فرحة المزراعين بالإنتاج الوفير لمحصول الطماطم
فرحة المزراعين بالإنتاج الوفير لمحصول الطماطم


«إسنا» تنتج 200 طن سنويًا

هل تغزو طماطم الأقصر المجففة الأمريكتين بعد وصولها لأوروبا؟

محسن جود

الإثنين، 04 مارس 2024 - 10:19 م

مشروع تجفيف الطماطم سوق جديد يتم فتحه فى دول الاتحاد الأوروبي بدأ فى إيطاليا ومنها يسير إلى فرنسا وامتد إلى البرازيل وأمريكا فى الانتظار وفيه فائدة كبيرة للمزارع وفكرته  بسيطة جدا وهى إعداد مناشر عبارة عن «تندات» حديد بارتفاع متر من الأرض يتم تغطيتها بمادة معالجة للصدأ ومقاومة للفطريات ولها مواصفات خاصة يتم من فوقها نشر الطماطم حيث يتم شق الطماطم إلى نصفين وتزويدها بالملح وبعض المواد والمعالجات الأخرى منها كبريت طبى يتم رشه فوق الطماطم بمعدلات وحسابات معينة مقاومة للفطريات ويتم جمعها بعد ذلك فيما بين 5 إلى 11 يومًا حسب الطقس وسطوع الشمس.

تتكرر العملية بعد ذلك مرات ومرات وبالتالى يتم تشغيل عدد كبير من المواطنين فى أعمال مفيدة خاصة لها سوق فى الخارج وسعرها مرتفع جدا وعليه طلب يشهد تزايدا مستمرا من عام إلى آخر، فهى بعيدة عن المواد الحافظة وعن أى ملوثات ولا تتدخل فيها الأيدى العاملة فى التصنيع، حيث يمكن استخدامها صلصة أو سلطة أو فى مجالات الطبخ الأخرى.

فى هذا التحقيق تنشر «الأخبار» بالكلمة والصورة تفاصيل هذا المشروع آملين أن يتم التوسع فيه على مستوى أكبر بحيث يكون أحد أهم روافد توفير العملة الصعبة خاصة أن التعاملات فى هذا القطاع كلها تتم بالعملة الصعبة، فإذا علمنا أن إسنا تزرع أكثر من 400 ألف فدان من الطماطم المستغل منها للمشروع ما بين 50 إلى 60 فدانا فقط تنتج حوالى 200 طن جاف رغم أنها تدر أرباحا هائلة والسؤال الذى يطرح نفسه هل يمكن أن تكون الطماطم أحد موارد النقد الأجنبى فى مصر؟!

فى البداية يقول المهندس عبد الكريم دياب أحد مؤسسى مشروع تجفيف الطماطم بالأقصر مدير الجمعية الزراعية الأسبق بطفنيس بالأقصر إن المشروع ليس وليد الساعة وإنما يرجع إلى ما يزيد على 10 سنوات وبالتحديد فى عام 2009، حيث بدأنا مع مجموعة من الأتراك جاءوا إلى قنا لتنفيذ مشروع خاص بتجفيف الطماطم بقيادة الدكتورة يمنى الشريدى مؤسسة جمعية سيدات أعمال مصر والتى استضافتهم لهذا الغرض فكنا نقوم بجمع المحصول والذهاب به إليهم فى قنا.

اقرأ أيضاً | مدير تطوير الأعمال في «سيتا»: مصر تمثل ثقلًا سياسيًا إقليميًا وعالميًا

نقلنا التجربة فى العام التالى وبالتحديد فى عام 2010 إلى مدينة إسنا بعد أن وجدناها خطوات بسيطة فى نفس الوقت الذى كانت فيه شركة يونيدو تقوم بتدريبنا على المشروع فى اسنا ثم طورناها بنصيحة خبير إيطالى بأن جعل مناشر الطماطم على مناضد «ترابيزات» يعلوها المشمع بعد أن كان المشمع يفرش على الأرض فى تجربة قنا.

كان السعر وقتها متدنيا تقريبا بمعنى أن سعر الطن يتكلف 10000 جنيه بعدها قامت الثورة فى 2011، فبدأنا نعتمد على أنفسنا نأخذ نحن كميات الطماطم ونعمل على تجفيفها وقمنا بتصميم محطة فرز وتعبئة بمساعدة هيئة المعونة الأمريكية تنتهى بثلاجة لحفظ المنتج وتعبئته إلى أن يتم تصديره وبدأنا فى الإنتاج بصورة جيدة ومتميزة وفتحنا أسواقا فى إيطاليا وبعدين اشتغلنا مع البرازيل ونحن الآن أمامنا فرنسا وأمريكا بدأنا نتوسع كمحافظة فى المشروع بعد أن بدأنا بخمسة أطنان وجاءت شركة مصر إيطاليا لتنتج معنا ووقعنا بروتوكول تعاون، نحن نقوم بعملية التجفيف وهم يقومون بالتصدير باسمهم إلى أوربا ومختلف دول العالم.

وتعتمد عملية التجفيف كما يقول المهندس عبد الكريم دياب على تعريض الطماطم لأشعة الشمس ورشها بالملح ومادة صالحة للغذاء عبارة عن بنزوات صوديوم وهى مادة كبريت طبى بمعدل 10 أجزاء فى المليون ويتم تجميع الطماطم بعد التجفيف وعرضها للشمس بمعدل من 9 إلى 12 يوما فى الشتاء من بداية التجفيف ومن خمسة الى ستة أيام فى الصيف.

طماطم لحمية!
ويضيف لعل أحد أهم أسباب نجاح عملية التجفيف فى اختيار نوعية الطماطم وهى أن تكون طماطم تصنيعية لحمية وليست عصيرية ممتلئة بالماء والتى توفر جودة عالية مثل زيرو14 البريفيو والبسيمو والبسمة، هناك صنف جديد نجربه لأول مرة هذه الأيام اسمه البيون وكلها أصناف عالية من الطماطم تتميز بوجود كميات من اللحم وقليلة الماء.

بدأنا فى توقيع بروتوكول زراعة تعاقدى مع المزارعين بحيث نوفر لهم البذور والمشاتل لعمل حضانات للبذرة فى المشتل وبعد الغمر نستمر فى المتابعة لمدة 45 يوما فى المشتل بعد ذلك يقوم المزارع بنقل الشتلات التى تم تحضينها إلى حقله ونحن معه، حيث نقوم بعمل برنامج لمدة 15 يوما والتأكد من عدم رش أى مبيدات أو أسمدة ونبدأ بالمنشطات الجذرية وغسيل الملوحة بالاضافة إلى صرف المخصبات الزراعية التى تحوى الحديد والزنك والمنجنيز والمولوبيديا وغيرها من المخصبات الزراعية الطبيعية، بحيث نتعامل مع الزرع كأنه طفل رضيع حتى يشب وينتج على أكمل صورة كما نعطى للزرع مواد لغسيل الملوحة باعتبار أن بعض الأراضى ترتفع بها قيمة الملوحة، كما نعطى له بعض المخصبات فى صورة مخصبات جذرية وهى عبارة عن فيتامينات تنشط الجذر ويراعى فى ذلك تطبيق البرنامج الاسترشادى من رى ورش وجمع المحصول ونقوم بمتابعته بصفة شبه أسبوعية بعد ذلك يتم جنى المحصول ويصل المنتج إلى المحطة وتتم عملية الوزن فى البداية وأخذ العينة لبيان مدى جودة الطماطم للتأكد من سلامتها.

حاويات مبردة
بعد ذلك يتم نقل المحصول إلى المحطة فيتم فى البداية فرزه ثم غسله بعدها يتم تقطيع الطماطم وفرشها على المنشر تحت أشعة الشمس مع مراعاة رش الملح والكبريت وتركه مدة من 10 إلى 11 يوما فى الشتاء ومن 5 إلى 6 أيام صيفا وبعد ذلك يتم تجميعه وفرشه بقاعة الفرز مرة ثانية ثم تعبئته وشحنه فى حاويات مبردة لضمان سلامته إلى التصديرعبر موانى بورسعيد والإسكندرية ودمياط ونستطيع أن نقول إن فدان الطماطم ينتج 20 طن طماطم فريش فى المتوسط كل طن فريش يعطى 100 كيلو مجفف ويرسو فى النهاية ما بين 80 الى 90 كيلو.

وعن طريقة استخدام الطماطم المجففة يقول المهندس عبد الكريم إنها ترجع إلى ذوق المستخدم فالإيطاليون عادة يأخذونها ويتم معالجتها فى مصانعهم بعد إضافة زيت زيتون وبعض البهارات والنباتات العطرية الطبية ويتم تعبئته وتصديره إلى مختلف دول العالم ومنها مصر فى صورة زيت طماطم معبأ مجفف والجزء الآخر يكون فى معلبات مثل الكاتشب لاستخدامه على البيتزا والأجبان أما البرازيليون فيضيفون طريقة ثالثة وهى التخليل لتكون من فواتح الشهية.

استيراد منتجاتنا!!
كما أن الطماطم المجففة تزيد كثيرا عند غمرها فى الماء والأمريكان يعشقون الطماطم المجففة ويستخدمونها لأنها أفضل بكثير من الصلصة المعلبة وتحتفظ بكل القيمة الغذائية والألياف الخاصة بالطماطم الأصليه الطازجة وللأسف السوق المصرى لم تروج فيه الطماطم المجففة رغم أن بعض المحال التجارية الكبرى تستوردها من الخارج مثل كارفور والمولات الكبرى.

قلت ولماذا لا يتم تصنيعها فى مصر وتصديرها مصنعة لإدخال العملات الصعبة قال المهندس عبد الكريم سهل جدا التصنيع فحدث أن التقيت بإحدى الشركات المصرية المستوردة فى معرض «فود إفريقيا «وعرضت عليهم أن أقوم بتصنيع هذه الطماطم التى يستوردونها وأعددت عينة معتبرة سلمتها لهم وأعجبوا بها وعرضوا أن ننفذها سويا بوقوفى معهم مع مجموعة التشغيل الخاصة بهم ونجحت أحسن من المستوردة ويضيف أن إسنا تزرع أكثر من 400 ألف فدان فى إسنا نستخدم منها 50 الى 60 فدانا للتجفيف وعندما ينتهى موسم الطماطم عندنا نحضر الطماطم من الفيوم وبنى سويف.

إسنا وبس
قلت إذا كان عائد الطماطم المجففة كبيرا فلماذا لم يتم تجربة المشروع فى محافظات أخرى؟! فقال إن العائد كبير وكله بالعملة الصعبة ولقد قمنا بتجربة المشروع فى منطقة العشرة آلاف فدان فى الإسكندرية وفى بنى سويف والفيوم وكلها فشلت، الأولى بسبب الرياح الدورانية وبنى سويف لا تصلح لوجود تيارات هوائية محملة بالأتربة والفيوم فشلت في العام الماضي بسبب ارتفاع نسبة الرطوبة التى تحول الثمار إلى اللون الأسود.

3 مناشر بالأقصر
قلت وهل يمكن أن نتوسع فى هذا المشروع بحيث يوفر حاجة مصر من النقد الأجنبى قال بالتأكيد، فكل منتجاتنا تدخل بالنقد الأجنبى، فالأقصر نجحت فى هذا المشروع ولدينا أكثر من منشر، فمدينة إسنا تنتج 200 طن جاف وحدها بخلاف منشر فى مدينة القرنة ومنشر بنجع أبو دغار فى أرمنت وأضاف كل ما نحتاجه هو رأس المال فقط فلو توسعنا فى إعداد مناشر جديدة فى جو الأقصر فائق الروعة ممكن أن ننتج أكثر من ألف أو ألفى طن إذا وجد رأس المال، الأمل كبير فى القطاع الخاص أن يتوسع فى هذه المشروعات وهى فرصة طيبة للشباب الباحث عن الوظيفة، بحيث يستفيد هو وتستفيد الدولة من عائد النقد الأجنبى.

وكم يتكلف مثل هذا المشروع وما أدواته؟
هى تحتاج ما بين 200 إلى 300 ألف جنيه لعمل المنشر وهذا بالتأكيد مرتفع بالنسبة للشباب ويمكن لمجموعة من الشباب أن تشترك معنا لتدبير النفقات وحينها سيكون الدخل مرتفعا جدا.

فرص عمل للشباب
أما العمدة إبراهيم عامر أحد كبار المزارعين بإسنا فيقول إن صناعة الطماطم المجففة واحدة من أهم الصناعات التى لها أثر كبير فى إيجاد فرص عمل للشباب من الجنسين حيث إن إعداد حاوية واحدة زنة 15 طنا من الطماطم المجففة يعادل حوالى 400 يوم عمل هذا بالتأكيد يساهم فى حل مشكلة البطالة وزيادة الدخل للمواطن، كما أن لهذه الصناعة أثرا كبيرا فى حل مشكلة الفاقد فى محصول الطماطم، وكذلك زيادة الدخل من النقد الأجنبى ومضاعفة دخول المزارعين ويسعى مشروع مبادرة التجارة الخضراء بالتعاون مع كل الشركاء إلى تشجيع الزراعات التعاقدية المتعلقة بهذا المجال.

مناشر داخل البيوت
قلت وهل هناك منازل تقوم بعمل تجفيف للطماطم داخلها قال: هذه الفكرة كنت أنوى تعميمها فى العام الماضى من خلال الجمعيات الأهلية، حيث يساعدها فى توفير فرص عمالة وإيجاد مصدر للدخل من خلال التعاقد معها ومدها بالمناشر بحيث نورد لها كل أسبوع 10 أو 20 كيلو طماطم حسب مساحة المنزل أو السطح الذى يتم فيه تجفيف الطماطم والملح وبعد أسبوع نقوم بجمع الطماطم المجففة ووزنها بالكيلو وإعدادها فى علب مخصصة لذلك ثم نقوم بتوريدها الى الخارج وبالتالى يتحقق ربح وفير إلى السيدة المعيلة دون بذل أى مجهود وتحقيق ربح عالى الثمن.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة