صورة موضوعية
صورة موضوعية


خبير آثار: مسار نبي الله موسى واقع ديني أثري لا يقبل الشك

شيرين الكردي

الخميس، 23 مايو 2024 - 08:10 م

ردًا على كل ما يثار من إنكار وجود أنبياء الله فى مصر بحجة عدم وجود أدلة أثرية، يؤكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان، مدير عام البحوث والدراسات الاثرية والنشر العلمى السابق بجنوب سيناء، في تصريحات لـ "بوابة أخبار اليوم"، أن التوثيق كان يمليه الكهنة على الكتاب لتسجيله ولهم سلطة دينية كبرى ومصلحة كبرى فى ذلك فمن المستحيل أن يسجلوا دعوة أى نبى يدعو إلى الله الواحد الأحد، وحين قام أحد الملوك وهو إخناتون بالدعوة لعبادة قرص الشمس حاربوه بشدة، وبالتالى فعدم تسجيل دعوة الأنبياء على الآثار المصرية القديمة ليست حجة لإنكار وجودهم، وحين يرد اسم مصر واضحًا مرتبطًا بقصة دخول نبى الله يوسف إلى مصر وتربية نبى الله موسى بمصر حتى خروجه عبر سيناء إلى الأرض المقدسة، فنحن أمام حقيقة دامغة، يلتف البعض حولها بحجة عدم ربط القرآن بالتاريخ والآثار وهى حجة مردود عليها بآثار عديدة ذكرت فى القرآن الكريم صراحة وضمنًا.

- الآيات القرآنية التي ذُكر فيها اسم مصر ودلالاتها:

يشير الدكتور ريحان إلى الآيات التي ذكر بها اسم مصر صراحة في القرآن الكريم، موضحًا بعض الدلالات التاريخية والجغرافية لتلك الإشارات. 

في سورة يوسف، تُذكر مصر مرتين، الأولى في الآية 21: "وَقَالَ الذي اشتراه مِن مِّصْرَ"، حيث تُشير الآية إلى المكان الذي جُلب منه يوسف عليه السلام، والثانية في الآية 99: "ادخلوا مِصْرَ إِن شَآءَ الله آمِنِينَ"، وهنا يُشير إلى مصر كملاذ آمن لعائلة يوسف.

 

كما تذكر مصر في عهد نبي الله موسى في سورة يونس، الآية 87: "وَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَىٰ وَأَخِيهِ أَن تَبَوَّآ لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتًا"، حيث يُعتقد أن البيوت كانت تُبنى متقابلة، مما يعكس نمط حياة اليهود في تلك الفترة.

وفي سورة الزخرف، الآية 51، يذكر فرعون في خطابه لقومه: "وَنَادَىٰ فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَٰذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي"، موضحًا سيطرته على الأرض والنيل، الذي كان يتفرع إلى سبعة أفرع رئيسية في مصر. 

اقرأ أيضا| عيسى: نركز على استقطاب سياحة العائلات لجذب أصحاب معدلات الإنفاق المرتفعة

هذه الآيات تسلط الضوء على المكانة الجغرافية والتاريخية لمصر عبر العصور، وعلى أهمية نهر النيل الذي كان له فروع متعددة، بعضها اكتُشف مؤخرًا، مثل الفرع البيلوزي، والتانيتى، والمنديسى، والفاتنيتى (فرع دمياط حاليًا)، والسبنتينى، والبلبتى، والكانوبى (فرع رشيد حاليًا).

- بني إسرائيل في مصر وأرض جوشن: رحلة موسى عبر سيناء:

وينوه الدكتور ريحان إلى أن بنى إسرائيل وهم أخوة نبى الله يوسف عاشوا بمصر فى أرض جوشن أو جاسان المعروفة الآن بوادى الطميلات وهو الوادى الزراعى الذى يمتد من شرق الزقازيق إلى غرب الإسماعيلية، حتى جاء من نسل لاوى نبى الله موسى، الذى تربى فى مصر على يد أحد ملوكها وخرج مرتين إلى سيناء، الخروج الأول حين قتل خطأ احد المصريين أثناء شجار مع عبرانى من أهله، وقابل فتاتين عند بئر مدين وهى مدين سيناء وليس الشام وقد أثبتها الدكتور ريحان علميًا فى كتابه " التجليات الربانية بالوادى المقدس طوى" ومكانها اليوم منطقة نبق ما بين شرم الشيخ ودهب، ثم عاد بعد عشر سنوات قضاها هناك وفى طريق العودة رأى نارًا عند شجرة العليقة الملتهبة الموجودة حتى الان داخل دير سانت كاترين وناجى ربه عندها .

- موسى وخروج بني إسرائيل: رحلة ومعجزة شق البحر:

وتابع الدكتور ريحان أن الخروج الثانى كان مع أهله من بنى إسرائيل، وعبروا البحر الأحمر عند أقرب نقطة مرئية بنص القرآن الكريم "وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ" سورة البقرة آية  50، أى كان الغرق على مدى البصر ليشاهدوا المعجزة، وفى سفر الخروج 14: 21 "و مد موسى يده على البحر فاجرى الرب البحر بريح شرقية شديدة كل الليل وجعل البحر يابسة وانشق الماء"، وبالتالى فمعجزة شق البحر ذكرت فى القرآن الكريم والكتاب المقدس وإنكارها يعنى ازدراء الأديان .

- رحلة بني إسرائيل عبر جنوب سيناء: المعبد وطريق الحورس:

ثم استمر بنو إسرائيل فى رحلتهم عبر جنوب سيناء، ولم يتخذوا طريق شمال سيناء رغم أنه الأقرب إلى الأرض المقدسة ولكنه كان طريقًا حربيًا وهو طريق حورس الشهير وعليه عدة قلاع تبدأ من قلعة ثارو بالقنطرة شرق، وعبروا عيون موسى إلى وادى غرندل إلى منطقة معبد سرابيط الخادم حاليًا حين طلبوا من نبى الله موسى أن يجعل لهم إلهًا كما لهم آلهة، وهو المعبد المصرى القديم الوحيد فى طريقهم بل الوحيد فى كل سيناء وبه تماثيل وسرابيط وهى صخور منفصلة نقش عليها المصرى القديم أخبار حملات تعدين الفيروز وقد أطلق على سيناء أرض الفيروز نتيجة استخراجه من هذه المنطقة وحتى الآن .

ثم استمروا عبر ساحل خليج السويس حتى وصلوا إلى موقع مدينة طور سيناء الحالية، وهناك أمره ربه بالتوجه إلى الجبل لتلقى ألواح الشريعة، وهنا ترك شعب بنى إسرائيل فى موقع  بطور سيناء على خليج السويس يطلق عليه وادى الراحة الثانى حيث ارتاح شعبه لانتظاره، لكن وادى الراحة الأول هو الشهير بمنطقة سانت كاترين وهو الوادى الذى ارتاحت فيه اسرته حين عودته من مدين ورؤية النار.

- غياب نبي الله موسى وماكرية السامرى: قصة العجل الذهبي:

وأردف الدكتور ريحان بأن نبى الله موسى ولى قيادة بنى إسرائيل إلى أخيه هارون وذكر أنه سيتغيب 30 يوم لتلقى الألواح وفى الطريق زاده الله 10 أيام أخرى، فاعتقد بنى إسرائيل أنه لن يعود، وقام صائغ ماهر اسمه السامرى من بنى إسرائيل بإقناعهم بإلقاء الذهب الذى حصلن عليه النساء من نساء المصريات وخرجوا به فى النار ليتخلصوا من الذنب ففعلوا، لكنه كان ماكرًا فصاغه عجلًا ذهبيًا وطلب منهم عبادته ففعلوا، وحين عودة نبى الله موسى بعد تلقى الأواح لامهم على فعلتهم الشنيعة ونسف العجل فى اليم وهو ما يؤكد عبادة العجل قرب بحر وهو خليج السويس .

أمًا منظر العجل المنحوت فى الجبل بوادى الراحة بسانت كاترين فهذا شكل تخيلى كسائر الأشكال على جبال سيناء ولا علاقة له بعبادة العجل، ثم أخذ  نبى الله موسى بنى إسرائيل من موقع طور سيناء الحالى عبر وادى جميل وهو وادى حبران تقوم الدولة بتمهيده  وتأمينه وتزويده بالخدمات ضمن مشروع التجلى الأعظم، ويتميز هذا الوادى بالعيون الطبيعية الغزيرة والنباتات الطبية والمتنوعة .

ثم توجه إلى موقع جبل الشريعة وموقعه حاليًا بمدينة سانت كاترين وناجى ربه طالبًا الاعتذار لبنى إسرائيل عن عبادة العجل.

- رحلة موسى وبني إسرائيل: من خليج العقبة إلى وادي باران:

ويوضح الدكتور ريحان استمرار مسار نبى الله موسى مع شعبه عبر الطريق الساحلى الموازى لخليج العقبة بعد ذلك حتى وصلوا إلى وادى باران جنوب فلسطين وأرسل نبى الله موسى من  يتعرف على أخبار المقيمين بالأرض المقدسة قبل دخول بنى إسرائيل إليها ورفضوا دخول الأرض المقدسة لاعتقادهم بوجود عماليق بها وهم الكنعانيون أصحاب الأرض الحقيقيون، فقدّر الله عليهم التيه أربعون عامًا متخبطين بين شعاب وأودية سيناء مارين بوادى فيران مرة ووادى طابا ومنطقة وسط سيناء الذى يطلق عليها حالياً التيه وقد ذكر ذلك فى القرآن الكريم فى سورة المائدة من آية 20 إلى 26 وفى التوراة فى سفر العدد إصحاح 12 كما تذكر التوراة أن نبى الله موسى مات عن عمر يناهز 120 عام  ودفن بسفح جبل نبو الذى يبلغ ارتفاعه 806م فوق مستوى سطح البحر ومات نبى الله هارون فى تلك الفترة ودفن بجبل هور تجاه وادى حور شرق وادى عربة بين الأردن وفلسطين ودخل بنى إسرائيل الأرض المقدسة فى عهد يوشع بن نون .

- الأدلة الأثرية لمسار نبي الله موسى: بين شجرة العليقة وعيون موسى:

ويؤكد الدكتور ريحان أن مسار نبى الله موسى يتضمن 4 أدلة أثرية واضحة على صحة المسار وهى شجرة العليقة المقدسة وعيون موسى وجبل موسى وجبل التجلى، وتقع عيون موسى على بعد 35كم من نفق أحمد حمدى وعددهم 12 عين وقد أثبتت الدراسات الحديثة التى قام بها فيليب مايرسون أن المنطقة من السويس حتى عيون موسى منطقة قاحلة جدًا وجافة مما يؤكد أن بنى إسرائيل استبد بهم العطش بعد مرورهم كل هذه المنطقة حتى تفجرت لهم العيون وكان عددها 12 عين بعدد أسباط بنى إسرائيل ، ولقد وصف الرّحالة الذين زاروا سيناء فى القرنين 18، 19م هذه العيون، وشجرة العليقة المقدسة الموجودة حاليا بدير سانت كاترين وهذا النوع من نبات العليق لم يوجد فى أى مكان آخر بسيناء، وهى شجرة غريبة ليس لها ثمرة وخضراء طوال العام كما فشلت محاولة إعادة إنباتها فى أى مكان فى العالم، وجبل موسى ذات الطبيعة الجلمودية الصخرية وحبل التجلى المواجه له ذات الطبيعة الركامية كعلامات للدك .

وهذه الأدلة الأثرية أكدتها الإمبراطورة هيلانة أم الإمبراطور قسطنطين حين جاءت إلى الوادى المقدس فى القرن الرابع الميلادى بعد زيارتها القدس وبنت فى حضن شجرة العليقة الملتهبة كنيسة صغيرة وأكدها الإمبراطور جستنيان حين بنى أشهر أديرة العالم حاليًا وأدخل فيه كنيسة العليقة الملتهبة ليخلع نعليه كل من يزورها حتى الآن وجاءت اليونسكو لتسجل مدينة سانت كاترين قيمة عالمية استثنائية باليونسكو ضمن معاييرها هذه الشواهد الأثرية الباقية.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 

 

 
 
 
 
 

مشاركة