مصر الجديدة الموسيقي

إبراهيم عبدالمجيد

الثلاثاء، 05 يوليه 2016 - 03:54 م

اليوم هو أول أيام العيد. مؤكد أن هناك أمس من استمعوا إلي أغنية أم كلثوم الخالدة « ياليلة العيد آنستينا « التي كتبها العظيم أحمد رامي ولحنها العظيم أيضا رياض السنباطي.

يا ليلة العيد آنستينا

وجددتي الأمل فينا

هلالك هل لعنينا

فرحنا له وغنينا

وقلنا السعد حيجينا

علي قدومك يا ليلة العيد

جمعتي الأُنس ع الخلان

ودار الكاس علي الندمان

وغني الطير علي الأغصان

يحييِ الفجر ليلة العيد

حبيبي مركبه تجري

وروحي في النسيم تسري

قولوا له يا جميل بدري

حرام النوم في ليلة العيد

هذه واحدة من عصر الطرب العظيم الذي ولله في خلقه شئون كان ومصر مُستعمَرة إنجليزية. صحيح أن الأغنية شدت بها أم كلثوم لأول مرة عام 1939. أي بعد معاهدة 1936 التي قللت من نفوذ بريطانيا وحصرت قواتها في منطقة قناة السويس والتي رغم ذلك لم تكن علي هوي الحركة الوطنية حتي أعلن النحاس باشا إلغاء هذه المعاهدة عام 1951 وبدأت بعدها المقاومة المسلحة للقوات البريطانية. لقد بدأ عصر الطرب العظيم في القرن التاسع عشرمع إسماعيل باشا ثم ازدهر وتألق بعد ثورة 1919 مع سيد درويش ثم عبد الوهاب وأم كلثوم وأسمهان وفريد الأطرش. واستمر عصر الطرب العظيم بعد يوليو 1952 لأن من أداروا البلاد كانوا من متعلمي الفترة الملكية. وظهر الموجي وكمال الطويل ومحمود الشريف وغيرهم. كان هناك تفاؤل كبير وحب رائع للحياة رغم التضحيات الهائلة التي قام بها المصريون من أجل الاستقلال. كيف كنا تحت الاستعمار علي هذه الدرجة من الروعة في الفنون والآداب وكيف استمر الأمر بالدفع الذاتي حتي الستينيات ، ثم بدأ الاضمحلال بالذات في الموسيقي رغم وجود أسماء عظيمة مثل سيد مكاوي وعلي إسماعيل وعمار الشريعي وعمر خورشيد وفاروق سلامة وحلمي بكر ومحمد سلطان ومحمد نوح وراجح داوود وغيرهم. لقد انحدرت الموسيقي رغم هذه الأسماء العظيمة بينما الأدب ظل مقاوما بل يتجدد كلما أظلمت كما يتجدد كلما أضاءت. تخيل هؤلاء الذين كانوا في حفلة أم كلثوم والذين حضروا كل حفلاتها بعد ذلك ، تخيل كيف كانت مصر تكاد تخلو بعد الساعة العاشرة مساء من الناس تحت الاستعمار وبعد الاستقلال وتحت هزيمة 1967 وبعدها وبعد حرب أكتوبر أيضا حتي منتصف السبعينات أو بعده بقليل. راح الناس يبتعدون عن الموسيقي والحفاوة بالغناء شيئا فشيئا رغم الأسماء الرائعة التي ذكرتها وظهرت موسيقي وأغنيات عشوائية مثل المباني التي بدأت تظهر وأصبحت هي الملمح الرئيسي للبلاد. وحتي بعد أن حدثت ثورة مثل يناير أظهرت المعدن النفيس للشعب وكان الميدان يزهو بالأغنيات الوطنية علي طول تاريخ مصر منذ سيد درويش حتي الشيخ إمام وشباب الفرق الموسيقية الذين تغلق في وجوههم الإذاعات والتليفزيونات الرسمية ، سرعان ما تمت المؤامرة علي الثورة وانفتح من جديد طريق العشوائيات في الفكر والفن والبناء. كان المصريون أكثر رقة أيام الاستعمار رغم نضالهم بسبب فتنتهم بالموسيقي وصاروا الآن اكثر عنفا رغم مايقال عن الاستقرار لماذا ؟ لأنهم كانوا يستمعون إلي الموسيقي وإلي الطرب العربي الأصيل ولم يكن غير ذلك من أغنيات فجة وموسيقي بلهاء شائعا إلا في الخمارات التي يعرف من يذهب إليها إنه سيستمع إلي تفاهات. وبالمناسبة ليست كل الخمارات كانت تفعل ذلك ! كانت الموسيقي في المدارس منذ المرحلة الابتدائية وفي الحياة وليس مثل الموسيقي يرقق الأرواح. استمعوا إلي الموسيقي الحقيقية لتستطيعوا احتمال قهرالحياة من حولكم. أجل. بالموسيقي أيضا تعبرون الأزمات وتتحملون كل قهر وتضعونه في مكانه فلا تزيحوه قهرا لمن حولكم ممن هم أضعف منكم، بل تردونه إلي أصحابه الأقوي منكم مسرورين !

 

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة