عصام عبد الحافظ
عصام عبد الحافظ


عصام عبد الحافظ يكتب: الشيطان يَعِظ بدموع التماسيح!

الأخبار

الخميس، 04 أبريل 2024 - 08:31 م

■ بقلم: عصام عبد الحافظ

صوت الحاجة أم منعم في مدح الرسول، يبدو وكأنه لحن سماوي طبيعي يردد نغمات الحب التلقائي لحبيب الرحمن وإمام الأنبياء

الشيطان يعظ.. هذه العبارة كانت تتردد كثيرًا، وتستحوذ على ردود الأفعال الغاضبة قبل أيام من حلول شهر رمضان الكريم، حيث كانت نغمة ضرورة إيقاف حرب الإبادة على الفلسطينيين هى الغالبة فى تصريحات وأقوال الاستهلاك الإعلامي، وكان القلق يتعاظم من تأجيج مشاعر الغضب واتساعها إلى الضفة الغربية، فالوضع دائمًا ما يكون على حافة الانفجار فى حالة حرمان الفلسطينيين من أداء المناسك والعبادات التى اعتادوا عليها فى المسجد الأقصى، والغريب أن هذه التحذيرات وتلك التخوفات كانت تصدر من شركاء حرب الإبادة وداعموها من صقور الإدارة الأمريكية، وخصوصًا جو بايدن، وأنتونى بلينكن، وجون كيربي.

ولا عجب أن تُصاحب عبارة الشيطان يعظ كل مشاعر الدهشة، فالذين كانوا يرددون تلك التحذيرات، هم الرئيس الأمريكى بايدن الذى يتافخر بصهيونيته، وتُنسب له مقولة «ليس شرطًا أن تكون يهوديًا لكى تُصبح صهيونيًا»، وله تصريح أشهر عندما كان نائبًا فى الكونجرس، وتتداوله فيديوهات على السوشيال ميديا، وهو يقول: إذا لم تكن إسرائيل موجودة، فيجب علينا أن نوجدها ونخترعها فى الشرق الأوسط. وتخيلوا معى أن الذى كان يخطب بحماس هتلرى في الكونجرس، ويُشجع النواب على دعم اسرائيل وتلبية احتياجات جيشها، وتوفير الحماية لها فى جرائم الابادة لكل ما هو فلسطيني، هو نفس بايدن الذى ارتدى ثوب الواعظ وارتدى عباءة كبير المنافقين قبل أيام من الشهر الكريم، وهو نفس الشخص الذى هرول إلى إسرائيل بعد عملية المقاومة الباسلة فى السابع من أكتوبر الماضي، وحرص أن يُشارك مجلس حرب الكيان الصهيونى فى الاعداد لحرب الإبادة لقطاع غزة.

ولم يكن بلينكن وزير الخارجية أقل حماسا وصهيونية من بايدن، فقد خطب أمام نتانياهو وأمام الإسرائيليين على الشاشات، مؤكدًا أنه جاء إليهم بصفته يهوديًا مات جده فى محرقة النازي، واعتاد بلينكن بعدها على عمل جولات مكوكية فى المنطقة على مدار ستة أشهر، وتحت ستار إبرام صفقة تبادل للأسرى والرهائن بين الاحتلال والمقاومة، وكان ومازال بكل قوة يقدم الدعم السياسى والدبلوماسى لإسرائيل. 

وهكذا أيضًا كان يفعل جون كيربى مستشار البيت الأبيض، وبدموع التماسيح على الملأ كان يعتذر بمشاهد تمثيلية عن عدم استكمال مؤتمره الصحفى لتدهور مشاعره حُزنا على ضحايا المستوطنين المحتلين لأرض وبيوت الفلسطينيين!!، أليس من المُضحك أن يكون الواعظ هو الشيطان بعينه..     

◄ سامي أرميا .. ومكانته الدولية
• الإثنين :
من حُسن الطالع أن تتوافق بداية شهر رمضان الكريم مع بداية الصوم الكبير عند الإخوة الأقباط، وهذا التوافق يجعل لخصوصية العلاقة والشراكة بين عنصرى مصرنا الحبيبة مذاق خاص، وغالبًا ما تكون هذه المناسبات المشتركة مع الاحتفال بيوم شم النسيم هى الترجمة الصادقة لمشاعر التقارب والتعايش بين مسلمى مصر وأقباطها، وشخصيًا ألمسها دائمًا فى مشاعر صديقى المهندس سامى أرميا ناشد رئيس الهيئة العامة لجمعيات الشبان المسيحية فى مصر والشرق الأوسط مع كل من حوله من اصدقاء ومعارف أو حتى الذين لا تربطه بهم سابق معرفة، ولم يتغير منذ عرفته فى بداية التسعينيات، والذى عَرّفنى به منذ ثلاثة عقود تقريبًا صديقنا وبلدياتنا المشترك حسن أبوصغير وكيل وزارة الشباب والرياضة الأسبق. 

وللمهندس سامى أرميا فى هذه المناسبات عادات لا يتخلى عنها وخصوصًا يوم شم النسيم، ويُحافظ عليها لما لهذا اليوم من قيمة ومكانة عند المصريين، ولم تتغير العادة ولم يتغير موعدها يوم الاثنين منذ عهود الفراعنة، حيث يحرص سامى كل عام على دعوة مجموعة من الأصدقاء للاحتفال بشم النسيم، ويتشاركون فى نفس طقوس العادات المصرية القديمة فى مأكولات ومشروبات غير تقليدية، لا ترفُضها شهية وشهوة النفس البشرية ولو لمرة واحدة كل عام، لكن الأهم تلك الصورة الرائعة للإنسجام بين خيوط النسيج الواحد الذى يتشكل من عُنصرى الأمة..

ودائمًا ما تكون المناسبة السنوية فى مقر الهيئة العامة لجمعيات الشبان، وهو المقر الاقليمى للاتحاد الدولي، وقبل أن يرأس سامى مجلس إدارة المقر الإقليمي، كان يشغل منصب المدير العام لأكثر من ربع قرن بنفس الحضور والعطاء، واستطاع أن يرتقى بدور ورسالة جمعيات الشبان فى دول الشرق الأوسط عمومًا وفى مصر على وجه الخصوص، وأصبح موقعه لا يُنافسه عليه أحد، وتحول إسمه إلى مصدر للثقة والارتياح لدى وفود دول الشرق الأوسط إلى مصر، وبات أيقونة نجاح فى تحقيق الاكتفاء الذاتى من خلال تنمية موارد الهيئة العامة والجمعيات فى كل ربوع مصر، فلم يلجأ فى يوم من الأيام إلى الاعانات من الدولة أو القروض من البنوك.. ومن أبرز السمات الشخصية لأرميا، هو ارتباطه بعلاقات طيبة ومتوازنة مع الجميع، وليس له أى توجه خاص إلا مصريته وعروبته القومية، ولذلك ليس غريبًا أن تتواجد فى أركان مكتبه وأروقة الهيئة العامة عدد من سجَّادَات الصلاة، اعتاد أصدقاؤه استخدامها فى أوقات الصلاة، وهذه الصفات جعلته مطلبًا دائمًا فى المناسبات والمصالحات، وفى تأسيس جمعيات المجتمع المدني، وكانت ومازالت بعض الاحزاب السياسية تُخاطب وده وتُغريه بالانضمام إلى عضويتها لشعبيته وشهرته الواسعة، ليس فى أسيوط فقط ولكن فى العديد من مدن ومحافظات المحروسة..

وعليه توثقت واتسقت علاقة الأخوة والصداقة بيننا، لكن الخصوصية الأهم فى صداقتنا تكمن فى تلك الروابط المشتركة، ويأتى فى مقدمتها الاهتمام بخدمة المجتمع المدني، لكن الانتماء لنفس مسقط الرأس- أسيوط - له بريق ورونق خاص لكلانا، وكلانا يعتز بهذا الاسم الذى وفقًا لإحدى الأساطير الفرعونية، يرجع لأحد سحرة فرعون الأفذاذ الذين آمنوا برب موسى فقتله فرعون مثل بقية السحرة، فخلَّدهم التاريخ بإطلاق أسماءهم على المدن التى جاءوا منها، كما أن كلانا يفخر بتقاليد ورموز أسيوط الوطنية التاريخية فى كافة المجالات. 

◄ الحاجة كريمة.. مداح الرسول
• الجمعة :
لقراءة سورة الكهف كل يوم جمعة فضل عظيم لا يشعر بحلاوته إلا من عايشه، فهى من نعم الله علينا لغفران الذنوب وتنقية النفوس، وهى عادة أحرص عليها، وتأتى بعد نعمة صوم يوم الخميس اقتداءً بسنة الحبيب، ومنذ بضعة أعوام يستهوينى الحنين إلى سماع الأناشيد والمدائح النبوية فى حب الرسول، ويرجع الفضل فى ذلك إلى بعض فيديوهات التواشيح للحاجة كريمة أو الحاجة أم منعم، كما يحلو له أن يناديها زوجها الزميل والصديق الحاج محمود فراج، وهى أيضًا والدة الزميل البشوش عبد المنعم فراج.

صوت الحاجة أم منعم فى مدح الرسول، يبدو وكأنه لحن سماوى طبيعى يردد نغمات الحب التلقائى لحبيب الرحمن وإمام الأنبياء، وقد قادتنى الصدفة منذ أعوام لتلبية دعوة الحاج محمود لحضور الليلة الختامية لمولد الإمام الحسين، وكانت الحاجة أم منعم تساعد زوجها فى تقديم العون وإطعام زوار خدمتهم من المريدين والفقراء وعابرى السبيل، وهو الآن أكبر مشجع وداعم لها فى مدح الحبيب.

◄ رفقًا بملوك الوفاء!
تستوقفنى أحيانًا عبارة أو مقولة فيها الكثير من المعانى والواقعية، وتقول: «الوفاء موجود فى كل الكلاب، وفى بعض البشر»، وهذه الصفة هى أكثر ارتباطًا بهذه الكائنات، وخلق الله صفة الوفاء فى الكلاب من أجل الانسان ولخدمته مثل معظم المخلوقات الأخرى، ولم تحُض معظم الشرائع السماوية على كراهية هذه المخلوقات، فيما عدا ما تروجه أكاذيب الإسرائيليات من ادعاءات باطلة حول طبيعة الكلاب مما يُحرض على تعذيبها وعدواتها وعدم الرفق بها..

فلم تذكر المسيحية وإنجيلها هذه المخلوقات الأليفة بسوء أو إساءة، ويُعتبر الدين الاسلامى أكثر كَرمًا ورحمة بهذه المخلوقات بذكرها فى عدة آيات فى القرآن الكريم، وجعل الكلب رفيقا وصاحبًا للفئة المؤمنة أصحاب الكهف، ولصفة الوفاء التى ينفرد بها، وطبيعته فى الحراسة التى خُلق من أجلها، دلل عليهما فى هيئته التى بقى عليها طوال ثلاثمائة وتسع سنين» .. وكلبُهُم باسطٌ ذِرَاعيه بالوصيد ..».

ومما يؤكد على سُمُوّ الرحمة والرفق بهذه المخلوقات ما ورد فى الحديث النبوى الشريف الذى يذكر، أن إمرأة دخلت الجنة فى كلب ظمآن فروته، ويحكى التراث أنها كانت غانية من بنى اليهود، ووجدت كلبًا يلهث ويكاد يموت من العطش، ولم تجد وعاءً تجلب به الماء من البئر، فاضطرت إلى استخدام موقها، والموق هو ما ترتديه فوق خُفها، وروت عطشه من موقها، فغفر الله لها ذنوبها وأدخلها الجنة جزاءً لهذا الفعل الرحيم والانساني.. 

وعلى الرغم من ذلك فإن الرفق والرحمة بمخلوقات الوفاء، مازالا غائبين عن صفات بعض البشر، بل أن هؤلاء البعض يتنكرون لكلاب اشتروها بآلاف الجنيهات، وصرفوا عليها أضعاف ذلك للوجاهة واللهو والتفاخر قبل الحراسة، ولأسباب تتعلق بالملل والتشبُع والإهمال يتخلون عنها، ويتخلصون منها فى الشوارع بعد أشهر أو سنوات من ارتباطها واعتيادها على حياة المنازل، فتكون الشوارع بمثابة الجحيم لها، وتنتهى حياتها بنهايات مأساوية على قارعات الطرق، وتكون شاهدة على ظُلم البشر لمخلوقات خُلقت للوفاء له، ووثقت فيه، واطمأنت لأفعاله.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة