أرشيفية
أرشيفية


إغلاق الخمارات وإقامة الموائد الجماعية. كيف استقبل الفاطميون شهر رمضان؟

حاتم نعام

السبت، 16 مارس 2024 - 12:32 م

احتل شهر رمضان عند الفاطميين مكانة وطابعًا خاصًا، وكان هناك نظاما جديدًا للأسبلة والموائد الجماعية للإفطار في رمضان وأقام الخليفة العزيز بالله أول مائدة في الجامع العتيق «جامع عمرو بن العاص» دعا إليها أهل الفسطاط.

مسجد «أبو المعاطي» أحد أهم المبان التاريخية في دمياط | دمياط

وكانت الموائد تقام أيضًا في قصر الخليفة ويقدم أكثر من ألف قدر من جميع أنواع الطعام والحلوى للفقراء والمحتاجين.. وكان للموائد بروتوكول واهتمام خاص؛ حيث كانت تقام في قاعة الذهب؛ التي بها سرير الملك.. ويدعى إليها قاضى القضاة ليالي الجمع توقيرًا له.. أما باقي الليل فيُدعى أميرٌ من الأمراء بالتناوب.

صور مختلفة متعددة من الاحتفالات والتقاليد بقدوم شهر رمضان تبدأ مع العصر الفاطمي؛ ومن صور احتفالات الفاطميين بقدوم رمضان «موكب الخليفة»؛ حيث يبدأ الموكب بتجمع موظفي الدولة وقادة الجيش والأسطول في ميدان واسع أمام أحد القصور الفاطمية محمولين في هوادج والعبيد يحملونها وتحيط بهذه الهوادج أو الأسرة الفاخرة المتنقلة ستائر مختلفة الألوان كما أن بعضها تحمله الجمال أو البغال أيضا.

وأمام الهودج يسير عدد من الجنود في استعراض القوات الرمزية وهم يحملون السيوف المزينة بعدة لفافات من الحرير الملون وكذلك أعلام مختلفة من الحرير كتب فوق كل منها اسم الخليفة الفاطمي مع عدم نسيان شيء عام وهو تطريز هذه الرايات بالشعار الرسمي للدولة الفاطمية، بحسب ما نشرته مجلة آخر ساعة في عام 1968.

ثم تأتي ساعة الصفر أو اللحظة الحاسمة؛ حيث يخرج الخليفة من قصره وقد وضع عمامته المستطلية المرصعة بالجواهر يحيط به الحرس من كل جانب ويسبقه بعدة أمتار حملة الأعلام ويتحرك هذا الموكب الكبير إلى الجامع الأزهر الذي كان يشهد في هذه الأوقات أيامه الأولى حيث تقام فيه الصلاة احتفالا بأول رمضان بينما تكون أخبار موكب الخليفة قد سبقت الناس إلى كل مكان وأقبلوا هم من كل مكان في القاهرة الجديدة ومن أماكن عديدة حولها أيضا لمشاهدة هذا الموكب الكبير.

ولا يزال عهد المعز لدين الله الفاطمي أول الخلفاء الفاطميين في مصر هو من أشهر الاحتفالات بشهر رمضان على مر العصور.

ومع تولي الفاطميين حكم مصر قاموا بهدم «دكة القضاة» المقامة من الخشب بجوار جبل المقطم التي كان يتحرى من خلالها القضاة رؤية هلال شهر رمضان المبارك في عهد الفاطميين ومن سبقوهم، وقاموا ببناء مسجد صغير بدلا منها.

وانقطع القضاة عن رؤية الهلال منذ بداية عصر المعز لدين الله الفاطمي وحتى انتهاء عهد الدولة الفاطمية نظرا لاعتماد الفاطميين على الحسابات الفلكية في استطلاع رؤية هلال شهر رمضان، بحسب ما نشرته جريدة أخبار اليوم في الثامن من أكتوبر عام 1972.

وكان الفاطميون يقدرون شهر رمضان المبارك حق قدره؛ إذ تبدأ الاحتفالات قبل قدوم شهر رمضان بثلاثة أيام فيخرج قاضى القضاة في موكب مهيب إلى الجوامع والمدارس والمستشفيات والمدافن ليقوم بنفسه بالإشراف على نظافة هذه الأماكن وحسن استعدادها للشهر الكريم.

وتضيء القناديل وتنتشر مشاعل البخور في كل مكان لتعم القاهرة الفاطمية اذكي الروائح الطيبة وتأمر الدولة بصرف كميات هائلة من المواد التموينية لهذه الأماكن من مكان يعرف باسم «خزينة التوابل».

وعندما تعلن الرؤية يدخل الوزير إلى «مقطع الوزارة»، وهو المكان المخصص له في القصر ويحرص على الوقوف بجوار جواد الخليفة حتى يركب حصانه وطوال الوقت يدعو له ويشكر أفضاله ويتجه معه إلى قاعة الذهب ليرتدي الخليفة أبهى ثيابه استعدادا للخروج إلى الشارع.

ويخرج الخليفة في موكب مهيب يضم الأمراء وجميع الوزراء ورؤساء الجنود ورجال الدين وما إن يشرف بطلعته البهية حتى ينفخ في الأبواق ويعلو صياح الناس والجنود لتحية الخليفة. 

ويصطف الجميع في نظام رهيب من مناطق بين القصرين ومنطقة الغورية والصاغة والحسين والأزهر ويظهر الخليفة أبو المؤمنين وتبدأ الجنود في نشر آلاف الدنانير والدراهم على الشعب.

وكان العلماء من معالم موكب الخليفة وكانوا يسمونهم «الأساتذة المحنكون»، وكانت مسيرة الموكب تبدأ من باب الفتوح لتخرج خارج أسوار القاهرة وتعود لتدخل من باب النصر.

ويعود الخليفة إلى القصر ليجلس على كرسي العرش ليستمع إلى آيات الذكر الحكيم ثم يقوم بتوزيع الهدايا والصدقات على الفقراء والذي يفتح لهم أبواب القصر طوال الشهر الكريم

وعلى مقربة من القصر تقام «دار الفطرة» المعروفة بموائد الرحمن لإطعام الفقراء، ويعتبر الفاطميون هم أول من أغلقوا الخمارات في شهر رمضان وقاموا بإنذار أصحاب الخمارات بمنع تداول الخمر نهائيا ومن يخالف ذلك تتم مصادرة جميع أملاكه على الفور.

والخليفة الفاطمي كان حريصا على إمامة المسلمين في الصلاة طوال الشهر الكريم والصلاة بجامع عمرو بن العاص والأزهر وقراءة القرآن حتى يحافظ على مهابته الدنية في نفوس الناس وكان حريصا على قراءة القرآن يوميا في قصره حتى يتم ختام المصحف كاملا مع نهاية الشهر الكريم.

المصدر مركز معلومات أخبار اليوم


الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة