القس أندريه زكى رئيس الطائفة الإنجيلية بمصر
القس أندريه زكى رئيس الطائفة الإنجيلية بمصر


بداية جديدة

أخبار اليوم

الجمعة، 03 مايو 2024 - 06:40 م

كل عام وأنتم بخير، نحتفل بقيامة السيد المسيح، التى حدثت فى سياق من الاضطراب والحزن والخوف الذى أصاب جميع من كانوا يتبعون السيد المسيح وهذا ما تصوره لنا الأناجيل عندما تصف مشاعر كل من كانوا يحيطون بالسيد المسيح وشهدوا صلبه وقيامته.

نقرأ فى إنجيل يوحنا 20: 19- 21: «وَلَمَّا كَانَتْ عَشِيَّةُ ذلِكَ الْيَوْمِ، وَهُوَ أَوَّلُ الأُسْبُوعِ، وَكَانَتِ الأَبْوَابُ مُغَلَّقَةً حَيْثُ كَانَ التَّلاَمِيذُ مُجْتَمِعِينَ لِسَبَبِ الْخَوْفِ مِنَ الْيَهُودِ، جَاءَ يَسُوعُ وَوَقَفَ فِى الْوَسْطِ، وَقَالَ لَهُمْ: «سَلاَمٌ لَكُمْ!» وَلَمَّا قَالَ هذَا أَرَاهُمْ يَدَيْهِ وَجَنْبَهُ، فَفَرِحَ التَّلاَمِيذُ إِذْ رَأَوْا الرَّبَّ. فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ أَيْضًا: «سَلاَمٌ لَكُمْ! كَمَا أَرْسَلَنِى الآبُ أُرْسِلُكُمْ أَنَا»». 

هذا النص يعكس كم كان التلاميذ خائفين بسبب أصعب أسبوع اختبروه على الإطلاق. هؤلاء الناس، تركوا كل ما فى أيديهم وتبعوا السيد المسيح، وغيروا مسار حياتهم، لكن انقلبت الأمور وصُلب السيد المسيح، وصاروا الآن أمام موقف عصيب يحيط بهم وخوف ويأس وشك يسيطر على مشاعرهم، فدخلوا إلى مكان مغلق خوفًا من الناس. 

لكن فى قلب هذه المشاعر يظهر لهم السيد المسيح القائم من الأموات ويمنح لهم السلام لتهدئة مخاوفهم، ويظهر لهم ليؤكد يقينية قيامته من الأموات ونصرته على الموت، فيخرجهم من حالة الظلام إلى النور ومن الحزن إلى الفرح ومن اليأس إلى الرجاء العظيم. 

فى إنجيل مرقس أوصيت النسوة أن يخبرن التلاميذ بقيامة المسيح وبأن يذهبوا إلى الجليل ليقابلوه هناك: «اذْهَبْنَ وَقُلْنَ لِتَلاَمِيذِهِ وَلِبُطْرُسَ: إِنَّهُ يَسْبِقُكُمْ إِلَى الْجَلِيلِ. هُنَاكَ تَرَوْنَهُ كَمَا قَالَ لَكُمْ» (إنجيل مرقس 16: 7). والجليل هو المكان الذى شهد خدمتهم ولقاءهم بالسيد المسيح. الإشارة إلى الجليل هنا تلفت النظر إلى قيامةٍ تجعلنا على يقين بأننا نحن أيضًا مدعوون إلى القيامة؛ إلى البداية الجديدة، فإذا كانت القيامة هى رسالة بأن الله يقف إلى جانب الإنسان فهى تعنى أن الله يستطيع أن يغلب خوف الإنسان ويجدده للعبور إلى أرض جديدة. 

فى بداية خدمة السيد المسيح اختار هؤلاء التلاميذ، ليتلمذهم بالمعايشة وتقديم النموذج والمثال، اختارهم وهو يعلم نقاط القوة فى كل منهم وكذلك تحدياتهم الشخصية وربما نقاط ضعفهم، لكنه صبر على تعليمهم بمحبة غامرة إذ كان يعدُّهم لهدف عظيم. لقد غيرت أحداث الصلب فى شخصياتهم واختبرت مواطن القوة فيهم فمنهم من أنكر أنه يعرف السيد المسيح؛ مثل بطرس، وكلهم تقريبًا تركوه فى لحظة القبض عليه، إذ تملَّكهم الخوف. لكن نفس هؤلاء التلاميذ الخائفين انطلقوا بعد قيامة السيد المسيح لكل العالم يحملون نور رسالته إلى كل المسكونة ويواجهون فى سبيل ذلك الألم والموت.

 كان يجب أن يخوض هؤلاء التلاميذ مسيرة الألم لكى تنضج شخصياتهم، فطريق الآلام ينتهى بالقيامة والنصرة. طريق الآلام له نهاية، وهذه النهاية هى بداية جديدة وولادة جديدة للإنسان. وكانت القيامة هى نقطة ولادتهم الجديدة لاكتشاف أبعاد فى شخصياتهم لم يكونوا يدركونها. لقد رسخ السيد المسيح بتعاليمه إيمان هؤلاء التلاميذ، لكنه بقيامته رسخ لديهم اليقين والإيمان العملى بقدرة الله وسلطانه غير المحدود على كل شيء.

القيامة رسالةٌ لنا، ما هى البداية الجديدة التى تحتاجها، ما هى نقاط الضعف التى تحتاج أن تختبر قوة القيامة، ماذا احتاج لأولد من جديد قادرًا على مواجهة التحديات متغلبًا على اليأس، ومفعمًا بالرجاء والأمل. القيامة لا تعنى أن العالم سيكون ورديًّا بلا تحديات وأن طرقنا ستكون مفروشة بالزهور، فالتلاميذ بعد القيامة قد واجهوا تحديات جسام، لكن تعنى القيامة أن واقع الظلمة والتحديات واليأس يجب ألا يمنعنا من التغلب على خوفنا. 

أصلى أن نختبر هذه البداية الجديدة التى تمنحها القيامة لنا. بداية قادرة على مواجهة التحديات بيقين وقوة وثبات.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة