شارع المُعز
شارع المُعز


كنز منسي في شارع المُعز| معرض مفتوح للحرف اليدوية والأنتيكات

آخر ساعة

الجمعة، 24 مايو 2024 - 02:19 ص

■ كتبت: مروة أنور

شارع المعز لدين الله الفاطمي، الذي يقع في قلب القاهرة الفاطمية، ليس مجرد شارع تاريخي، بل هو معرض مفتوح للحرف اليدوية والأنتيكات التي تعتبر كنوزًا منسية تروي قصص العصور المختلفة التي مرت بها مصر.

يزخر هذا الشارع بتراث ثقافي غني، حيث يعكس كل ركن من أركانه جزءًا من تاريخ وحضارة البلاد العريقة الذي تحول فى الفترة الأخيرة من قبلة التاريخ إلى قبلة للتنزه والسهرات الليلية وارتياد الكافيهات.

تتنوع الحرف اليدوية فى شارع المعز بين النقش على النحاس والخشب والفخار والمعادن وصناعة النسيج والزجاج الملون وغيرها، وهذه الحرف لا تُظهر فقط مهارة الصانع ودقته، بل تعبر أيضًا عن عمق التراث الثقافي والفني لمصر، ولكل حرفة قصتها التى تعود إلى قرون، محفوظة بين أدواتها وتقنياتها التي توارثها الحرفيون جيلًا بعد جيل. وفى هذا الصدد قامت «آخرساعة» بجولة داخل شارع المعز لرصد أشهر الحرف اليدوية التي انقرضت ومحلات الأنتيكات العريقة.

◄ نقش النحاس
حسن محمد، صاحب ورشة لنقش النحاس، يجلس وسط الأباريق والأكواب والصوانى المصنوعة من النحاس الخام، وفى يده الإزميل الصغير ومطرقة خفيفة وعيناه تركز على المكان الذى يقوم بالنقش عليه، وتتجلى هذه النقوش وهو يسير عليها بأنامله ليختبر النقوش التى قام بها من رسومات فرعونية وعجلات حربية على صينية طلبها منه أحد السائحين الذين يزورون شارع المعز قاصدين الحرف التراثية.

يقول حسن: منذ السادسة من عمرى وأنا أتعلم فن النقش فى ورش النحاس، وأتقنت هذه الحرفة وأنا فى عمر 15 سنة، ثم فتحت ورشة خاصة، وفي البداية كان شغل النقش على النحاس عليه إقبال كبير إلى أن تبدل الحال وظهر التوكتوك وبدأ الأطفال يتعلمون عليه ويعملون عليه ليل نهار وتركوا تعلُّم المهنة، فهذه المهنة صعبة وتأخذ وقتا ومجهودا وتتطلب حسًّا فنيا عاليا فى القطعة الواحدة التى تستغرق 5 أشهر لإنجازها، وفى النهاية من النادر أن يأتى زبون ويطلبها، لذا أعمل قطع النقش على النحاس بالطلب.

◄ اقرأ أيضًا | أصل الحكاية | رحلة في تاريخ المسجد «المؤيد شيخ».. بين معمار المماليك وذكريات القاهرة القديمة

ويضيف: مهنة الزخرفة والنقش على النحاس والفضة تعود لبداية الحضارة الإسلامية وتتجلى هذه الحضارة فى المبانى والمساجد والمدارس والقصور التي كانت تبنى بالزخرفة، وتوارثها الأبناء عن الأجداد.

فيما يقول مدحت فوزي، صاحب ورشة حفر على الخشب: يتقن الحرفيون هذا الفن بمهارات تبهر الزائرين، ويتم استخدام الخشب فى صناعة الأبواب والشبابيك والمشغولات الفنية التى تزين المنازل والمساجد، وهناك سيّاح يطلبون أنواعًا من الأنتريهات الأرابيسك وهو من أقدم الفنون التى تحتاج للصبر والمجهود، وقد اختفت هذه الصنعة بسبب قلة العمالة الماهرة وعدم نقل الخبرات للأجيال الجديدة فلم يعد هناك سوى واحد أو اثنين ممن يحترفون فن الأرابيسك، كما أن النحاس يحتل مكانة خاصة، حيث يُستخدم فى صناعة الأوانى والزخارف والفوانيس التى تشتهر بها القاهرة، خاصة فى شهر رمضان.

ويتابع: شارع المعز من أقدم الشوارع التى تتميز بعبق التاريخ وتمتلئ بهواة الحرف العتيقة ويقصده السائحون والمصريون أيضًا لشراء تحفة نادرة، وفى السنوات الأخيرة تحولت المحلات من ورش للنقش على النحاس والمشغولات اليدوية لمحلات أطعمة وكافيهات.

◄ فن الزجاج الملون
وعلى الجانب الآخر، من الشارع يجلس محمود صبرى، صاحب ورشة لبيع الزجاج الملوّن بفنونه وأشكاله الراقية التى تستخدم فى زخارف الأثاث وصناعة الفوانيس، ويجلس بجواره رزق الفيومى صاحب محل قديم لبيع الأنتيكات، حيث قال لنا: الأنتيكات فى شارع المعز تشكل جزءًا لا يتجزأ من حضارة الشارع، حيث يجد الزوار متاجر صغيرة مليئة بالتحف والقطع الأثرية التى تمثل مختلف العصور التى مرت بها مصر، من العصر الفاطمى إلى العصر العثمانى والمملوكي، وكل قطعة من هذه الأنتيكات تحمل فى طياتها حكايات وأسرارًا عن زمن غابر، ما يجعلها محط أنظار الجامعيين والسياح على حد سواء.

ويشير رزق إلى أن المحل مليء بالأنتيكات التراثية القديمة ومن ضمنها تليفون تشارلى الذى يظهر فى الأفلام القديمة، وعدد من أجهزة الراديو والجرامافون القديمة، وزبائن هذه الأنتيكات غالبًا هم هواة الفن وجامعو التحف.

◄ مزادات الأنتيكات
وأوضح رزق أنه يحصل على هذه الأنتيكات من خلال الإعلانات التى تنشر عن مزادات الأنتيكات، ويضيف: أذهب للمزاد والشقق القديمة وأجمع التحف منها، لافتًا إلى أن أسعار التحف تختلف من قطعة لأخرى، وكلما كانت القطعة قديمة ارتفع ثمنها، ومعظم الفنانين يقوم بعمل جولات داخل شارع المعز ويشترون التحف منه والمشغولات اليدوية، ولكن فى الآونة الأخيرة انتشرت محلات الأطعمة والكافيهات وأصبح الشارع مكانًا لتجمع الشباب والسهر فيه.

ورغم التحديات التي تواجه الحرف اليدوية من تغيرات اقتصادية ومنافسة المنتجات الصناعية وحركة السياحة، فإن حرفيى شارع المعز ما زالوا يحافظون على فنونهم ويطورون من مهاراتهم لتلائم العصر الحديث مع الحفاظ على روح التقاليد والفنون القديمة الراقية.

شارع المعز ليس مجرد مكان للزيارة، بل هو رحلة فى أعماق التاريخ والفن، كما أن الحرف اليدوية والأنتيكات المتوفرة فى هذا الشارع تعتبر بمثابة كنوز منسية تحتاج إلى أن يعاد اكتشافها وتقديرها، ليس فقط كعناصر جمالية ولكن كجزء حيوى من التراث الثقافى لمصر.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 

 

 
 
 
 
 

مشاركة