محمد البهنساوى
محمد البهنساوى


يوميات الاخبار

دماغ «الحشاشين».. وأفئدة «الأتقياء»!

محمد البهنساوي

الأحد، 24 مارس 2024 - 09:27 م

«وما الفارق بين الاثنين إلا ما ذكره المولى سبحانه وجسّده فى عمى القلوب وليس الأبصار»

بسم الله الرحمن الرحيم «أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِى الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ» صدق الله العظيم.


حقًا لا يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون، والعلم هنا متعدد ومتشعب، ولا يقتصر على شق بعينه، هذا العلم مع الحكمة واليقين هو ما يفرّق بالعبد بين الجنة والنار، «فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النار وَأُدْخِلَ الجنة فَقَدْ فَازَ»، والقرآن الكريم لا ينطق عن الهوى، ويعرض واقع حياة البشر، بشرّهم وخيرهم.

وفى تلك الأيام المباركة التى تعيشها مصر بمسلميها وأقباطها خير دليل على ما سبق، ودليل كذلك على ما قاله المولى عز وجل فى محكم التنزيل «فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِى فِى الصُّدُورِ»، ففى الوقت الذى كنا نحتفل بذكرى نصر العاشر من رمضان مواكبا ليوم الشهيد الذى يوافق 9 مارس سنويا، والذى ذرف المصريون جميعا فيه الدمع تأثرا بأسر الشهداء وبطولات ذويهم وتضحياتهم التى حمت مصرنا الغالية وصانت ترابها وحفظت مقدساتها ورووا بدمائهم الزكية أرضنا الطيبة لتطرح تنمية وعمرانا وحياة ورغدا، أساسه وأصله الثابت هو دم هؤلاء الشهداء، وفى نفس الوقت نتابع نوعا آخر من الدماء تسيل لتبذر شرا، وتطرح خرابا وتثمر علقما، لقتلى نحسبهم فى النار جراء ما سببوه بدمائهم تلك من دمار، ورغم أننا عاصرنا بعض هذا الشر وأكثر، لكن جسّد مسلسل «الحشاشين» أشهر وأبشع وأحط أمثلة الإرهاب الفكرى والجسدى، وبينما نثق بأن النوع الأول من شهدائنا أحياء عند ربهم يرزقون، فإن الصنف الآخر ندرك أنهم فى الدرك الأسفل من النار.


وما الفارق بين الاثنين إلا ما ذكره المولى سبحانه وجسّده فى عمى القلوب وليس الأبصار، فشهيدنا الحى بإذن الله يدافع بدمه عن وطن، ويحمى بحياته فكرة، ويبعث بموته حياة للآلاف بل الملايين ويصون بإيمانه أرواحا ساعيا لاستقرار وخير ونماء، أما القتيل الآخر فلا فكر ولا «دماغ» له من الأساس كى يفكر، بل تم طمسها وغسلها وربما محوها تماما ليقدم على جرائمه التى يهتز لها عرش الرحمن من قتل الأبرياء وإثارة الفتن وإحداث القلاقل والبلبلة وإثارة الخوف وقذف الرعب فى قلوب المؤمنين الآمنين.


بداية الحشاشين!

ولكم أسعدتنى تلك الحالة غير المسبوقة التى أحدثها مسلسل الحشاشين فى المجتمعات الإسلامية كافة وليست العربية فقط، ليلقى الضوء على فترة مهمة من تاريخنا الإسلامى، وجماعة مارقة فاسدة مفسدة، مازالت جماعات عديدة تسير على دربها المظلم المعتم، وتستخدم أدواتها التى تعمى قلوب أتباعهم وتمحو فكرهم وتسلب ألبابهم، وهنا لن أعيد فى سرد من هى جماعة الحشاشين وما هو تاريخها؟ ولن نتحدث عن منهجها، لكن نتوقف عند جانب مهم اعتقد انه السبب الحقيقى الذى دفع «المتحدة» تلك الشركة العملاقة الى أن تنتج هذا المسلسل، وتختار له كاتبا لطالما أمتعنا بأعماله التى لا تخلو أبدا من فكرة ومتعة وهو عبدالرحيم كمال ومعه مخرج الروائع وبحق بيتر ميمى، ألا وهى السيطرة على أتباع الجماعة وخلط الدين بالسياسة، والغاية تبرر الوسيلة مهما كانت دموية، لنكتشف اننا حاليا امام نسخة محدثة لـ «حشاشين العصر»، ويتطابق الصنفان «القديم والجديد» فى إجادتهما التامة لخلط الدين بالسياسة وتسخيره لتحقيق أغراض سياسية، ولو بالتزوير والتغييب و»التحشيش»!!، كلاهما يؤدى دوره فى غسل دماغ الضحية ويتسلمها فارغة ويقودها إلى حيث يشاء، والقتل والتدمير هو ما يريده!! وهناك كتب عديدة لقيادات إخوانية منشقة فضحتهم مؤكدين أن فكر «الحشاشين» هو اساس إنشاء الجماعة ومنهجهما واحد، والغاية كانت ومازالت واحدة وهى الوصول إلى الحكم ومصادرة السلطة والنفوذ والثروة.


وإذا كان حسن الصباح أنشأ الجنة والنار فى قلعة الموت أو حصن الجبل، فإن قيادات كافة التيارات المتطرفة والإرهابية وفى مقدمتها الإخوان أنشأت جنة ونارا مماثلتين، لكن فى أدمغة أتباعهم الممسوحة فآمنوا بضلالهم، وهذا أخطر ألف مرة! وكل ما سبق أثار حفيظة الإخوان والمتعاطفين معهم وبدأوا حملة مركزة على المسلسل الذى سيقوم بتعريتهم تماما وإزاحة ورقة التوت إن وجدت.


يوم الشهيد

وإذا كان ما سبق من المغسولة دماغهم بفعل فاعل، فالآن أتوقف عند الأتقياء الأبرار البررة، من يدفعون دماءهم الزكية لبناء وطنهم وما أكثرهم بالمحروسة، بالطبع ليس لمثلى ولا غيرى مهما أوتينا من بلاغة وفصاحة أن نوفيهم حقهم، ولا شىء فى الدنيا يمنح الشهيد قدره، فنحن نعيش بفضل تضحياتهم ونحيا وإكسير حياتنا دماؤهم الزكية، باعوا الدنيا وطلقوا فتنها وزهدوا فى مفاتنها التى لا تفتأ تغرينا وتلهينا، نسوا آباءهم وأمهاتهم وأزواجهم وكل عشيرتهم، نسوا أموالهم وتجارة لم يخشوا كسادها ومساكن رضوا بها واحبوها، كل هذا لم يكن أبدا أحب إليهم من الله ورسوله وجهاد فى سبيله.

وبحكم عملى محررا عسكريا لربع قرن ويزيد، كنت أتابع الاحتفال بيوم الشهيد كل عام، وكعادتها فإن قواتنا المسلحة الباسلة لم تنس أبدا شهداءها الأبرار ولا أسرهم المكلومة، وللاسف هذا الاحتفال كان يكاد يقتصر على القوات المسلحة وسط شبه غياب رسمى وشعبى، لكن وبصراحة ووضوح لا لبس فيه ولا ينكره إلا جاحد، فمنذ تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى مقاليد الحكم بمصر تحول الاحتفال بالشهيد إلى عيد قومى تعيشه مصر كلها طوال العام، ومن يتابع هذا الاهتمام بيوم الشهيد وأسر الشهداء يتأكد انه نابع من اعتراف حقيقى بالجميل الذى يطوق أعناق كل المصريين بفضل دمائهم الزكية التى لولاها ما وصلنا لما نعيشه من استقرار وتنمية وتطهير لكل حبة رمل من دنس أى احتلال.


ولم يعد الاحتفال بشهدائنا قاصرا على يوم 9 مارس فقط، ففى كل مناسبة يكرم الرئيس أسماء شهداء وأسرهم، حتى فى يوم العيد أخذه الرئيس عهدا أن يحتفل مع أسر الشهداء وأطفالهم وتشهد مصر كلها هذا الاحتفال وكأنها تمسح أحزانهم وتخفف آلامهم، وامتد الاحتفال ليشمل كل شهدائنا من الجيش والشرطة والأطباء وغيرهم، وسنة حسنة أيضا سنّها الرئيس وهى إطلاق أسماء شهدائنا الابرار على كل مشروع بمصر كبر أو صغر من أنفاق وطرق ومحاور وكبارى وغيرها، لتظل أسماء الشهداء ملازمة للمصريين طول حياتهم ليصبح للشهيد العام كله وليس يوما فقط.


بقيت فكرة أرفعها للسيد رئيس الجمهورية، ففى ظل هذا التكريم غير المسبوق لشهدائنا الأبرار، ألم يحن الوقت أن يصبح يوم الشهيد إجازة رسمية بالبلاد زيادة فى التقدير والعرفان بفضل الشهداء؟

منتخب واستاد مصر وبشرة خير

بعد الخروج المشين من كأس الأمم الأفريقية طالبت وغيرى بأن نوفر العملة الصعبة المليونية التى يتقاضاها المدرب الأجنبى ومساعدوه ونلجأ للمدرب الوطنى «ومش هتفرق كتير فى النتايج كدة كدة بنخسر!»، وكان من بين الأسماء المقترحة كابتن حسام حسن، ورغم بعض الخوف من تولى العميد، لكنها بشرة خير انطلقت من استاد مصر الجديد بالعاصمة الإدارية وكان «كله جديد فى جديد» خلال المباراة الأخيرة لمنتخبنا أمام نيوزيلندا، بدءا من التفكير بإطلاق البطولة وتسميتها باسم العاصمة مرورا بالتشكيل الجديد والمختلف لمنتخبنا، وصولا لتلك الروح التى ليست بالجديدة لكنها عادت مجددا بعد غياب سنوات عن لاعبينا وهى الميزة الكبرى لحسام وإبراهيم حسن، لنجد 11 مقاتلا فى الملعب وتعود لمنتخبنا أنيابه من جديد وسط الحضور الجماهيرى الذى نتمناه مستمرا فى كافة الاستادات وليس فقط استاد مصر.

فكرة رائعة تنظيم البطولة باستاد العاصمة الذى ظهر بثوب عالمى مشرف يضاهى جمهوريتنا الجديدة التى نتمناها متميزة ومتطورة فى كل شىء، بشرة خير تلك الإمكانيات التى تحدث عنها كل من زار الاستاد من سهولة وعصرية الطرق المؤدية إليه، وروعة التنظيم بمداخل ومخارج الجماهير بنظام عالمى وترقيم كامل للمقاعد منعا للعشوائية والصعوبة فى الوصول للأماكن، وانتشار الخدمات وإمكانيات تكنولوجية جاهزة لأى بطولة دولية، كل هذا رغم أن الاستاد مازال فى التشغيل التجريبى، فما بالنا بالتشغيل الفعلى؟ كما انه سيصبح جاهزا لتنظيم الحفلات والمناسبات العالمية.

ستاد مصر.. صرح رياضى رائع وعالمى يليق بمصر.


الصعايدة وسيوف الغربى من جديد

«من يحمى الصعايدة من سيوف الغربى»، تحت هذا العنوان كتبت منذ حوالى أربعة أعوام عن الطريق الصحراوى الغربى للصعيد، وكيف أنه وقتها كان طريق موت بسبب ما يطلق عليه الصعايدة «سيوف الصحراوى»، وهى مرتفعات حادة بقلب الطريق كانت سببا لعدة حوادث أزهقت الكثير من الأرواح، ومثله مثل أى طريق بمصر طالته يد التطوير والتحديث وأصبح الصحراوى الغربى للصعيد طريقا عالميا، حارات خاصة ومنفصلة لسيارات النقل التى تعد سببا رئيسيا للسيوف بسبب حمولتها، وطريق للملاكى والأجرة بعدة حارات وخدمات متعددة.

لكن، أول أمس كنت عائدا من قريتى أبا البلد بمركز مغاغة بالمنيا، ولاحظت بوادر عودة غير محمودة لسيوف الصحراوى الغربى فى مناطق قليلة بهذا الطريق العالمى، مع مخاوف من شبح العودة لتلك السيوف، فكما كانت آفة حارتنا النسيان قديما، احدى آفاتها الآن تراجع الصيانة، فبدأت السيوف تتسلل خلسة، أناشد وزير النقل الوزير كامل الوزير سرعة التدخل حتى لا نهيل التراب على إنجاز لم يكن حتى بأحلام الصعايدة!

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة