محمد درويش
محمد درويش


وجدانيات

أنفقوا مما تحبون

الأخبار

الإثنين، 26 فبراير 2024 - 07:21 م

«لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ»
آية يتوقف أمامها كثير منا وهو يستعد لإعداد صدقات رمضان مادية كانت أو عينية، أنه عندما يتصدق بمال يحرص على ألا تكون النقود الورقية مهترئة أو مطموسة، بل قد يستبدل بها جديدة من البنك المركزى مقتفيا ما جاء فى الأثر بأن السيدة عائشة رضى الله عنها كانت تعطر الدرهم قبل أن تضعه فى يد من تتصدق عليه وتبرر التعطير بأنه يقع فى يد الله قبل أن يقع فى يد مستحق الصدقة.


أما فى «العينية» وأبرزها شنط الطعام التى ينضم إلى أصحابها كل عام لفيف آخر من الذين يتاجرون مع الله، رغم موجات الغلاء المتلاحقة فى كل دول العالم والتى لم تسلم منها بلادنا، فما زالت عروض محلات السوبر ماركت الكبيرة مستمرة وتتنوع أسعار ماتقدمه من «شنط رمضان» من مائتى جنيه إلى أضعافها حسب عدد المنتجات الغذائية بها وجودتها.. وهنا نقف أمام الجودة لأنها تتعلق بالإنفاق مما نحب.


يتساءل البعض أنه يستخدم فى مطبخ بيته ويشترى لأهله أجود أنواع المسلى والزيت والتمور والأرز المنقى إليكترونياً وما يماثله من البقوليات فهل يجب عليه أن يخرج صدقاته من الأغذية بنفس النوعيات التى يشتريها والتى قد تصل قيمتها إلى ضعفى ما يمكن شراؤه من محلات العلافة والفارق بين المعبأ والسائب منها وإلا فلن يناله الثواب الذى يرجوه.


وإذا كان هناك مبلغ حدده طبقا لقدرته المالية ومؤكد أنه زاد بالطبع عن العام الماضى ربما بما يماثل اضعافاً فهل الأجدى أن يشترى عدداً أكبر بسعر منتجات أرخص أم يشترى عدداً أقل بمنتجات ذات جودة عالية وهنا يصبح عدد المستفيدين أيضاً أقل.


أسئلة حائرة يتوقف عندها المحسنون وتحتار العقول فى اختيار الإجابة المثلى هل يقدم الأقل الأجود أم الأكثر الأقل جودة؟
وفى خضم البحث عن إجابة يجد من يشير عليه بإخراجها مالاً وليترك لمن تصدّق عليهم الحرية فى شراء ما يحتاجونه إنطلاقاً من أن أهل مكة أدرى يشعابها.


أناس آخرون يكلفون أنفسهم شراء كل ما يلزم إعداد وجبة إفطار رمضان بداية من الخشاف مروراً بالطعام ونهاية بالحلو ويحرصون على التواجد مع أطفالهم فى الشارع ساعة الإفطار وتقديم وجبة جاهزة لكل عابر سبيل اضطرته الظروف إلى التواجد فى الشارع عندما حان أذان المغرب سواء كان محتاجاً إلى هذه الوجبة أو فى غير حاجة لها لأن أشهى الطعام فى منزله الذى لن يتمكن من بلوغه إلا بعد الافطار بوقت ليس بالقصير.


لى صديق رغم ظروفه المادية العسيرة إلا أنه ومنذ سنوات حريص على تجنيد أهل بيته فى إعداد هذه الوجبات يوميا وعلى ما «قُسم» كما يقولون، نعم قد يقبل مساهمات مادية أو عينية من الأهل والمعارف ولكنه يصر على تحويل المادية منها إلى دجاج ولحوم لاستكمال أيام الشهر الفضيل ولا يقتنع بتحويل هذا الجهد إلى أموال يمنحها لمن يستحقها.


عموماً أيا كانت الأسئلة أو الأجوبة فهو «مُلْك» ينظمه صاحبه جلّ شأنه.. سواء تصدقت مالاً أو منتجات بجودة عالية أو أقل أو وجبات جهزتها فى منزلك فكل له أجره وثوابه عند الله.. المهم أن يجود الإنسان بما هو جيد ولا تعافه النفس.
وكل عام وأنتم بخير

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة