محمد بغدادى ومجدى نجيب
محمد بغدادى ومجدى نجيب


محمد بغدادي..غاب القمر عن "شبابيك" الشعـر والغناء

أخبار الأدب

الأحد، 18 فبراير 2024 - 01:37 م

منذ صدور ديوانه الأول (صهد الشتا) عام 1964.. استطاع  مجدى نجيب أن يفتح لنفسه على استحياء نافذة صغيرة يطل منها على شعراء الرعيل الأول المؤسسين لحركة شعر العامية.

وكان هذا الديوان أول (الشبابيك) التى أطل منها علينا قمر مجدى نجيب.. عندما صمم ورسم بالكلمات غلاف ديوانه الأول ورسومه الداخلية.. وتصدر الغلاف مطلع القصيدة التى يحمل الديوان عنوانها. معلنا عن مولد صوت شعرى جديد ولكنه مختلف.

اقرأ أيضاً| مسعود شومان.. الوردة بتقدر تتكلم.. وتقول الصح المغني خارج سرب الكتلة

ومن «صهد الشتا» أصبح له صوت شعرى خاص به.. فاستطاع أن يقف بأعماله الشعرية الباكرة بجوار الصف الأمامى، مع الرعيل الأول من الشعراء الكبار الذين أسسوا لقصيدة العامية المصرية.. فتميزت أعماله بين الكبار: فؤاد حداد، صلاح جاهين، عبد الرحمن الأبنودى، وسيد حجاب.

وتوالت أعمال مجدى نجيب.. فبعد ذلك صدر له «ليالى الزمن المنسي» 1974.. «مقاطع من أغنية الرّصاص» 1976.. «ممكن» 1996.. «الوصايا» 1997.89.



انطلق الفنان والشاعر مجدى نجيب ليبدأ رحلته الإبداعية فى تواضع نبيل.. عبر مسارات متنوعة، لم يكن يعرف المزاحمة، ولا يجيد الإعلان عن نفسه، من يبحث عنه يجده بلا عناء.. ولكنه لم يبحث عن الشهرة أو الإعلام، فهو راهب ومتصوف يعيش فى عالمه الخاص، بين «موسيقى الشعر.. والألوان».. إذا كان يمتلك بصمة لا تخطئها العين فى الإخراج الفنى والمجلات والكتب، ورسوم الأطفال.. وأصبح صاحب مدرسة متميزة فى الرسوم الصحفية. فظهرت رسومه فى العديد من الصحف والمجلات.. ولعل أبرزها فى البداية أغلفة وحكايات مجلة «صباح الخير».. وهى رسوم نادرة ظهرت عام 1964.

عندما دخل الشاعر مجدى نجيب عالم الغناء.. قدم أغنية جديدة بكلمات بسيطة مرهفة الحس، ولحن له كبار الملحنين، وغنى له معظم المطربين، فانفرد بدور بارز وحضور خاص فى الأغنية المصرية فى العصر الذهبى للغناء، فارتقى بمشاعر الأغنية المصرية فى زمن العمالقة، وعندما نتتبع كلمات أغانى الشاعر مجدى نجيب تشعر دائما أنه يكتب ما تعنُّ به نفسه، حين يغمره الحنين للكتابة يضع فى قلمه روحا سحرية مترعة بالصور الغنية بالحياة والألوان.. وكأنها نسيم الروح، تزداد كلماته جمالا كلما تماهت المسافات بين الصدق، ومهارة الصنعة.. وحين تفيض أغانيه العاطفية بالمأثوراث الشعبية.. يسكن مفرداته حكمة البسطاء.. وبكارة الحس الشعبي.

ومن أبرز ما قدمه للأغنية المصرية: «كامل الأوصاف» لعبد الحليم حافظ، «قولوا لعين الشمس» و»غاب القمر» لشادية، و»كل شىء يا بلادي» لنجاة الصغيرة، أغنيات فيلم «مولد يا دنيا» لعفاف راضى، و«مركب حبيبى» لمحمد قنديل، و«سندباد» لماهر العطار، و«أفراح» لمحمد رشدى، و«العيون الكواحل» لفايزة أحمد، «سيبونى أحب» لهانى شاكر، «جانى وطلب السماح» لصباح، وكتب لمحمد منير 22 أغنية منها: «شبابيك» و«حواديت» و«من أول لمسة».
 
حين التقينا فى قاعة قرطبة لافتتاح معرض «شبابيك» لم أكن أعلم أنه اللقاء الأخير.. فالشاعر والفنان التشكيلى مجدى نجيب له عندى مكانة خاصة فى القلب والعقل والوجدان.. فهو الصوت المتميز فى المشهد الشعرى، ومذاق خاص فى ذاكرة الغناء، وبصمة مختلفة فى الرسوم الصحفية والتصوير.

وكانت أغانى محمد منير هى موضوع معرضه الأخير لذلك أطلق عليه اسم «شبابيك».. الذى ضم مجموعة كبيرة من أعماله تضمنت كلمات أغانى محمد منير.. بالإضافة إلى مجموعة أخرى من اللوحات تضمنت أشعاره.. فلوحاته دائما تشيع البهجة بألوانها الصريحة المبهجة، حتى إنك تشعر وكأنها رسوم شعبية لفنان تلقائى، فلمساته عفوية، وشخصياته كما عودنا بخطوط بسيطة عبر تكوينات فردية وجماعية لكائنات مدهشة مستوحاة من التراث.. والسير الشعبية.. قدم خلالها تجربة جديدة ومختلفة، ولكنه كمن يكمل مشروعا ممتدا على مسار تجربته الفنية.. فهو يمزج هنا بين الحالة الغنائية التى يعبر عنها فى شعره وأغانيه، وبين الأعمال التشكيلية التى تتميز بالشاعرية والبهجة والألفة.. التى تعبر عن رؤيته الخاصة للحياة من خلال الفن التشكيلى.

وواصل مجدى نجيب فى هذا المعرض وضع بصماته الأخيرة لمشروعه التشكيلى فى إطار جديد، فهو يستعرض عبر كائناته المدهشة، ولوحاته أو منمنماته حالة خاصة من الإبداع.. مستلهما مفردات ورموز بصرية من عالمه الشعبى الساحر.. فهو يرسم كأنه يغنى.. ويغنى كأنه يرسم.. فلوحاته بطاقات معايدة ملونة عامرة بالبهجة والحضور الإنسانى.

 ومن خلال الأغنية.. والشعر.. أطل علينا مجدى نجيب هذه المرة الإطلالة الأخيرة من «شبابيك» البهجة بتأكيد جديد  للعلاقة بين الرسم والشعر والأغنية.. بحثا عن عالم جديد.. فكانت إطلالته الأخيرة، لوحته الأخيرة وأغنيته الأخيرة: «غاب القمر.. قمر جديد يغيب عن شبابيك الفن والشعر والغناء».  


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة