د. أحمد فؤاد باشا
د. أحمد فؤاد باشا


سلسلة «كلمات ربي وآياته في القرآن والكون».. «أَصحَابَ الكَهف»

حاتم نعام

الخميس، 28 مارس 2024 - 12:32 م

تواصل بوابة أخبار اليوم نشر سلسلة (كلمات ربي وآياته في القرآن والكون) للأستاذ الدكتور، أحمد فؤاد باشا (عضو مجمع اللغة العربية)، وحلقة اليوم عن 

{ أَصحَابَ الكَهف}:

 

قال تعالى في سورة الكهف: {أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا} (سورة الكهف: 9).

وردت هذه الآية الكريمة من سورة أهل الكهف التي تحكي قصة الفتية الذين فرّوا بدينهم لما اشتد الكفر في قومهم وساد البطش والعصيان في مُلْكهم، فأماتهم الله – سبحانه وتعالى – في كهفهم ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعًا. وقد وردت قصة أهل الكهف في القرآن الكريم ردَّا على بعض المشركين الذين سألوا الرسول – صلى الله عليه وسلم – عنها للتأكد من نبوته، وذكرت كتب التفسير في معنى قوله تعالى: {فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا}، ألقينا عليهم الندم في الغار سنين عديدة، أو ضربنا على آذانهم حجابا يمنعهم من سماع الأصوات والحركات، أو سددنا آذانهم بالنوم الغالب عن سماع الأصوات، والمفعول محذوف، أي ضربنا على آذانهم الحجاب تشببها للإنامة الثقيلة المانعة من وصول الأصوات إلى الآذان بضرب الحجاب عليها.

وكل هذه الاجتهادات في التفسير مقبولة عقلاً في كنف الإيمان الصادق بقدرة الله – سبحانه وتعالى – الذي يقول للشيء كن فيكون.

لكن العلم الحديث، بما وصل إليه من خبرة متقدمة، يستطيع أن يقرب معنى هذه المعجزة الإلهية التى حدثت لأهل الكهف بحيث يستطيع العقل البشري تصورها في ضوء ما تكونت لديه من خبرات في عالم الواقع، تمامًا مثلما أصبح العقل مهيأ في العصر الحديث لتخيّل معجزتي الإسراء والمعراج اللتين حدثتا للرسول محمد – صلى الله عليه وسلم –، وذلك في ضوء ما نشاهده في عصرنا من قدرة الإنسان على مغادرة الأرض وارتياد أجواز الفضاء الخارجي بالأجهزة والمعدات، وصولاً إلى الكواكب والمجرات البعيدة. فإذا كان الإنسان بقدراته المحدودة للغاية قد استطاع القيام بهذا الإنجاز، فكيف إذا كان الإعجاز من قبل الله ذي القدرة المطلقة.

من هنا يأتي اهتمامنا بعرض ما توصل إليه العلم الحديث عسى أن يقرب للأفهام بعض المعجزات الإلهية الخارقة للعادة التي تعوّد الإنسان عليها. ذلك أن العلم الحديث قد توصل إلى طريقة معروفة لحفظ الأعضاء الآدمية حتى يتم زراعتها، وتتم غالبًا عن طريق التبريد، أو بواسطة بعض العقاقير، أو بتفريغ الهواء المحيط، أو بطريقة التجفيف عن طريق التبريد السريع للعضو مع القيام بعملية تفريغ الهواء لسحب الماء من العضو في صورة مجمَّدة. ولقد أصبح اليوم لحفظ الأعضاء الآدمية ضرورة كبيرة في جميع عمليات نقل الأعضاء، ونقل الأعضاء من شخص متوفي حديثًا هو المصدر الوحيد لبعض الأعضاء مثل القلب والكبد. وفي حالة الأعضاء التي يمكن نقلها من إنسان حي، مثل الكلية، فإنه قد يكون من الضروري حفظ العضو لفترة حتى يتم إجراء الفحوصات اللازمة وتحضير المريض للعملية.

وبناء على ذلك يمكن القول بلغة العلم الحديث أن الله – سبحانه وتعالى – أوقف وظيفة آذان أهل الكهف عن السمع فسيولوچيا، وذلك ضمن توقف بقية الأعضاء عن أداء وظيفتها وقتيًّا، فتوقفت العين عن الإبصار برغم كونها مفتوحة، وتوقفت الأعضاء عن النمو فلم تزدد الأظافر والشعر طولاً، وتوقفت العضلات عن الحركة، فتولى الله – سبحانه وتعالى – تقليبهم جهة اليمين وجهة الشمال حتى لا تأكل الأرض من أجسادهم التي كانت في حالة توقف تام لعمليات البناء والهدم Metabolic inhibition بالطريقة المعروفة حاليًا في حفظ الأعضاء الآدمية حتى يتم زراعتها.

ولو أن أهل الكهف كانوا نيامًا فقط لاحتاجوا إلى الماء والغذاء ولأيقظتهم الحاجة إلى التبول بعد بضع ساعات. لكن الله سبحانه وتعالى أوقف بقدرته جميع الوظائف الحيوية وأبقى الأجسام في صورة حية على نحو أشبه بما يتم في عصرنا عند حفظ الأعضاء، مثل حفظ الدم والقرنية والكلى والكبد والقلب وغيرها لحين زراعتها في أشخاص آخرين. 

وربما يدعم هذا التفسير ما نراه اليوم من عودة الحياة لأشخاص دفنوا تحت الجليد لعدة أيام ثم عادت إليهم الحياة بعد تدفئتهم، خاصة لصغار السن.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة