فلسطينيون يصطفون لجلب الطعام
فلسطينيون يصطفون لجلب الطعام


«حرب البطون الخاوية»| سلاح التجويع الإسرائيلي ضد المدنيين

الأخبار

الإثنين، 26 فبراير 2024 - 06:54 م

 كتبت: مروة جابر

صرخات رضع طلبا للحليب لسد جوعهم.. دموع صامتة عاجزة تسرد وراءها هولا ومآسى لم ترها العين.. بطون خاوية تصرخ كوحش كاسر يتلذذ بالفتك بضحاياه، هكذا تتجلى العنصرية والوحشية فى أبشع صورها، مع إعلان واضح ووقح من قبل مسئولى الاحتلال الإسرائيلي عن استخدام التجويع كسلاح متعمد للإبادة والقمع.

والتجويع هو استراتيجية قديمة تم استخدامها عبر التاريخ بواسطة العديد من القوى الاستعمارية، وتعتمد هذه الاستراتيجية الاستعمارية على استخدام الغذاء كسلاح من خلال حرمان السكان فى بلد ما من الموارد الغذائية كوسيلة للضغط أو كعقاب.

وفى العصر الحديث، تم استخدامها فى أوقات الحرب العالمية وفى سياقات استعمارية مختلفة. وأحد الأمثلة التاريخية البارزة لاستخدام سلاح التجويع من قبل القوى الاستعمارية كان فى الإمبراطورية البريطانية خلال المجاعة الكبرى فى أيرلندا (1845-1852)، وفى القرن الـ20، استخدمت القوى الاستعمارية والقوى الإمبريالية سلاح التجويع فى سيناريوهات مختلفة. وعلى الرغم من أن تجويع المدنيين كأسلوب حرب محظور بموجب المادة 54 من «البروتوكول الإضافى الأول لاتفاقيات جنيف» والمادة 14 من «البروتوكول الإضافى الثاني»، فإن الحكومة الاسرائيلية تواصل منع وحرمان الفلسطينيين فى قطاع غزة من مصادر الغذاء والإمدادات، بينما يقف المجتمع الدولى دون فعل حقيقى يرغم العدو على وقف العدوان الهمجى، أو حتى تسهيل إدخال وتقديم المساعدة الإنسانية السريعة ودون عوائق إلى قطاع غزة. ويعكس الاحتلال بشكل صارخ التجاهل المطلق للمبادئ والقوانين الدولية، حيث لا ينظر إلى الفلسطينيين كبشر، بل كعقبات تحول دون تحقيق أهدافه الاستعمارية والهمجية.

وتجسد سياسة الحرمان من الغذاء والماء تجلياً صارخاً لهيمنة الدولة الاسرائيلية الفاشية، سواء على الصعيد العسكرى أو السياسى، وتعد بمثابة إحدى أدوات الإبادة الجماعية التى يتبناها بكل وقاحة. وبعد فشل جيش الاحتلال الإسرائيلى فى حسم المعركة وتحقيق ولو جزء بسيط من أهداف العدوان على غزة، وفى ظل تضاعُف خسائره البشرية والمادية اصبحت حكومة العدو تستخدم تجويع المدنيين أسلوباً وسلاحاً للحرب على قطاع غزة، مما يُشكل جريمة حرب. ولم يعد فى قطاع غزة غذاء يسد الرمق، بعد أن أحرقت آلة العدوان الإسرائيلية الأخضر واليابس.. أما المساعدات الإنسانية فلا يصل منها إلا القليل. وتفتح المعابر لتمر منها بعض شاحنات محملة بالأغذية، لتعود للإغلاق تارة على أيدى المستوطنين وأخرى بانتظار إرادة سياسية. ومن أجل البقاء، لجأ الفلسطينيون إلى أعلاف الحيوانات، وأصبحت الأعشاب وبقايا المزروعات مصدرًا آخر يبقيهم على قيد الحياة.

ومنذ بدء معركة «طوفان الأقصى» فى السابع من أكتوبر الماضى، أدلى مسئولون اسرائيليون كبار، منهم وزير الحرب يوآف جالانت، ووزير الأمن القومى إيتمار بن غفير، ووزير الطاقة يسرائيل كاتس.. وغيرهم بتصريحات علنيّة أعربوا فيها عن نيّتهم حرمان المدنيين فى غزة من الغذاء، والمياه، والوقود، وهذه التصريحات تعكسها العمليات البرية لجيش الاحتلال. وقد عمدت سلطات الاحتلال إلى إغلاق المعابر إغلاقًا شبه تام وحرمت حوالى 2٫4 مليون نسمة -فى ظل استهداف المخيمات والمدن والقرى صباح مساء بقصف عنيف دمر الخدمات والبنى التحتية وخلف إلى هذه الأثناء أكثر من مائة ألف من الشهداء والمصابين- من الحصول على الحدّ.

الأدنى من الغذاء والدواء متخذة من هذه الإجراءات سلاحًا آخر يفتك بالفلسطينيين أكثر فأكثر. ويرى مراقبون ان الإمعان فى التجويع واستهداف المدنيين يهدف إلى كسر إرادتهم وتحطيمهم نفسياً وجسدياً. ومنذ 10 أكتوبر الماضى وحتى أوائل فبراير، دخل نحو 95 شاحنة مساعدات يوميًا إلى غزة بانخفاض عن 500 شاحنة تجارية ومساعدات يوميًا قبل الحرب، عندما لم يكن الفلسطينيون يواجهون النزوح الجماعى والمجاعة.
 

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة