صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


«أنقاض وركام».. جدران غزة تحكى 200 يوم من الحرب

إسراء ممدوح

الأربعاء، 24 أبريل 2024 - 09:17 م

توالت جرائم الاحتلال الغاشمة على مدار 200 يوم من الحرب الإسرائيلية الهمجية، وتكررت مشاهد الدمار والخراب في كل زاوية من أراضي غزة، ولم يترك العدوان الإسرائيلي زاوية دون أن يطالها، مارًا بكل حيٍ وشارع حتى يدمره، ليغمر كل شبر من أرض غزة المنكوبة بظلال الدمار والخراب، فتارة تُقصف وتُهدم البيوت والمنازل، وتارة أخرى تُستهدف الأحياء السكنية والمدارس حتى سوّيت أحياء بأكملها بالأرض، ليخلف الاحتلال وراءه مزيدًا من الألم والمعاناة لأهالي القطاع.

وتتجدد مأساة إنسانية يومًا بعد يوم في قطاع غزة، يجتمع فيها الحزن واللوعة والصمت المؤلم، ويتزايد عدد المفقودين والشهداء بسبب الصراع القائم الذي يفرضه العدوان الإسرائيلي على غزة، "والذي يكون ثمنه دائمًا هو دماء الأبرياء".


«مخيم جباليا».. من حي سكني لبؤرة من الدمار

وفي لحظة مروعة وبدون سابق إنذار في 31 أكتوبر الماضي، قصفت طائرات الجيش الإسرائيلي مربعًا سكنيًا مكتظًا بالسكان الأبرياء، مما أدى إلى تحول هذه الباحة السكنية الهادئة إلى بؤرة من الدمار والخراب، فعشرات المنازل التي كانت موطنًا للعائلات في المخيم تم تدميرها بالكامل، وأصبحت الأشلاء متناثرة في كل مكان بالمخيم.

اقرأ أيضًا: «شهادات الموت والرعب والأمل».. أهل غزة يصفون 200 يوم من الحرب | خاص

فاجعة مخيم جباليا، لا تستطيع وصفها كل الكلمات والعبارات الإنسانية، فالجريمة البشعة التي خلفها الاحتلال في هذا المخيم الذي كان يسكنه الآلاف، تُرى بالعين وكافية لِتروي المشهد الأليم.

وتعرّض المخيم لقصف إسرائيلي عنيف باستخدام 6 قنابل، وزن كل منها حوالي طن من المتفجرات، ما أسفر عن تدمير الحيّ وتحوله إلى أنقاض مُتراصة جنبًا إلى جنب في لحظة واحدة، ليصبح هذا الحي مكب للمفقودين والشهداء.

وفي هذه المجزرة، خلف العدوان الإسرائيلي دمارًا هائلًا تاركًا عددًا كبيرًا من القتلى والمصابين الأبرياء، كانت حصيلة الضحايا الأولية 400 شخص بين قتيل وجريح، ولكن من المؤكد، بعد انتشال باقي الجثث من تحت الأنقاض، ستكون حصيلة القتلى كارثية.

وبعدما قصف الاحتلال المخيم، عاش أهالي الضحايا لحظات في حالة صدمة عميقة مما حدث في دقائق، فمن نجا من الكارثة، بات يتنقل بين الأنقاض بحثًا عن ذويه المفقود، أو ينتشل بقايا أجزاء جسد أسرته الأشلاء، فيهم من فقد ولده أو أمه أو أباه، وآخرين فقدوا أفراد عائلتهم جميعا، وعلى الرغم من ضخامة الفاجعة التي جرت في المخيم، وتسليط الضوء على حجم الكارثة الإنسانية التي يمر بها القطاع، إلا أن الكارثة الحقيقية هي أن الاحتلال مستمر في عدوانه على قطاع غزة.

وكان مخيم جباليا، ملاذًا آمنًا للعائلات التي نزحت إليه من عدة مناطق في غزة، ولكن لم يترك الاحتلال مكانًا آمنًا في القطاع، حتى أصبحت كل غزة مستهدفة بالغارات الإسرائيلية، فلا مخيم آمن ولا مدرسة ولا مسجدًا ولا كنيسة ولا مستشفى.


«بيت لاهيا».. مدينة في قلب الخراب

ومع استمرار تقدم وتوغل قوات الاحتلال الإسرائيلي في عمق قطاع غزة، شهدت مدينة بيت لاهيا في شمال القطاع اشتباكات عنيفة بين فصائل حركة حماس وجيش الاحتلال الإسرائيلي طوال الأيام الماضية.

وبعد انسحاب الاحتلال الإسرائيلي من هذه المنطقة التي تركها في حالة من الدمار الهائل، ظهر حجم الخراب في كل جزء من هذا الحي، حيث أصبحت البنية التحتية لهذه المنطقة مدمرة والمنازل التي كانت تعج بالسكان باتت غير صالحة للمعيشة.

ولم تكن الآثار الوخيمة في هذا الحي ناتجة فقط عن القصف الإسرائيلي الغاشم أو الاشتباكات التي وقعت في المنطقة بين جنود الاحتلال وفصائل حماس، بل كانت للجرافات الإسرائيلية أيضًا دور كبير في تحويل مدينة بيت لاهيا إلى كومة من الركام، حيث خرّبت تلك الآليات الثقيلة الشوارع وجرفتها وكانت سببًا في هدم عدة مباني سكنية ومنشآت عامة، مما زاد من تعقيد الوضع وكذلك حجم الدمار في هذا الجزء من القطاع المنكوب.

بيت حانون والعطاطرة والكرامة «تحت ظلال الدمار»

بالإضافة إلى بعض المناطق التي دمرها الاحتلال الإسرائيلي في مدينة بيت حانون التي كانت تعج بالحياة والسكان قبل أن تتحول إلى مشهد مروع من الخراب والدمار، وتعرضت هذه المنطقة لهجمات متكررة، ولم يكتفي الاحتلال بذلك، بل امتد الدمار والخراب إلى مناطق أخرى مثل حيي العطاطرة والكرامة في شمال قطاع غزة، وألحق العدوان الإسرائيلي كذلك أضرارا جسيمة بالمساحات الخضراء والبيئة المحيطة.


مدينة «خان يونس».. أنقاض مدينة

وأصبحت مدينة خان يونس أيضًا شاهدة على معاناة الشعب الفلسطيني بعدما ألحقت بها أيادي الاحتلال الإسرائيلي الدمار والخراب ليتجلى في شوارعها وبيوتها وجوانبها مدى الويلات التي حلّت بأبنائها وعائلاتها وأزقتها، لتنزف جراحها في كل زاوية خلف كل حجر متفتت وكل منزل مدمر، جراء العدوان الإسرائيلي على غزة المستمر منذ أكثر من ستة أشهر على التوالي.

وبعد انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من مدينة خان يونس، عاد بعض السكان إلى مدينتهم، يبحثون بين أنقاض منازلهم عن بقايا ممتلكاتهم، لكن عندما وصلوا إلى ديارهم، وجدوها مدمرة تمامًا، في مشهدٍ يحمل في طياته آلامًا وأحزانًا عميقة، بعدما خلف الاحتلال دمارًا هائلاً في المدينة المنكوبة.

وعلى طول شواطئ خان يونس، تتناثر ذكريات وأحلام حملها المتنفس الوحيد للسكان، وكانت تلك الأماكن ملاذًا لهم، ولكن بعد أحداث السابع من أكتوبر الماضي، عقب عملية "الطوفان الأقصى"، اختفى المتنفس وانقطع النفس تمامًا، وسط مشاهد الدمار والخراب التي ألمّت بالمنطقة.

وهكذا، باتت هذه المناطق شهودًا على الدمار الهائل الذي لحق بالمدن والأحياء في قطاع غزة خلال 200 يوم من الحرب الإسرائيلية على غزة المنكوبة.

ولا يمتنع الاحتلال عن ارتكاب مجازر وجرائم بشعة كل يوم، بل ويستمر في استهداف المدنيين الأبرياء بأعمال عدوانية مروعة، لتبدو غزة كمكان يشبه المقبرة لهؤلاء الأبرياء الذين يتعرضون للخطر والتهديد بشكل يومي.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة