عبد الفتاح القصرى
عبد الفتاح القصرى


كنوز| 119 شمعة للضاحك الهارب من بريق الذهب

عاطف النمر

الأربعاء، 01 مايو 2024 - 05:33 م

جاء الطفل عبد الفتاح القصرى إلى الدنيا فى 15 أبريل 1905 فى منزل معروف بالعز والثراء بحى الجمالية، لأن والده كان من كبار الجواهرجية بحى الصاغة، وحرص والده الثرى على إلحاقه بمدرسة الفرير بالخرنفش التى تخرج منها وهو يجيد اللغة الفرنسية كما أولاد باريس، لكنه رفض الذهب والمجوهرات عندما جذبته أضواء المسرح التى سرقته من العمل مع والده فى محلاته وغضب عليه الأب وهدده بحرمانه من الميراث، لم يلتفت عبد الفتاح القصرى لبريق الذهب بعد أن سرقته أضواء المسرح والسينما، وكانت نهايته أليمة جداً لا نود أن نخوض فى تفاصيلها لتبقى صورة الفنان الذى أضحك طوب الأرض بخفة ظله ولزماته التى يحفظها الناس وما زالت تتردد بينهم حتى الآن.

«كنوز» تضىء 119 شمعة فى ذكرى ميلاد عبد الفتاح القصرى الذى باع الذهب من أجل الفن فى زمن لم يكن فيه الفن يعطى لمن أحبه ما يستحقه من مردودٍ مادى، وأغلب نجوم الضحك فى زمن الفن الجميل الذين أعطونا الضحكة والبسمة انتهت حياتهم بمآسٍ وفقرٍ غير مُتوقع، وكان عبد الفتاح القصرى يعرف جيدًا أن العالم السحرى الذى اختاره لنفسه هو من العوالم التى لا تحقق للفنان دخلاً ثابتاً، إذ كانت الفرق المسرحية تعمل بنظام الأسهم، بمعنى أن يحصل الممثل فى نهاية الليلة على ما يخصه من الإيراد بقيمة ما يعادل أسهمه، وفى أحيانٍ كثيرة كانت الإيرادات لا تغطى تكاليف الإنتاج، أو يخرج الفنان من المسرح بقروشٍ لا تكفيه ليوم قادم، ولهذا عانى عبد الفتاح القصرى المر وقسوة المعيشة فى بداياته ولم يفكر أن يلجأ لثراء والده، ومع ذلك خفة ظله فرضته على شخصية «ابن البلد» التى لعبها بتنوع، والفضل يرجع لعبقرى الكوميديا نجيب الريحانى، والغريب أن المخرج الكبير أحمد بدرخان أراد أن يخرجه من سجن هذه الشخصية عام 1951 عندما عرض عليه تجسيد شخصية على باشا مبارك فى فيلم «مصطفى كامل»، وانفجر القصرى فى وجهه بضحكته المجلجلة قائلاً: «شوف يا أستاذ..

أنا لا أصلح إلا لأدوار صاحب قهوة.. معلم جزارة.. حانوتى بعيد عنك وعن السامعين، لكن دور واحد باشا أهو ده اللى مش ممكن أبدًا، لما أنا أمثل واحد باشا..

أخويا وحبيبى زكى رستم يعمل إيه؟ ما تخلّوا المقامات محفوظة يا أستاذ عشان محدش يلعب فى ملعب غيره!!»

وفشل المخرج الكبير أحمد بدرخان فى إقناع القصرى بأنه شديد الشبه مع على مبارك باشا، وحسم عبد الفتاح القصرى الأمر فى عبارة واحدة «ولو يا أستاذ!»، قالها وهو غير عابئ بضياع تلك الفرصة التى كانت من الممكن أن ترينا القصرى على الشاشة فى شخصية باشا مثقف كانت له أيادٍ بيضاء فى التعليم والحركة السياسية فى مصر!

رحم الله الكبير فى فنه وإنسانيته عبد الفتاح القصرى الذى ما زلنا نحفظ له لزمة «نورماندى ون.. نورماندى تو»، ويا صفايح القشطة السايحة»، وقد استغلت الإعلانات التجارية فى فترة من الفترات هذه اللزمات الكوميدية التى كانت من ابتكاره. 

«كنوز» 
 

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة