خواطر

مصر.. مصدومة في روسيا

جلال دويدار

الخميس، 14 يوليه 2016 - 04:02 م

من حق المصريين أن يشعروا بالصدمة والدهشة والغرابة للموقف غير الودي وغير المتوقع تجاه مصر الذي تتخذه روسيا متمثلاً في استمرار منع سياحها من قضاء اجازاتهم بها. هذا الحظر الذي صدر بعد سقوط الطائرة الروسية فوق سيناء مضي عليه حتي الآن ثمانية شهور. كما هو معروف فقد صدر هذا القرار بعد المعلومات التي كانت لندن - كاميرون.. قد قامت بترويجها عن اسباب الحادث   وهو ما يدخل في اطار تآمرها علي المصالح المصرية . قالت فور وقوع الحادث انه كان نتيجة عمل ارهابي. بني هذا التوجه علي اساس تبني الاتهام بوجود خلل في الاجراءات الامنية بالمطارات المصرية.

    لا جدال أن تعامل مصر مع هذه القضية كان علي أعلي قدرمن المسئولية حيث قامت بمراجعة شاملة لإجراءات تأمين المطارات المصرية. في هذا الإطار والفهم الواعي لنتائج وأبعاد هذه الاتهامات سعت مصر إلي التعاقد مع أشهر شركات الامن البريطانية العالمية علي خلفية تحملها هذه المسئولية في العديد من المطارات الدولية. أقدمت علي هذه الخطوة استجابة لما طالبت به كل من روسيا وبريطانيا وعدد من الدول الأوروبية بما يؤدي الي انتفاء حجتها بمنع سفر سياحها الي مصر.

    كان المفروض وعلي ضوء تلك الاجراءات والقرارات المصرية ان يكون هناك تجاوب من جانب روسيا بالذات. يأتي هذا التوقع علي أساس أنها قامت بارسال عدد من الوفود الامنية للاطلاع علي كل ما تضمنه هذا التحرك المصري المدعوم بالخبرة العالمية. أنها وللاسف وبدلاً من الاقدام علي الإعلان عن موعد عودة سياحها إلي مصر اختارت ان يتعاظم شعور المصريين بالصدمة لعدم إصدار أي بادرة من جانبها تشير للعدول عن قرار حظر سياحها. زاد من خيبة أمل المصريين إقدام السلطات الروسية بالسماح لسياحها وطائراتها بالسفر إلي تركيا المتآمرة عليها والتي كانت قد أسقطت احدي قاذفاتها فوق الاراضي السورية. حدثت هذه الخطوة رغم ما تقوم به تركيا من ممارسات لإفشال مهمة القوات الروسية ضد جماعات الارهاب في سوريا.

    هذا الموقف الروسي اصبح يثير الشكوك لدي المصريين حيث يعتبرونه بمثابة تواطؤ مع عمليات الحصار الاقتصادي التي تتعرض له مصر من جانب بعض الدول الغربية والمعارضة لثورة 30 يونيو التي أزاحت الحكم الإخواني الحليف لها. ليس من تفسير لقرار حظر سفر السياح لمصر سوي أنه مساندة لأهداف الإرهاب الذي تدعمه وترعاه هذه الدول . الاحداث والتطورات تؤكد أن التآمر علي السياحة يستهدف ممارسة الضغوط لحرمان مصر من العوائد التي كانت تحققها هذه الصناعة بالعملة الصعبة.

    قد تكون موسكو معذورة في قرارها بوقف سياحها عن زيارة مصر كرد فعل للخسارة الفادحة في أرواح مواطنيها نتيجة هذا الحادث.. رغم ذلك فقد كان عليها أن تقدر  في نفس الوقت ضخامة التحديات التي تتعرض لها مصر والعالم من جانب الارهاب  الذي تقف وراء تأسيسه تلك القوي الدولية التي تعاديها وتتآمر ايضا علي الامن القومي الروسي. كان لابد من الربط بين تدبير هذا الحادث واضطلاع روسيا بمحاربة الإرهاب علي الارض السورية.

    من ناحية أخري فإن استمرار روسيا في منع سياحها الي مصر يتنافي تماماً وما شهدته العلاقات المشتركة من نمو وتعاظم في جميع المجالات. من المؤكد ان هذا التطور الذي واكب قيام ثورة 30 يونيو لايحظي برضاء وسعادة تلك القوي المعادية لمصر وروسيا.  علي هذا الاساس فلابد ان يكون مفهوماً أن هدف إسقاط الطائرة الروسية ضرب عصفورين بحجر واحد وهو مايتمثل في الاضرار بروسيا وبالعلاقات المصرية- الروسية الاستراتيجية المتنامية. وفقا لهذه الحقيقة فإن مشاركة روسيا في معاقبة مصر بهذه الصورة يعد وبكل المقاييس خدمة جليلة للإرهاب وللمتآمرين علي كليهما.

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة