الجمعة، 03 مايو 2024 - 05:53 م

إذا كانت أغنية هذه ليلتى هى ذروة ماأبدعه لقاء أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب ، فإن عزة فهمى هى ذروة ما أبدعه حُب العاشق حين يحول حرفته إلى قِصة نجاح تُحكى وتُغنى .

عزة فهمى أيقونة صياغة الحُلى ، المبهجة النابضة بروح الجنوب حيث ولدت ، الزهرة التى أهدت رحيقها كله ليُخلق عسلا صافيا.

فى ورشة صغيرة فى حى خان الخليلى العتيق بدأت عزة فهمى ترشق شغفها الأول بالمجوهرات بموهبتها ، خاضت رحلة لذيذة وشاقة لتتعلم كيف تتحول الفضة والذهب من معدن صامت إلى كائن حى يتكلم ويفرح ويحب .

تعلمت عزة فهمى ، هنا .. ضع ألف خط ، أن تحول حلمك إلى حقيقة ونجاحك إلى قصة كبيرة ، يجب أن تتعلم ، وهى محظوظة أنها تعلمت على يد وفن آخر الأسطوات الكبار فى الصاغة فى السبعينات، تعلمت ابنة الجنوب فى مشغل المعلم سيد أحد كبار الصاغة، بدأت متدربة تلتقط فى صمت التفاصيل ، وتفهم بحب سر الصنعة ، وتذوب كما المعدن فى يد الصنايعى لكى تتوحد معه فى خيال مذهل .

إن أفضل الأيام فى حياة عزة فهمى هى تلك البدايات التى كانت تُشبه تعلم طفل بعض الألعاب السحرية ، تكتشف وتبحث عن مصادر إلهام لكى تؤكد لنفسها أنها على الطريق الصحيح .

كانت ورش خان الخليلى أشبه بأساطير ألف ليلة وليلة ، مخابئ فى زاوية تكاد لا تُرى لكن على مصابيحها الخافتة تُسمع دقدقة مبدع وعزف مُنشار لصانع مُذهل فى منتهى الدقة يرفع الستار عن قطعة مجوهرات تُدهش الباحث عن ثراء الجمال .

شربت الصنعة، هكذا تحولت عزة فهمى من أمنية إلى حقيقة ، من متذوقة للمجوهرات إلى ساحرة تمسك ريشتها وتُحلق إلى بعيد .

وقد أهداها القدر منحة لتتعلم فنون تصميم المجوهرات فى واحدة من أهم الجامعات فى انجلترا ، لتعود مُغردة بأحلام كثيرة ، وتنفرد بورشة تصمم فيها رسوماتها التى بدت مثل اندفاع ماء النيل فى رحلته الطويلة .

ليس مهما كم مضت فى الرحلة ، المهم أنها انصهرت فيها مثل شمعة صدقت أنها تستطيع أن تنير العالم ، فأصبحت واحدة من أصدق وأرقى مصممى المجوهرات فى العالم ، ومن صاحبات النفوذ فى مجال الأعمال فى الشرق الأوسط .

أيقونة تُشبه تصميماتها بعد أن تُغادر الورق وتلمع ، كأنها ضى نجمة تتأرجح فى سماء عالية دون أن تُغادر ، لقد تعدت الجاذبية الأرضية لتبقى وستبقى وتُبدع ، ومهما كانت قيمة المعدن الذى تصنع منه ما تصنع، فلن يبقى له قيمة إلا بعد أن تضع فيه من روحها وتنقش حلمها الجنوبى وعشقها لكل ما هو مصرى .