الحجاج
الحجاج


«محنة» الحجاج.. و«منحة» طال انتظارها| مصر الأفضل في البعثات الرسمية.. والأكثر خدمة وحماية لرعايها

محمد البهنساوي

الإثنين، 01 يوليه 2024 - 04:16 م

لعله واحد من أصعب مواسم الحج منذ فترة، ليس لصعوبة المناسك والشعائر وإنما لأسباب معظمها خارج عن إرادة الجميع، أدت إلى مشاكل جعلته ضمن أصعب مواسم الحج.

وقد تابعنا ومازلنا  بكثير من الحزن والأسى أعداد الوفيات المرتفعة نسبيا هذا العام خاصة بين الحجاج المصريين غير النظاميين، ولأن الأمر ليس بالهين ولا باليسير، ولأنه يتعلق بأرواح المصريين أصدر رئيس الجمهورية قرارا بتشكيل خلية أزمة لمتابعة الحجاج المفقودين والضحايا وتقديم كافة التسهيلات لذويهم، يترأس اللجنة الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء. 

وتابعنا جميعا كذلك أول اجتماع لهذه اللجنة والذى خرج بعدة قرارات منها معاقبة الشركات والكيانات والأشخاص الذين شاركوا في سفر الحجاج غير النظاميين، وكشف الاجتماع أن الحج النظامى نجح بنسبة كبيرة على مستوى كافة بعثات الحج الثلاث للدولة: القرعة التى تنظمها وزارة الداخلية والجمعيات تحت إشراف وزارة التضامن، والحج السياحي تحت إشراف وزارة السياحة، ورغم نجاح الحج الرسمى الذى يضم أكثر من 50 ألف حاج، فإن أعدادًا غير معلوم رقمها سافرت بتأشيرات غير مخصصة وغير مسموح لها بالحج خاصة تأشيرة الزيارة لكنها أدت الفريضة رغم ذلك. وتلك الأعداد غير النظامية تعرضت نسبة منها للموت والإصابة، مما دفع اللجنة إلى إصدار قرارات مهمة فى مقدمتها سحب ترخيص 16 شركة سياحية وإحالة مسئوليها للنيابة العامة، وكذلك طلب رئيس الوزراء معاقبة ومحاسبة أى شخص أو شركة أو كيان ساهم فى خداع الحجاج.

◄ ليست الأولى 

‏ولعل هذه ليست المرة الأولى التى تحدث فيها مشاكل للحجاج، ربما كانت المشاكل ثانوية أو أقل ضررا وأقل فى عدد الضحايا، وبحكم عملى متابعا لبعثة الحج لسنوات، مرت أزمات كثيرة بمواسم الحج، واستدعت تدخلاً وتحركاً من الدولة، لكن هذه المرة نال الأمر اهتماما كبيرا من رئيس الجمهورية وتدخله شخصيا وتشكيل خلية الأزمة، فهذا أدعى أن تكون هذه التحركات بداية لنهاية أى معاناة فى مواسم الحج المقبلة إن شاء الله وفى المحنة الحالية نتمنى أن نصل الى نهاية المعاناة والمشاكل والمخالفات، وحتى يتحقق ذلك لابد من الحديث عن عدة ملاحظات مهمة سواء لحج هذا العام أو المواسم الماضية وبعض التوقعات لما هو آت، حتى يتحقق هدفنا بحفظ أرواح ضيوف الرحمن وهم يؤدون أحد أركان الإسلام الخمسة.

‏وقبل أن نخوض بكل ما يتعلق بالحج، ومن خلال متابعة عن قرب وبشكل لصيق لبعثات الحج وحتى نكون منصفين وبعيدا عن عقدة جلد الذات، نقول إن مصر أكثر الدول الإسلامية خدمة لحجاجها والأكثر توفيراً لكافة أشكال الرعاية لهم، ووضع العديد من الضوابط التى تضمن أولا قضاء أكبر عدد من المواطنين للفريضة وثانيا ضمان راحتهم وسلامتهم بشتى الطرق والوسائل، لذلك فإن الدولة ومنذ سنوات عديدة تعد ثلاث جهات للحج الرسمي القرعة والسياحة والتضامن، ولكل جهة منها بعثة رسمية تبدأ الاستعداد للحج فور انتهاء الموسم السابق له باختيار افضل الاماكن والاتفاق على أفضل الخدمات، وبالفعل وكل من سافر للحج يدرك هذا جيدا، فمصر أفضل الدول من حيث سكن حجاجها والخدمات المقدمة لهم سواء بالسكن فى مكة والمدينة أو بالمشاعر المقدسة، ‏ناهيك عن توفير خدمة طبية رفيعة لجميع الحجاج المصريين، وأنا شخصيا وإحقاقا للحق لمست هذا بنفسى عدة مرات.

◄ اقرأ أيضًا | عقوبات بإنتظار «المخالفين» في شركات السياحة.. الخبراء: تعويضات لأهالي الضحايا

◄ أصل الحكاية 

‏وكما تابعنا جميعا فإن سبب الأزمة هذا العام هم الحجاج غير الرسميين، وهذه ليس السنة الأولى لهذا النوع من الحج، بل يتكرر الأمر منذ سنوات عديدة، كانت فى الماضى تتم من خلال تأشيرات مجاملة أو تأشيرات رجال أعمال او ما شابه وكانت أعدادها فى المعقول وأقل من البعثات الرسمية بكثير، تلك الأعداد غير النظامية كانت مشكلتها الكبيرة عدم وجود إحصاء رسمى بها وغياب أية معلومات عنها، فهى غير معروفة وغير مسجلة بأى من البعثات مما يصعب عملية متابعتها أو تقديم الخدمات اللازمة لها.

هذا العام تضاعفت تلك الأعداد بسبب ما سمى بتأشيرة الزيارة والتى لا تسمح أساسا بأداء الحج، ولكن استغلها البعض وسيلة للحج، وحتى يتضح الأمر أكثر وتتضح علاقة شركات السياحة والسماسرة والكيانات الوهمية نشرحها فى عجالة، فهناك البوابة المصرية للعمرة تلك البوابة مخصصة لإنهاء إجراءات تأشيرات العمرة ومن خلالها ينهى كل مواطن إجراءات أوراق سفره من خلال شركات السياحة، ويتم إصدار باركود للمواطن وبه يتمكن من السفر. 

وحيث إن هناك أنواعا عديدة من التأشيرات تسمح لحاملها بأداء العمرة كان القرار أن تمر التأشيرات من خلال البوابة أيضا، ويتم منح حاملى تلك التأشيرات باركود، لكن من خلال برنامج كامل للشركات السياحية لتنظيم أعداد المعتمرين ووضعهم تحت أعين الدولة وخدمتهم ورعايتهم، وقبل الحج بأسابيع لوحظ زيادة أعداد الحاصلين على تأشيرة الزيارة وتقدمهم للحصول على باركود السفر من خلال شركات السياحة وتحسبا من الكثيرين من حاملى تلك التأشيرات سيؤدون فريضة الحج، فهناك شركات آثرت السلامة ورفضت العمل فى منح تلك التأشيرات باركود، وأخرى وكما يقال بالبلدى فتحتها على البحرى فى منح الباركود. 

◄ المسئول الخفي

‏أمام كل ما سبق، مخطئ من يعتقد أن قرارات لجنة الأزمة التى تم تشكيلها برئاسة د. مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء هى نهاية المطاف، لكن العكس هى كما قلنا مجرد بداية لنهاية منتظرة ومطلوبة ومرجوة لإنهاء مخالفات الحج وحماية أرواح المواطنين، لا أحد يمكن أن يتعاطف مع الشركات التى تتم معاقبتها طالما ثبت تلاعبها فى إصدار الباركود على النحو الذى قمنا بشرحه سابقا.

تلك الظاهرة تتزايد منذ سنوات، وهذه الكيانات الوهمية وغير الشرعية تعمل بعيدا عن مراقبة الدولة وعن ضوابط كافة الجهات الثلاث المنظمة للحج، وللأسف هؤلاء السماسرة الغالبية العظمى، ومنهم معروفون تماما وبالاسم، وتحت يدى تسجيلات لأشهر سمسار حج وعمرة في مصر وهى ليست شطارة منى ولم تقف عندى لكنها منتشرة فى أوساط جروبات الراغبين فى الحج، فمثلا هناك شخص يدعى م س له تسجيلات صريحة يحذر المواطنين من الذهاب للمطار بالملابس البيضاء ويطلب منهم ألا يذكروا أنهم مسافرون الحج وأبلغهم صراحة: احنا نسرق خلونا نكمل عملية السرقة للآخر. 

‏الآن مطلوب الضرب بيد من حديد على كل سمسار أو شركة وهمية أو وسيط شارك وساهم فيما لقيه هؤلاء البسطاء من مشاكل فى الحج، ثانيا مطلوب وعلى وجه السرعة وضع قوانين وضوابط تحد بشكل كبير من عمل الوسطاء والسماسرة والشركات الوهمية فى الاتجار بضيوف الرحمن ومن تتوق قلوبهم لزيارة المسجد الحرام.

◄ ‏التوعية الغائبة 

مطلوب توعية دينية قوية حول الحج والعمرة وحول الفهم الصحيح لهما خاصة فى الحج فكل من سافر لأداء الحج يرى بنفسه مدى الخطب الجلل الذى يصل لحد التعرض للموت بسبب عدم فهم البعض الفهم الصحيح لمناسك الحج. 

وهنا أقف عند نموذجين صارخين يوضحان ضرورة التوعية الدينية السليمة وضرورة وصولها لكل من يرغب فى الحج والعمرة .

 

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 

 

 

 

 
 
 
 


 

مشاركة