا إعلام مصري قوي وكبير ومؤثر سواء كان رسميا وحكوميا أو غير ذلك، يحتاج إلى تقويم وإصلاح وتغير...نعم ...يحتاج.. لكن لديه إمكانيات كبيرة.. بشرية ومادية ويستطيع أن يكون رقما في الإعلام الدولي...نحتاج إلى قدر من الحرية...نعم ..نحتاج.. ولكنها يجب أن تكون حرية مسئولة وقادرة على أن تخلق وعى لدى المواطن وتعيد الثقة بينه وبين إعلامه..ولا تكون حرية لمجرد أن يقول عنك أنك إعلامي محايد ومهني..الإعلام يا زميلي العزيز وأنت أستاذي وأكثر مني خبرة.. لم يكن يوما محايدا سواء غربا أو شرقا أو جنوبا أو شمالا...الإعلام الأمريكي والبريطاني الذي قدمته خلال النقاش على أنه مصدر للمعلومات والأخبار الصحيحة وضربت مثلا بهيئة الإذاعة البريطاني بى بى سي أو كما قولت راديو لندن لم يكن إلا مجرد أكذوبة للشعوب العربية حتى تفقد ثقتها في الإعلام العربي على مدار التاريخ وجاءت الحرب الروسية الأوكرانية وأخيرا الحرب على غزة لتضع النقاط على الحروف وتسقط كل هذه الأقنعة التي تبثها وسائل الإعلام الغربية والأمريكية يا صديقي.

ورغم أنك زميلي العزيز، حاولت في نهاية الجلسة أن تتحدث عن عدم رغبتك في جلد الذات، إلا أنني أرى أنك قد دمرت الذات وكسر الإناء ولم تقدم روشتة حقيقية من خبراتك لتعديل وتصحيح مسار الإعلام العربي وتقويمه وأن نستغل هذه النكسة التي حدثت للإعلام الغربي والأمريكي في حرب غزة ليصبح الإعلام العربي قادرا على أن يكون مصدرا للمعلومات والأخبار.. ولكن للأسف رغم اعترافك بأنك كنت تعمل في إعلام روسي وكان لديه أجندته الواضحة إلا أنني كنت أتمنى منك، زميلي العزيز والحميد والكبير وصاحب الخبرة، أن تقول أيضا إنه يحق لإعلام العربي وخصوصا المصري أن يكون له أجندته الخاصة ليحقق أهدافه في تقوية الدولة المصرية وإعادة دورها الريادي وتوضيح موقفها الدولية وسياستها الخارجية ويدافع عن الدولة التي مرت ومازالت تمر بظروف صعبة منذ عام 2011 وستبقى هدفا لأصحاب المصالح وأهل الشر، ومستهدفة من كافة المحاور الاستراتيجية على حدودها، وبالتالي لا أعتقد أن إعلامها يحتاج للجلد وإنما يحتاج للتقويم والإصلاح والخبرات وإعطاء روشتات علاجية قابلة للتنفيذ مع الحفاظ على الأهداف.

وأخيرا، أقول لك زميلي المهني الإعلامي الكبير، أنا هنا لا انتقدك بقدر ما اعتب عليك، وأيضا أدافع عن الإعلام المصري الرسمي الذي قلت أنت - وهذا غير صحيح وخطأ مهني كبير منك - أن هذا الإعلام الرسمي يحصل على معلوماته وأخباره من وسائل التواصل الاجتماعي...الإعلام المصري الرسمي يحصل على معلوماته وأخباره من مصادرها الرسمية ، وحتى يا زميلي العزيز، الإعلام الغير رسمي في مصر يحصل على معلوماته وأخباره من مصدرها أو مصادر ناقلة لها مع ذكر هذه المصادر، وهذا الرد منى كنت أتمنى أن أرد عليك في المنتدى نفسه ولكن للأسف كان وقت هذه الجلسة قد انتهى وبالتالي فأنا هنا معك فقط للرد وليس للتقليل من قدراتك أو خبراتك فأنت صاحب مقام رفيع مثل الإعلام المصري تماما رغم ما به من أخطاء تحتاج للمراجعة ولكن يبقى إعلام مصر وصوتها للعالم.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة