حلقات الإمام وأوهام اللئام

د.عبدالمنعم فؤاد

السبت، 25 يونيو 2016 - 04:08 م

في الوقت الذي يُتهم فيه الأزهر بالفساد،، ويتطاول علي علمائه ومناهجه - خراتيرُ- في بعض وسائل الإعلام في بلادنا - تأتي حلقات فضيلة إمام الأزهر الشريف لترد علي هؤلاء اللئام عمليا، وتثبت أن الأزهر هو الحصن الأمين لهذا الدين، ويتكلم إمامه بصراحة، وبساطة، ودبلوماسية راقية تعلمها من ديننا الحنيف الذي يؤصل لثقافة : ( وَعِظْهُمْ وَقُل لَّهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا - الآية ٦٣ سورة النساء)  فتنزل كلماته بردا وسلاما علي آذان السامعين، وتتناقلها الدول العربية والإسلامية والأوربية بصدر رحب لكونها: مفعمة بحقائق ذهبية، وبنود ربانية، وإنسانية ليس لأحد ردها، ولا رفضها.. ذلك لأن الإمام يعرف ما يقول، ويدرك أبعاد النخب التي تُصغي، وتتابع ما يقول كلمة كلمة، بل وفكرة فكرة حتي النهاية. ولقد تابعناه بفخر وهو يتحدث عن ديننا في أوربا، وفي عقر دار الألمان حيث عرّفهم: من هو أولا قبل أن يحادثهم، حتي يعرف الحضور من هذا الذي يقف أمامهم بزيه المعهود: ( العمامة والجبة الأزهرية ) كي يطمئنوا، ويمعنوا النظر في القضايا، والأفكار التي يطرحها، فسألوا، وأجاب..، وعرضوا شكوكهم تجاه ديننا، ووجدوا روعة في الرد، والجواب،، بل تحداهم بلغة العالم الفاهم قائلا: من عنده اعتراض فليتقدم..، فسكت الجميع، وهم بما عرضه مقتنعون بحق لا مجاملة.. فالموقف لا وقت فيه للمجاملة، بل لبيان ما يُنسب للإسلام هل هو حق أم باطل ؟ ، وهنا لابد من وضع النقاط علي الحروف دون مجاملة، أو مواربة حيث شرح، حقيقة ما يُنسب لدينه في هدوء، ولباقة، ورباطة جأش.. الأمر الذي جعل كبار المفكرين في فرنسا يكتبون في كبريات صحفهم: (إن هذا الرجل هو الذي يملك مفاتيح صحيح الإسلام ).
وحقا ما كُتب وقيل، لأنهم رأوا أن كلمات الشيخ ليست مواعظ تنتهي بوقتها. بل حجج، وبراهين زلزلت بحق عروش الشك، والباطل في قلوب الأوربيين.
واليوم في بلادنا نري جهود الإمام تتواصل في توضيح الإسلام، وبيان سماحته ومكانته وقوته في حلقات يومية يناقش فيها قضايا حياتية تهم كافة قطاعات المجتمع، لم تكن تناقش في الإعلام من قبل بالطريقة السهلة الميسرة التي يستخدمها الإمام الآن ، حيث سهولة العرض والأسلوب، وجزالة الألفاظ، وتبسيط المعاني لدرجة أن المشاهد، لا يخرج من الحلقة خالي الوفاض بل سيجد وزنه الثقافي، والعلمي بل والأدبي قد ازداد بالفعل، ومن هذه القضايا ما يتعلق : بتجديد الخطاب، والإلحاد، والتطرف والإرهاب، وتأكيد فضيلته أن جهاز المناعة العقلي عند شبابنا لا يملك أسلحة قوية لردع الموجات الإلحادية التي تسود المجتمعات خاصة بعد الحادي عشر من سبتمبر المعروف حيث ظهر الإلحاد بأنياب جديدة يريد أن يلتهم بها عقول الشباب،،،وللشفاء : طالب فضيلته الأمة أن تتنبه لذلك، وتفسد علي الملحدين مطامعهم. وذلك عن طريق التعليم الديني الملزم والثقافة السليمة ..، أما التطرف والإرهاب والذي ولد في المجتمعات باسم الجهاد : فقد وضح أن الإسلام لا يعرف صور التطرف، بل التسامح، والمحبة، وفي نفس الوقت هو: دين القوة والشدة ضد من يتعرض لتابعيه، أو أوطانهم،، وشرح معاني الجهاد الكثيرة،، ثم وقف عند ما يسمي بجهاد الدفع، وجهاد الطلب، وأزال الشبه التي يُلقي بها المغرضون في هذا الشأن، متحدثا عن الإسلام كقوة لا يقبل الإهانة،، ومبينا أن جهاد الدفع هو أمر قائم ومشروع، وكل دول العالم تأخذ به، وقت اعتداء العدو علي بلد منها، فلو أن دولة ما اعتدت علي مصر -مثلا- لابد من خروج الجميع دفاعا عن وطنهم، وأرضهم، ولا أحد يقبل بغير ذلك،.. أما جهاد الطلب فهو: مشروع، ومعروف الآن - بالضربات الاستباقية، ولكن الإسلام لا يقبل علي ذلك إلا إذا أُقيمت الأدلة الساطعة علي أن العدو يدبر الأمر بالفعل لبلدنا. وهذا حق، ولا يقوم به إلا اصحاب المسئولية الدستورية والقانونية.. إذ لو رأينا - مثلا- : أن دولة ما تقف علي حدود بلاد الإسلام، وتعمل علي شواطئها مفاعلات نووية، وقنابل ذرية،وتصنع أسلحة فتاكة للهجوم علي البلاد: لابد من إيقاف هذا العمل الشيطاني لحماية البلاد، وحدودها.، ويفهم من هذا أنه لا يصح الترويج- كما يريد المتساهلون - لثقافة التسامح غير المقرونة بثقافة القوة، والحماية للوطن، فمن يهاجمني لا أقدم له الورود باسم أنني صاحب دين متسامح. فهذا تأباه الفطرة السليمة.. وهذه : إشارات علمية، وشرعية في منتهي القوة، خاصة وهي تُذكر في هذا التوقيت الذي يُروج فيه البعض بأن الجهاد سواء أكان دفعا، أو طلبا قد انتهي عند المسلمين، واستبدل بثقافة التسامح، وأنه لا جهاد مطلقا.. وهذا غير صحيح : فالتسامح له وقت، والدفاع عن البلاد، وحمايتها له وقت معلوم، أما ذبح الآمنين، وتطرف المتطرفين،وتشويه سمعة هذا الدين بما تفعله بعض الجماعات اللامعروفة بأمن المجتمعات تحت يافطة الدين لا أساس له ،ولا شرعية دينية، ولا دستورية.. فأمن المجتمعات واجب، وشيخ الأزهر شرح الأمر بيسر، وعقلانية، ودليل، وليس فيما قاله تهديد لأحد بل هو بيان للناس عن ديننا في هذه الحلقات للعالم كله، ولذا لو سأل سائل الآن: عن متحدث رسمي باسم الإسلام.. لأجابه الجميع: بأنه شيخ الأزهر باعتباره يرتقي أعلي منبر إسلامي في العالم، بل واجب علي العالم أن يُقر بهذا- طوعا- لأنه حقيقة، ولا يتهم الإسلام، ويحاكمه بتصرفات من ينتسبون إليه،،، ولذا من يتابع حلقات الإمام ولقاءاته يجده يركز علي قضايا أصولية، وأساسية في الإسلام أربك المرجفون بها الدنيا، فقام فضيلته بشرحها للمسلم، ولغير المسلم ولم يتطرق إلي أمورفرعية فقهية، أو مذهبية،، ومازال في حلقاته يواصل جهاده بالكلمة..
وأخيرا أقول : واجب علي مصرأن ُتترجم هذه الحلقات إلي كل لغات العالم، وتفخر بأزهرها، وشيخه وعلمائه، فالأزهر هو رمانة الميزان لهذا البلد الكريم، ويتم مخاطبة العالم كله من القاهرة باسم الأزهر الشريف.

 

 

 

 

الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة