في الصميم

طريق الخير.. يبدأ من هنا

جلال عارف

الخميس، 04 أغسطس 2016 - 02:09 م

كانت القيمة الأساسية لمشروع الفرع الجديد لقناة السويس الذي أنجزناه قبل عام، أكبر بكثير من أي مردود اقتصادي مباشر نتوقعه.

كانت القيمة الأساسية أن نستعيد الأمل في المستقبل، وأن نؤكد قدرتنا علي الإنجاز، وأن نثبت أن التنمية الحقيقية هي التي نصنعها بأموالنا وبعرق عمالنا.

وربما أثر الركود الواسع في التجارة العالمية علي الإيرادات السريعة المرتقبة، لكن انجازنا في القناة وفي حفر الانفاق الجديدة بين الوادي وسيناء تبقي أهميته أكبرمن كل ذلك. ومن هنا كان مطلبنا -مع استعادتنا للثقة والأمل- أن نبدأ علي الفور في تعميم الفكرة. وأن نطرح علي المواطنين المساهمة في مشروعات صناعية عملاقة، وأن نجتذب أموال المصريين في الخارج بالتنافس بينهم في اقامة الصناعات في المحافظات وفق خطة متكاملة وبضمان الدولة لأموالهم ولحد مناسب من الأرباح.

كان هذا كفيلا بوضع أساس وطني لنهضة تركز علي التصنيع والانتاج تقوم -كما حدث من قبل- علي جهد المصريين وأموالهم، وعلي الانحياز للمنتج المحلي، وعلي الحرص علي أن تكون جودته منافسة للمنتجات العالمية.

كان هذا هو التحدي الذي نرجوه. وكنا نثق في قدرة المصريين علي انجازه كما حدث في مشروع القناة، وكنا نؤمن أن أصحاب رءوس الأموال «الوطنيين» لن يتأخروا عن المشاركة في هذا الجهد لأنه الأبقي والأكثر فائدة بالنسبة لهم. كما كنا ندرك أن من تسابق للمساهمة في مشروع القناة، لن يتأخر عن الاسهام في نهضة بلاده التي لن تقوم إلا علي الصناعة، ولن يسعده شيء أكثر من ان يضمن فرصة عمل لكل شاب من أبناء وطنه، ولا أن يكون مساهما في انتشال الملايين من وطأة الفقر.. بالعمل والانتاج وليس بتسول الإعانات!

وللأسف الشديد لم نر  أي خطوة  في هذا الطريق، ولم ندرك أن الاستثمار الأجنبي، لن يأتي الا بعد أن يضع الاستثمار الوطني قاعدةالنهوض. وحتي عندما عقدنا مؤتمر الاستثمار في شرم الشيخ وتوقعنا سيلا من الاستثمارات الأجنبية، لم نر شيئا ملموسا منها!! وكان هذا متوقعا بسبب حالة الركود التي يمر بها الاقتصاد العالمي من ناحية، وبسبب التوجه لسياسات صندوق النقد الدولي التي جعلت المستثمرين ينتظرون تخفيض سعر العملة المصرية وجعلت المضاربين يكتنزون العملة الاجنبية ويخلقون أزمة الدولار، وضاعفت الضغوط علينا لكي يكون الاختيار هو الاقتراض من صندوق النقد- ولكي نكون في الموقف الأضعف ونحن نتفاوض علي شروط الاقتراض!

كان الاختيار -ومازال-بين طريقين.. الطريق الذي بدأناه مع مشروع القناة الذي أنجزناه بأموالنا وعرق عمالنا، وبين الطريق الذي يقودنا إلي صندوق النقد الدولي وشروطه.  يبدو أن هذا هو قدرنا الدائم مع قناة السويس ان تكون العنوان علي الطريق الذي تسير فيه مصر، بين نهوض وانكسار، وبين استقلال أو تبعية.

نحتفل اليوم بمصر صاحبة القرار، والقادرة علي الانجاز، كل عام ومصر بخير. ومن أرادها بسوء قصمه الله.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة