الشيخ محمد متولى الشعراوى
الشيخ محمد متولى الشعراوى


خواطر الإمام الشعراوي| مواقيت العبادات محسوبة بالقمر

الأخبار

السبت، 30 مارس 2024 - 07:25 م

يواصل الإمام الشعراوي، خواطره حول الآية (189) من سورة البقرة: «يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ « قائلاً: نحن في مصر إذا أردنا الحج فإننا نبدأ الإحرام عند رابغ، ونُسمى رابغ ميقات أهل مصر أى هى المكان الذى لا يتجاوزه من مر عليه إلا وهو محرم. إذن فالميقات قد أطُلق على مكان هو رابغ، ومن فور وصول الإنسان المصري إلي رابغ بغية الحج يحرم، سواء كان الوقت صباحاً أو ظهراً أو عصراً أو مغرباً.

ولكن عندما نبدأ فى الصوم فإن الزمن يصبح هو الأصل فى صومك فى أى مكانٍ تذهب إليه، إن الزمان هو الذى يحدد مواعيد الصوم: فى طنطا أو لندن أو فى طوكيو، وهكذا نعرف كيف يكون الزمن ميقاتاً، إذن فمرة يكون الزمن هو المتحكم فى الميقات والمكان طارئ عليه، ومرة يكون المكان هو الذى يتحكم فى الميقات، والزمن طارئ عليه، ومرة يتحكم الزمان والمكان معاً فى الفعل مثل يوم عرفة.

وهكذا نعرف معنى «مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ»، فنحن بالهلال نعرف بدء شهر رمضان، ونعرف به عيد الفطر، وكذلك موسم الحج وعدة المرأة، والأشهر الحرم، إن كل هذه الأمور إنما نعرفها بالمواقيت. وشاء الحق أن يجعل الهلال هو أسلوب تعريفنا تلك الأمور وجعل الشمس لتدلنا على اليوم فقط، وإن كان لها عمل آخر فى البروج التى يتعلق بها حالة الطقس والجو، والزراعة، ولذلك قال: «هُوَ الذى جَعَلَ الشمس ضِيَآءً والقمر نُوراً» «يونس: 5». وانظر إلى الدقة فى الأداء وكيف يشرح الحق للإنسان ماهية النور، وماهية الضوء إن الشمس مضيئة بذاتها، أما القمر فهو منير؛ لأن ضوءه من غيره؛ فهو مثل قطعة الحجر اللامعة التى تنعكس عليها أشعة الشمس فتعطينا نوراً. إن القمر منير بضوء غيره، ولذلك يقول الحق فى آية أخرى: «وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجاً وَقَمَراً مُّنِيراً» «الفرقان: 61». والسراج فى هذه الآية هو الشمس التى فيها حرارة، وجعلها الحق ذات بروج، أما القمر فله منازل وهو منير بضوء غيره؛ وفى ذلك يقول الحق: «هُوَ الذى جَعَلَ الشمس ضِيَآءً والقمر نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السنين والحساب» «يونس: 5». إذن، فعدد السنين وحسابها يأتى من القمر، وفى زماننا إذا أرادوا أن يضبطوا المعايير الزمنية فهم يقيمونها بحساب القمر؛ فقد وجدوا أن الحساب بالقمر أضبط من الحساب بالشمس؛ فالحساب بالشمس يختل يوماً كل عددٍ من السنين. ولنفهم الفرق بين منازل القمر وبروج الشمس.

إن البروج هى أسماء من اللغة السريانية، وهو: برج الحمل، والثور، والجوزاء، والسرطان، والعذراء، والأسد، والميزان، والعقرب، والقوس، والجدي، والدلو، والحوت، وعددها اثنا عشر برجاً هذه هى أبراج الشمس، ويتعلق بها مواعيد الزرع والطقس والجو، ويحب أن نفهم أن لله فى البروج أسراراً، بدليل أن الحق سبحانه وتعالى جعلها قسماً حين يقول: «والسمآء ذَاتِ البروج». ولذلك تجد أن التوقيت فى الشمس لا يختلف؛ فالشهور التى تأتى فى البرد، والتى تأتى فى الحر هي هي، وكذلك التى تأتى فى الخريف، والربيع، وبين السنة الشمسية والسنة القمرية أحد عشر يوماً، والسنة القمرية هى التى تُستخدم فى التحديد التاريخى للشهور العربية ونعرف بداية كل شهر بالهلال: «إِنَّ عِدَّةَ الشهور عِندَ الله اثنا عَشَرَ شَهْراً» «التوبة: 36».

ولذلك كانت تكاليف العبادة محسوبة بالقمر حتى تسيح المنازل القمرية فى البروج الشمسية، فيأتى التكليف فى كل جوٍ وطقسٍ من أجواء السنة، فلا تصوم رمضان فى صيفٍ دائم، ولا فى شتاءٍ دائم، ولكن يُقَلِّبُ الله مواعيد العبادات على سائر أيام السنة، والذين يعيشون في المناطق الباردة مثلاً لو كان الحج ثابتاً فى موسم الصيف لما استطاعوا أن يؤدوا الفريضة، ولكن يدور موسم الحج فى سائر الشهور فعندما يأتى الحج فى الشتاء ييسر لهم مهمة أداء الفريضة فى مناخٍ قريبٍ من مناخ بلادهم.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة