استمرار القصف المدفعى ما بين القوات الإسرائيلية وعناصر حزب الله
استمرار القصف المدفعى ما بين القوات الإسرائيلية وعناصر حزب الله


لبنان فى انتظار الصفقة المتكاملة

مخاوف من «التصعيد» وآمال التوصل إلى «التسوية»

أسامة عجاج

السبت، 30 مارس 2024 - 07:15 م

هذا هو لبنان كتبت عليه الجغرافيا السياسية والتنوع المذهبى تحديات لامثيل لها ومر بظروف صعبة وخلافات شديدة وصلت إلى حرب أهلية لعدة سنوات
وخلال الفترة الأخيرة عانى من تداعيات طوفان الأقصى وتبعاته بعد دخول حزب الله كطرف فيها وفقًا لمقولة وحدة ساحات المقاومة وقام بفتح جبهة أخرى وفقًا لقواعد الاشتباك المعروفة والمتفق عليها ضمنًا مع إسرائيل بمهمة إشغال القوات الإسرائيلية وتخفيف الضغط عن المقاومة الفلسطينية فى غزة ولأن كل حرب لابد أن يكون لها نهاية فهناك مخاوف حقيقية لدى كل المكونات السياسية والمذهبية فى لبنان من فترة ما بعدها هناك - حزب الله - من يتنظر انتصارًا له يكرس قوته ونفوذه فى الداخل اللبنانى وفريق آخر - المناهضين له وهم كثر - يتمنى أن تنتهى بسحق خصومه السياسيين ولهذا فلم يعد من الصعب رصد حجم انقسام كبير لم تستطع وقائع الأشهر الماضية إخفاء معالمه فى ظل وجود أكثرية قد ترفض الانجرار للحرب.

وهذا ما يظهر فى تصريحات قادة كبار ومنهم رئيس حزب الكتائب سامي الجميل الذى قال «نحن قاب قوسين أو أدنى من تكرار تجربة غزة فى جنوب لبنان» ودعا حسن نصر الله «إلى وقف ما أسماه مهزلة جبهة المساندة وإلهاء إسرائيل فأنت تجر الدمار إلى الجنوب» وتعددت مظاهر هذا الانقسام ولو بصورة محدودة حيث شهدت الأيام الماضية تجدد الخلاف بين أهالى بلدة رميش المسيحية وبين حزب الله بعد تثبيت الحزب لمنصة إطلاق صواريخ فى البلدة قرب منازل المواطنين ويضاف إلى ذلك الأنباء التى تحدثت عن نية الحكومة اللبنانية دفع تعويضات لسكان الجنوب نتيجة العدوان الإسرائيلى مما دفع الأطراف الأخيرة إلى التساؤل ولماذا لم يتم نفس الإجراء من متضررى انفجار مرفأ بيروت؟.. ولعل المشهد السياسى فى لبنان مرتبط بملفين مهمين سيحكمان الأوضاع فى البلد لفترة طويلة قادمة وهما مصير المعارك الدائرة بين حزب الله والجيش الإسرائيلى وقدرة النخب السياسية فى لبنان عبر مجلس النواب فى تمرير وانتخاب الرئيس القادم بعد عجز كامل عن ذلك منذ انتهاء ولاية الرئيس ميشيل عون فى أكتوبر من عام ٢٠٢٢.

يبدو المشهد على الصعيد العسكري مفتوحًا على كافة الاحتمالات فى ظل تناقض التصريحات والمواقف من الأطراف الفاعلة فى المشهد اللبنانى والأرقام تكشف عن العدوان الإسرائيلى على لبنان تسبب فى سقوط أكثر من ٣٥٠ ضحية وإصابة أكثر من ١٣٠٠ بالإضافة إلى حجم التدمير الذى طال بلدات لبنانية فى الجنوب والذى يحتاج إلى ٧٠٠ مليون دولار لإعادة تعميرها بالإضافة إلى تهجير قسرى وهى حصيلة كبيرة فى مواجهات مازالت فى نطاق السيطرة كما أن الخميس الماضى مثلاً كان الأكثر دموية منذ بداية الحرب حيث سقط ١٦ شهيدًا خلال أربع وعشرين ساعة على الرغم من المواجهات بين قوات حزب الله والجيش الإسرائيلى مستمرة وفق ما يمكن أن نسميه «التصعيد المنضبط» والالتزام بقواعد الاشتباك المقررة ضمنًا منذ عدوان ٢٠٠٦.

ولكن منذ فترة ليست قليلة وتحديدًا فى الشهر الماضى بدأ الجيش الإسرائيلى فى تغيير قواعدها وذلك بالقيام بهجمات إلى الداخل اللبنانى ووصل منذ أيام إلى منطقة الحدود اللبنانية مع سوريا ومن قبلها بعلبك بعد استهداف حزب الله لقاعدة عسكرية إسرائيلية فى الجولان ومنطقة الهرمل فى شمال شرق لبنان فى سهل البقاع وذلك للمرة الأولى منذ بداية العمليات قبل ستة أشهر وتبعد ١٢٠ كيلو عن الحدود الجنوبية مع إسرائيل وتنص قواعد الاشتباك الجديدة على أنه فى حال استخدام الحزب لمسيرات أو عمليات نوعية يتم الرد فى مدينة بعلبك وتوسيع رقعة المناطق اللبنانية المستهدفة.

ويمكن رصد الموقف الإسرائيلى من الوضع على صعيد العمليات باتجاه مزيد من التصعيد باعتباره الخيار الوحيد لدى قادة إسرائيل وهو ما عبر عنه وزير الدفاع الإسرائيلى بدليل المناورة المفاجئة التى قامت بها القوات الإسرائيلية يوم الخميس الماضى بتعليمات واضحة من رئيس الأركان فى إطار الاستعداد للحرب وتحدث قائد المنطقة الشمالية عن جهوزية قواته للتصرف على الحدود اللبنانية.

ويبدو الموقف الأمريكى متناقضًا فى الظاهر ويتم استخدامه للضغط على حزب الله لتعديل مواقفه ومن ذلك ما تم الكشف عنه من أن المبعوث الأمريكى أموس هوكستين حمل رسالة إلى القادة اللبنانيين فى زيارته مطلع هذا الشهر بان التوصل إلى هدنة فى غزة لا يعنى بالضرورة أنها ستمتد إلى لبنان وأشار إلى أن التصعيد أمر خطير فليس هناك ما يسمي- وفق ما نقلته بعض التقارير عنه- حرب محدودة وهو ما يؤكده أيضًا تحذير سفيرة أمريكا فى بيروت ليزا جونسون من أن الخيار المطروح هو إما إعلان منطقة جنوب الليطانى منزوعة السلاح وانسحاب حزب الله أو الحرب رغم وجود توافق أمريكى إيرانى غير مباشر على منع اندلاع حرب على الجبهة اللبنانية حيث حذرت واشنطن إسرائيل من فتح جبهة لبنان أو تحويل الأمر إلى حرب شاملة ومفتوحة وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الامريكى باتريك رايدر « لا أحد يريد حربًا إقليمية تتجاوز غزة ونحن ندعم بالوسائل الدبلوماسية من أجل منع تحول الوضع فى شمال إسرائيل إلى حرب»وشدد الناطق باسم مجلس الأمن القومى الأمريكى جون كيربى على أن «إعادة الهدوء على طول الحدود يجب أن تكون أولوية قصوى لكل من لبنان وإسرائيل» وعلى الجهة الأخرى قيل إن قائد الحرس الثورى الإيرانى إسماعيل قاآنى فى الاجتماع الأخير مع الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله طالبه بالحرص فى الرد على الاعتداءات الإسرائيلية حتى لو تجاوزت قواعد الاشتباك ويبدو أن أمر نهاية العمليات مرتبط بالتنفيذ الكامل للقرار ١٧٠١ ولكن المشكلة فى الشروط الإسرائيلية غير المقبولة والخاصة بتسليم سلاح حزب الله وكانت الأزمة اللبنانية محل اهتمام  اجتماعات مجلس الأمن الخميس قبل الماضى للاستماع إلى تقريرى المنسقة الخاصة للأمم المتحدة فى لبنان جوانا فرونتسكا ووكيل الأمين العام للأمم المتحدة جان بيار لاكروا عن الجهود المتواصلة لتنفيذ القرار ١٧٠١ والاتفاق على المخاوف من التصعيد والحاجة إلى التنفيذ الكامل للقرار ١٧٠١ ودعم دور قوات الأمم المتحدة يونيفيل للقيام بالمزيد من الدوريات والبحث في آليات توسيع المنطقة العازلة مع دعم دور القوات اللبنانية فى هذا الشأن.

وبعد فكل السيناريوهات مفتوحة إما باتجاه فتح جبهة مواجهة كبيرة بين حزب الله والجيش اللبناني والذي يمكن أن يكون له نتائج كارثية ليس على البنية التحتية بل وحتى على التركيبة السياسية الهشة فى لبنان أو التوصل إلى تسوية سياسية تتضمن بنودًا مقبولة من حزب الله ويتم الضغط على قادة تل أبيب للقبول بها خاصة وأنها تبحث عن إنجاز يتمثل فى انسحاب لقوات الحزب إلى شمال الليطانى وتسويقه على أنه انتصار كبير.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة