إسعاف الحجاج
إسعاف الحجاج


تدخل رئاسي وقرارات صارمة.. كواليس اجتماع «خلية حماية الحجاج»

أحمد عبدالوهاب

السبت، 22 يونيو 2024 - 04:34 م

حج بيت الله الحرام، حلم كل مسلم يسعى لتحقيقه، لأداء الركن الأعظم من أركان الإسلام، للتقرب إلى الله لطلب للدعاء بالرحمة والمغفرة والعتق من النار، وهو الأمر الذي يدفع الملايين كل عام، للفوز بتأشير الحج.

ورغم قدسية الفريضة، يحاول بعض «السماسرة» والشركات غير المسؤولة استغلال موسم الحج، للنصب على الراغبين في أداء الفريضة، وهو ما يحدث كل عام، ولكن هذا العام، كان الوضع كارثيًا، إذ دفع مئات من المواطنين، حياتهم ثمنًا لـ «سماسرة الحج».

ويرجع السبب الرئيسي وراء الكارثة، إلي «تأشيرات الزيارة»، التي تخصصها المملكة العربية السعودية لشركات العمالة، التي تقوم باستغلالها وبيعها للمواطنين في موسم الحج، بدون إي إجراءات تنظيمية أو إشرافية، وهو ما أدى وفاة عدد كبير من الحجاج المصريين، خصوصًا كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة.

الأوضاع المأساوية للحجاج المصريين «غير النظاميين»، دفع الرئيس عبد الفتاح السيسي، للتدخل بشكل فوري، ووجه بتشكيل «خلية أزمة» برئاسة الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الورزاء، لمتابعة وإدارة الوضع الخاص بحالات وفاة الحجاج المصريين.

وتقدمت رئاسة الجمهورية بخالص التعازي والمواساة لأسر الضحايا وتؤكد التزام الحكومة بتقديم الدعم اللازم لهم خلال هذا الحدث المؤسف.

اقرأ أيضا| رئيس بعثة الحج يتفقد الحالة الصحية لـ«ضيوف الرحمن» بمستشفيات مكة المكرمة| صور 
 

◄ اجتماع خلية الأزمة

وتنفيذًا لتوجيهات الرئيس السيسي، ترأس الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، اليوم السبت، اجتماع خلية الأزمة، لمتابعة وإدارة الوضع الخاص بحالات وفاة الحجاج المصريين.

وخلال الاجتماع، أكد الدكتور مصطفى مدبولي، أن هذا الاجتماع يأتي بهدف متابعة أوضاع الحجاج المصريين، وتقديم الدعم والمساندة لأسر المُتوفين، والتنسيق مع السلطات بالمملكة العربية السعودية، لتسهيل الإجراءات الخاصة بالمتوفين، وتقديم كافة التسهيلات اللازمة في هذا الشأن، وكذا دراسة أسباب ما حدث والعمل على عدم تكرارها.

◄ حصر أعداد الحجاج غير النظاميين

ووجه الدكتور مصطفى مدبولي، بضرورة اتخاذ قرارات فورية مع الشركات أو الكيانات التي ساهمت في تسفير هؤلاء الحجاج بآليات وطرق غير رسمية، مع وضع الأطر والقواعد التي تسهم في عدم تكرار هذا الأمر مرة أخرى.

ونوّه الدكتور مصطفى مدبولي، إلى أن إجمالي عدد البعثة الرسمية المصرية يزيد على 50 ألف حاج، مضيفًا أنه يجري مُتابعة أوضاع البعثة الرسمية على مدار اليوم من المسئولين المعنيين، كما تم متابعة وحصر أعداد الحجاج غير النظاميين لعدم وجود أي بيانات مُسجلة عنهم سواء في الوزارات المعنية، أو القنصلية، أو لدي البعثة الطبية.

وفي هذا الصدد، أكد رئيس الوزراء، أن الأمور في البعثة الرسمية شديدة الانضباط، وهناك منظومة متابعة متكاملة على أعلي مستوي من كافة أجهزة الدولة المعنية، حيث تم رصد 31 حالة وفاة بالبعثة الرسمية للحج نتيجة أمراض مُزمنة.

◄ مسؤولية شركات السياحة

ومن جانبه، أوضح سامح شكري، وزير الخارجية، أن الحجاج الذين فقدوا أرواحهم خلال هذه الأزمة، معظمهم من الحجاج غير النظاميين حيث لم توفر لهم شركات السياحة التي قامت بتسفيرهم أي خدمات.

وأشار وزير الخارجية، إلى جهود الوزارة لمتابعة أوضاع الحجاج المصريين بالمملكة العربية السعودية، حيث تواصل القنصلية المصرية بجدة وفرق العمل المتعددة التي أوفدتها إلى مكة المكرمة والمشاعر المقدسة التنسيق مع السلطات السعودية وإجراء الزيارات الميدانية للمستشفيات للحصول على بيانات المواطنين المصريين المتواجدين بها سواء من يتلقى العلاج أو من وافته المنية ومطابقتها مع بيانات المواطنين الذين أبلغ ذووهم عن فقدهم، والتأكد من تقديم الرعاية اللازمة للمرضى منهم، فضلاً عن تخصيص بعثة قنصلية تتواجد على مدار الساعة بمستشفى شرق عرفات ومُجمع المعيصم الطبى.

ونوّه سامح شكري، إلى أن غرف الطوارئ التي تم تخصيصها للاستجابة السريعة تعمل على مدار الساعة ويمكن للمواطنين التواصل معها من خلال الأرقام المٌعلنة، مؤكدًا استمرار بذل كافة الجهود بالتنسيق مع السلطات السعودية من أجل ضمان الوصول إلى المواطنين المصريين المفقودين في أسرع وقت ممكن، وتأمين عودة كافة الحجاج المصريين إلى أرض الوطن.

◄ أعمال البعثة الطبية

وعرضت وزارة الصحة والسكان، خلال الاجتماع، تقريراً حول أعمال البعثة الطبية المصرية لموسم الحج هذا العام، مؤكداً أن البعثة قامت بتقديم كافة الخدمات الوقائية والعلاجية للحجاج، من خلال قوام البعثة البالغ 170 فرداً، بين أطباء بشريين في مختلف التخصصات، وأطباء وقائيين، ومراقبين صحيين، وصيادلة، وعناصر تمريض، ومُسعفين، موضحاً أن البعثة الطبية حرصت على التنسيق الكامل مع السلطات الصحية السعودية لضمان تقديم خدمات متقدمة بمستوى عالٍ من الجودة.

وأضافت وزارة الصحة، أن البعثة الطبية المصرية كانت مُزودة بنحو 10.6 طن من الأدوية من مختلف الأصناف اللازمة، وعدد من التجهيزات الطبية الأخرى، وقامت بتقديم الخدمات الطبية الأولية للحجاج من خلال 26 عيادة تخصصية مُلحقة بفنادق بمكة والمدينة، استقبلت فعلياً نحو 23.6 ألف حالة تم مناظرتهم وتقديم الخدمات الطبية لهم، مُستعرضاً موقف الحالات التي تم تحويلها إلى مستشفيات لتلقي مستوى متقدم من العلاج بعد تقديم الخدمات الطبية الأولية بالعيادات، مؤكدة أنه تم متابعة حالة الحجاج المحجوزين داخل المستشفيات أولاً بأول.

◄ محاسبة المتورطين

من جانبه، عرض أحمد عيسى، وزير السياحة والآثار، موقف الحج السياحي لهذا العام، مشيرًا إلى أن أي شركة سياحة سيثبت تورطها في تقديم وعود لمصريين بالحج خارج الإطار الرسمي، سيتم سحب رخصتها فوراً، وإحالة مسئوليها إلى النيابة العامة بتهمة النصب والاحتيال.

كما استعرضت نيفين القباج، وزيرة التضامن الاجتماعي، موقف حج الجمعيات لهذا العام، والخدمات التي تقدمها الوزارة لحجاج هذا النمط، مؤكدة أن هناك تنسيقاً على أعلى مستوى يتم داخل البعثة الرسمية المصرية، سواء بعثة وزارات الداخلية أو السياحة، أو التضامن، كما تتولى وزارة الصحة والسكان مُساعدة كل الحجاج بالنسبة للرعاية الصحية.

◄ تأشيرات الزيارة سبب الكارثة

وخلال الاجتماع، تم استعراض التقرير الصادر عن الأمانة الفنية لخلية إدارة الأزمة، الذي أشار إلى أن أسباب ارتفاع حالات وفاة الحجاج المصريين غير المسجلين يرجع إلى قيام بعض شركات السياحة بتنظيم برامج حج بتأشيرة زيارة شخصية، مما يمنع حامليها من دخول مكة، ويتم التحايل على ذلك عبر التهرب داخل دروب صحراوية سيرًا على الأقدام، مع عدم توفير أماكن إقامة لائقة بباقي المشاعر مما تسبب لتعرض الحجاج غير المسجلين للإجهاد نتيجة ارتفاع درجات الحرارة.

وأثبت التقرير، أنه تم رصد 16 شركة سياحة ـ بصورة مبدئية ـ قامت بالتحايل وتسفير الحجاج بصورة غير نظامية، ولم تقدم أي خدمات للحجاج، ومن هنا كلف رئيس مجلس الوزراء، بسرعة سحب رخص هذه الشركات، وإحالة المسئولين إلى النيابة العامة، مع تغريم هذه الشركات لصالح أسر الحجاج الذين تسببوا في وفاتهم.

كما تم استعراض نتائج أعمال اللجنة المُشكلة لمتابعة أوضاع الحجاج المصريين بالأراضي السعودية، والتي تضم مختلف الوزارات والجهات المعنية، حيث تضمنت توصيات اللجنة أهمية التنسيق مع الجانب السعودي لتقديم كافة التيسيرات إلى أسر الضحايا والمرضى، مع قيام وزارة السياحة والآثار برصد الشركات السياحية المخالفة، واتخاذ كافة الإجراءات القانونية حيالها، وقيام وزارة العدل بالنظر في إمكانية سداد تلك الشركات غرامات لصالح أسر ضحايا الحج غير النظامي، مع إحالة الموضوع إلى النائب العام لاتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.

◄ توصيات اللجنة

وانتهى الاجتماع بإصدار العديد من التوصيات على النحو التالي:

- التنسيق مع الجانب السعودي بشأن تحاليل DNA للمتوفين مجهولي الهوية حتى يتم مطابقتها مع أهليتهم داخل البلاد.

- قيام وزارة الصحة المصرية بالتنسيق مع نظيرتها السعودية لمتابعة الحالات المرضية بالمستشفيات المختلفة، وبحث إمكانية إعادتهم للبلاد حال استقرار حالتهم الصحية.

- العمل على وضع آليات منح تأشيرات الزيارات بمختلف أنواعها من خلال التنسيق مع الجانب السعودي ووزارة الخارجية المصرية وذلك قبل وأثناء موسم الحج منعاً لتكدس الحجاج غير الرسميين داخل المملكة.

- قيام وزارة السياحة والآثار بمراجعة كشوف تأشيرات الدخول للأراضي السعودية والتأكد من إصدار BARCODE من خلال شركات السياحة من عدمه.

- متابعة التزام الشركات بتلك الإصدارات واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة تجاه الشركات المخالفة.

- دراسة تعديل بعض مواد قانون شركات السياحة رقم 38 لسنة 77 وتعديلاته، لتشديد ضوابط إجراءات الشركات السياحية المنفذة لبرامج الحج والعمرة، وضمان عدم مخالفتها وتحديد مسؤولياتها.

◄ أرقام للاستفسار عن المفقودين

كما تم خلال الاجتماع، مناشدة ذوي أي مفقود خلال تأدية مناسك الحج لهذا العام، بالتواصل مع الخطوط الساخنة التي سبق أن أعلنتها وزارة الخارجية، والمرتبطة بغرف الطوارئ التي تم تخصيصها للاستجابة السريعة على مدار الساعة، من خلال الأرقام التالية:
غرفة طوارئ القنصلية المصرية بجدة:
٠٠٩٦٦٥٦٥٧٠٢٠٠٢
غرفة طوارئ القطاع القنصلي بوزارة الخارجية:
٢٧٩٢٣٠٥٠
٢٧٩٢٣٠٦٠
٢٧٩٤٢٧٨٢
٠١٠٠٦٦٣٨٨١٤

◄ الحالة الصحية للحجاج

وفي سياق آخر، تفقد مساعد وزير الداخلية لقطاع الشئون الإدارية، رئيس بعثة الحج الرسمية، الحالة الصحية للحجاج المحجوزين بالمستشفيات في مكة المكرمة.

واستمع، خلال الجولة التى قام بها بمستشفى النور، ومستشفى الملك عبدالعزيز بمكة المكرمة، إلى شرح وافي من الأطباء عن الحالة الصحية للحجاج المحجوزين بالمستشفيات؛ وذلك للاطمئنان على حالتهم الصحية.

وقال مساعد وزير الداخلية لقطاع الشئون الإدارية، رئيس بعثة الحج الرسمية، إن هناك 14 حاجًا محجوزين لتلقي العلاج اللازم، موضحًا أن حالتهم الصحية جيدة ومستقرة.

وأكد أن أعضاء البعثة الطبية، وكذلك الأطباء التابعين لقطاع الخدمات الطبية بوزارة الداخلية المرافقين لبعثة القرعة، يتابعون الحالة الصحية للحجاج المصريين المرضى المحجوزين بالمستشفيات في مكة المكرمة على مدار الساعة؛ وذلك بالتنسيق مع السلطات الصحية السعودية.

◄ تسهيل إجراءات البعثة

وأعرب رئيس بعثة الحج الرسمية، عن شكره الخالص للسلطات السعودية على اهتمامها الكامل بضيوف الرحمن، وحرصها على تقديم كافة أوجه الرعاية لهم، ولاسيما الصحية.

وأكد للحجاج المرضى المحجوزين بالمستشفيات، أن البعثة ستسهل جميع إجراءات عودتهم بسلامة الله تعالى إلى أرض الوطن عقب شفائهم، بما في ذلك مساعدتهم على اداء طوافي الإفاضة والوداع.

ومن جانبه، قال الحاج محمد حسن عبدالله 73 عامًا إنه يتلقى كافة أوجه الرعاية اللازمة بالمستشفى، معربًا عن شكره للأطباء السعوديين الذين يباشرون حالته بشكل كامل، وكذلك أطباء قطاع الخدمات الطبية بوزارة الداخلية، وأطباء البعثة الصحية المصرية، الذين يمرون عليه مرتين يوميا للاطمئنان على حالته الصحية.

وبدورها، قالت الحاجة أحكام عبدالظاهر 63 عامًا: «الحمد لله الذين لا يحمد على مكروه سواه، أنا بخير ويكفيني إن بلدي لم تتركني هنا بمفردي؛ حيث أن أعضاء البعثة المصرية يتابعون حالتي باستمرار، حتى تتحسن صحتي وأعود إلى أولادي سالمة .. والأطباء السعوديين بصراحة لم يقصروا معي، بل يؤدون واجبهم بكل تفاني، وان شاء الله ربنا يجازيهم خير عني». 

ومن جانبها، قالت الحاجة صباح محرم 61 عاما: «أنا بخير الحمدلله، والجميع هنا لا يتأخر عن تقديم كافة أوجه الرعاية اللازمة لي .. الحمدلله إنني أسقطت الفريضة وزرت بيت الله الحرام، وأي شىء آخر يهون .. أريد أن أشكر بعثة مصر التي لم تتركنا وحدنا .. تحيا مصر.. تحيا مصر .. تحيا مصر». 


 

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 

 

 

 

 
 
 
 


 

مشاركة