السيد النجار
السيد النجار


يوميات الأخبار

ابن إياس الغزاوى

الأخبار

الخميس، 21 مارس 2024 - 10:14 م

من بين أنقاض غزة.. سيخرج ابن إياس الغزاوى ليحافظ على ذاكرة تاريخ حى من المجد والبطولة

محظوظ ابن إياس.. الأمير محمد بن أحمد الظاهرى بن إياس.. لماذا هو محظوظ.. كان من الممكن أن يكون أميرا.. مثل مئات.. آلاف الأمراء مثله من أبناء عصره.. ولكنه اختار الفكرة.. وبذل الوقت والجهد لتحقيقها.. فخلد اسمه.. وأثرى حياتنا الثقافية والتاريخية على مدار مئات أعوام مضت.. ومئات قادمة.. فكان.. وسيظل أشهر من عشرات الأمراء والسلاطين الذىن عاصرهم أو كتب عنهم.. اختار ابن إياس أن يؤرخ بلغته وكلمات عصره لحياة المصريين.. سجل.. ووثق.. ووصف كل شيء.. المعارك الانتصارات.. الهزائم.. النجاحات.. الاخفاقات.. أحوال البلد.. سياسة.. اقتصاد.. تحالفات داخلية وخارجية.. دسائس القصور والأمراء والسلاطين.. حياة الناس.. الأثرياء والفقراء.. الأعيان والبسطاء.. ماذا يأكلون.. وماذا يلبسون.. طرائف الحياة الاجتماعية ومظاهرها.. رصد للمواقف.. والوقائع.. ما هو سري. 

وما هو معلن فى عصر المماليك والغزو العثمانى لمصر.. من ساند.. من أيد.. من راوغ ودلس وزيف.. من كذب وتآمر.. كانت كتاباته تسجيلا شبه يومى لكل شيء. كان أشهر مؤلفاته «بدائع الزهور.. فى وقائع الدهور».. الموسوعة.. بدائع.. ولكن لا زهور بالمرة.. ولكنه هكذا اختار هذا الاسم.. قد يكون لأسلوب السجع الذى كان سائدا حينذاك. كان مؤلفه زادا.. ومعينا.. ومنهلا لعشرات.. مئات الأدباء والفنانين المصريين والناطقين بالعربية.. وأكثر من تأثروا به الأديب الراحل جمال الغيطاني.. وقد يكون لعمل الغيطانى كمحرر عسكرى فى بداية حياته الصحفية تأثير مباشر فى اكتشافه كنوز ابن إياس.. وصف الغيطانى للمعارك.. قصص البطولات والمشاعر الإنسانىة النبيلة والتى كانت تعبيرا عن وطنية حقيقية.

ولماذا ابن إياس اليوم.. فى متابعة يوميات.. ساعات.. دقائق العدوان الإسرائيلى على غزة.. جال بخاطرى هذا الرجل.. الكاميرا تسجل اللحظة.. الفضائيات على الهواء مباشرة.. تجسد.. تدقق.. تحلل.. والفيديوهات تتلاحق على شبكات التواصل الاجتماعى. ولكن التفاصيل الكاملة.. بكل دقتها وأحساسها.. الكلمة هى القادرة عليها.. مكنون النفس.. واختلاط مشاعر الإنسان فى لحظات المعارك.. القتل.. التدمير.. البطولة.. من يسجل هذا.. سوى ابن إياس الغزاوى.. أكيد ستفاجئنا مؤلفاته بعد أن تصفو سماء غزة.. وينزاح الغبار عن الوجوه.. وتأكل الأجساد النحيلة الجائعة.. 

من بين الأنقاض سوف يظهر ابن إياس الغزاوى ليحافظ على ذاكرة تاريخ حى من المجد والبطولة.. هو الوحيد القادر على تسجيل ما يعيشه جيل اليوم.. والأجيال بعد ألف يوم.. وألف سنة.. القادر على التقاط التصريحات وتناقضات المواقف والأراء.. وتكوين الصورة المكتملة بكل أبعادها.. ما هو مزيف منها.. وما هو حقيقى.. وقائع البطولة فى غزة.. وخسة ودناءة عدو ارتكب أفظع جرائم الإنسانية فى التاريخ.

هو.. القادر على وصف أشلاء الأطفال فى الشوارع.. وعابد فى مسجد وكنيسة.. وبكاء العجائز من الآباء والأمهات.. وحرمان الجوع والعطش.. وأنين الجرحى بالمستشفيات.. والهروب من الموت من مكان إلى مكان تحت وابل النيران.. القادر على وصف وتحليل دسائس ومؤامرات السياسة بين الأمريكان واليهود ومن يرتدى ثوب الحمل الوديع الساعى بأقنعة مزيفة لإنقاذ الملايين من القتل والجوع.
لا نريد أجيالا تقرأ تاريخنا برؤية وعقل ولسان غير عربي؟

نكبة المنبوذة

فى اليوم التالى لهجوم المجاهدين على معسكرات الاحتلال فى ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ خرج علينا وزير إرهابى فى الحكومة الإسرائيلية قال.. نريدها نكبة ثانية للفلسطينيين..

فى إشارة إلى ما نطلق عليه نكبة حرب ٤٨.. قال من لم يقتل أو يهرب فى حروب ٤٨ و٦٧ أو لم يهدم بيته.. آن الأوان.. نريدها نكبة لا تبقى ولا تذر.. لا بشر ولا حجر.. ومرت شهور.. لتعيش إسرائيل نكبة حقيقية.. إليمة ستطاردهم لأجيال إذا لم تصدق توقعاتهم هم وتختفى إسرائيل كما قال قادتها الدينيون عام ٢٠٢٨، نكبة عسكرية.. نكبة اقتصادية.. نكبة داخلية.. جسدت أزمة تجنيد الدينيين أحد مظاهرها..

وعبر عنها حاخام طائفة الحريدية بقوله إذا أصرت الحكومة على تجنيد أبنائنا «٦٦ ألفا». فسوف نترك هذا البلد.. أبناء الطائفة متفرغون لتعلم التوراة حفاظا على الديانية اليهودية..

وهو أهم لنا من بقاء الدولة الإسرائيلية. ويتوافق مع الأزمة مظاهرة لليهود الأرثوذكس فى القدس تحرق العلم الاسرائيلى والتى يتواكب معها على مدى شهور مظاهرات ليهود أمريكا رافعة شعارات وقف الحرب وتأكيد رفضهم لجرائم إسرائيل فى غزة باسم اليهود.. وتتوالى نكبات إسرائيل بوصف زعيم الديمقراطيين فى الكونجرس لإسرائيل بأنها الدولة الوحيدة المنبوذة فى العالم.

أكذوبة الأونروا

القدس.. واللاجئون الفلسطينيون.. كانتا العقبتين الأساسيتين فى مفاوضات السلام.. بناء على اتفاق أوسلو.. حينما قال ياسر عرفات تريدون منى التنازل عن القدس عاصمة لفلسطين وعن حق العودة للاجئين..

إذا حدث ذلك سيضربنى الفلسطينيون بالنار فى اليوم التالي.. وتوقفت المفاوضات. ولكن إسرائيل لم تتوقف عن التفكير والتحايل للتخلص من القضايا الشائكة بمعرفتها وإقرار أمر واقع.. ودبرت حينها التخلص من الأونروا − وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين− والتى تكونت بقرار من الجمعية العامة عام ١٩٤٩ لرعاية اللاجئين بعد حرب ٤٨ فى دول العالم وغزة بالطبع..

وإسرائيل تريد التخلص منها بأعتبارها المظلة الشرعية الدولية والتى تمثل حقاً سياسياً وقانونياً لهؤلاء اللاجئين «حاليا ٦ ملايين»..

ولحين عودتهم إلى وطنهم وانتهاء الاحتلال.. هذا هو أساس القضية.. وليس تقديم وجبة وفرصة عمل ومقعد فى مدرسة وسرير علاج فى مستشفي..

ووجدت إسرائيل فقط ضالتها بالتخلص من الوكالة فى خضم عدوانها على غزة.. وأصدرت تقريرا ادعت فيه كذبا أن بعض موظفى الوكالة فى غزة شاركوا فى هجوم ٧ أكتوبر «١٢ موظفا من بين ٣٠ ألف موظف». 

وعلى الفور بادرت أمريكا وبعض أذيالها الأوربيين بوقف تمويل الوكالة.. ودون انتظار لأى تحقيقات.. إجرام أمريكى.. وقف التمويل لقتل شعب غزة جوعا.. تمهيدا للتخلص من الوكالة وهما منهم أن ذلك سيقضى على حق اللاجئين فى العودة ومحو اسمائهم لدى الوكالة الجهة الوحيدة المسجل لديها أسماء جميع اللاجئين الفلسطينيين المشردين فى العالم؟! وأخيرا.. أعلنت الأمم المتحدة عدم صدق مزاعم إسرائيل عن الأونروا.. وطبعا لم نسمع رأيا لأمريكا.. أكيد انتظارا للأوامر الإسرائيلية؟!

جسر الحنان؟!

لا تصدقوا الحنان الأمريكى الذى هبط فجأة على بايدن ورجال إدارته.. وأن قلبهم وجعهم من الموت جوعا لأطفال غزة.. ما يقولونه ما هو إلا كلمات لا تتعدى الحناجر ولا تمس القلوب.. لا تصدقوا قصة إنشاء ميناء بحرى على شاطئ غزة، لتنظيم جسر بحرى لنقل المساعدات الغذائية لسكان القطاع.

فما هى إلا فكرة واقتراح إسرائيلي، طالما رفضته من قبل. ولكنها تريده اليوم لهدف خبيث كعادتها.. وهو إلغاء المنافذ البرية نهائيا..

فى إطار مخططها لإحكام السيطرة على غزة. وفى نفس الوقت التخلص من إدارة حماس وإلغاء دور الأونروا.. 
وفى موقف مشرف من زعماء عشائر غزة، رفضوا المطلب إليهم بمهمة توزيع المساعدات. لا تأمنوا للأمريكان.. ما هم إلا اللسان الناطق بالفكر القادم لهم من إسرائيل. 

وعندما لاح فى الأفق انكشاف المخطط، عاد وزير الخارجية الصهيونى بلينكن ليقول إن الجسر البحرى للمساعدات، ليس بديلا عن المعابر البرية. وإذا كان الأمريكان جادين حقيقة لإنقاذ سكان غزة من الموت جوعا. لماذا لا يضغطون هم وحلفاؤهم الأوربيون على نتنياهو لفتح المعابر لعبور الغذاء، وغيره من المساعدات الضرورية لاستمرار الحياة.. 

وفى المقدمة منها الوقود والأجهزة الطبية والأدوية وقوافل الأطباء ولماذا لا تتوقف عن منع إصدار قرار من مجلس الأمن بوقف العدوان.
لن ننسى أحط وأقذر التصرفات الإجرامية لأمريكا التى تسقط الطعام جوا، فى مصيدة قتل جماعى للجوعى برصاص وقنابل الأمريكان فى يد الإسرائيليين!

همس النفس

ما أكتوى الصدر من غدر زمنى.. وأنما لشيب طالنى دون رفقة منية عمرى.. إن كنت لا تشعرين بوثاقى.. فأنا ذاك.. فاعلمى يا سليلة المجد والحسب.. من ذاق ألم الفراق.. رق لحالى.. وبكى لما أبكانى من فرقة الخلان.. لعمرى.. لا تحسبى غيابك عنا يغيرني.. فما عن هواك بديل.. غير أن يوارى جسدى.
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة