باتريك فينسنت خلال حواره مع محررة بوابة أخبار اليوم
باتريك فينسنت خلال حواره مع محررة بوابة أخبار اليوم


حوار|  باتريك فينسنت: اقترحت على السيسي رفع وعي الطلاب بمخاطر التكنولوجيا والسوشيال ميديا

آية سمير- أسامة الشريف

الأربعاء، 07 نوفمبر 2018 - 10:57 ص

- علينا أن نجد الطرق المُثلي للسيطرة على السوشيال ميديا بدلا من أن نظل عبيدًا لها

- الشركات العالمية تتسابق على سرقة وعي الناس لتصنع منها رأس مالها الاقتصادي

- سعيد بالمشاركة في منتدى شباب العالم..وفخور لأني جزء من التغيير الذي يريد المصريون تحقيقه

- سأحاول تقديم كل المساعدة الممكنة للحكومات وسأقترح حلول للسيطرة على هوس السوشيال ميديا والإنترنت

- أتمنى القدوم مرة أخرى إلى شرم الشيخ العام القادم

سيطرت وسائل التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا على الأشخاص حول العالم بشكل كامل أدى إلى ظهور نوع جديد من الاقتصاديات يُسمى بـ«اقتصاد سرقة الانتباه»، وعلى الرغم من أن الناس لا يلتفتون إلى هذه الخدعة، إلا إنها المكون الرئيسي لعدد كبير من الشركات، ورأس المال الحقيقي الذي يتنافس عليه مطوري التكنولوجيا حول العالم، والمُحرك دائمًا هو «كيف يسرقون انتباهك؟».


فمنذ عام 1991 شهد العالم انتشار واسع للاختراع الجديد الذي أبهر «تيم بيرنرز» به العالم، وهو الإنترنت، وككل شيء جديد بدأ الناس في استخدامه دون تفكير، وظل يتطور يومًا بعد الآخر وبقينا نحن  نستخدمه بانبهار شديد دون أن نفكر ولو للحظة أن نتطور نحن معه، أو أن نطوره ليكون أداة لنا، وليس الطرف المُسيطر علينا.


والآن بعد مرور أعوام على هذا الاكتشاف، تأكد لنا أننا تحولنا إلى «عبيد» لهذا الاختراع الذي لا يتوقف عن التطور، والذي يسيطر على حياتنا وتصرفاتنا كل لحظة، دون أن ندرك مدى التأثير الذي يتركه على سلوكياتنا وحياتنا بشكل عام.


وإدراكًا من منتدى شباب العالم هذا العام بأهمية هذه القضية خصص عدد من الجلسات لمناقشة تأثير التكنولوجيا على حياة الناس، جاء من ضمنها جلسة، «مواقع التواصل الاجتماعي.. تنقذ أم تستعبد مستخدميها؟» والتي شارك بها عدد من المتحدثين، إضافة إلى الرئيس عبدالفتاح السيسي.


ولمعرفة المزيد حول تأثير التكنولوجيا على حياتنا وكيف يمكننا أن نتحول من مجرد متابعين منبهرين دائمًا بما تقدمة لنا الشركات يومًا بعد الآخر، حاورت «بوابة أخبار اليوم»، السويدي، باتريك فينسنت، مؤسس شركة «فوندبيرج وفينسنت»، والتي تقدم الدعم والاستشارات للأشخاص الذين يعانون من الضغط النفسي والعصبي بسبب الاستخدام المتواصل للتكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي، كما أنه مؤلف لخمسة كتب حول التكنولوجيا وتأثيرها على الناس والمستخدمين.


بداية.. حدثنا عن الجلسة الأولى التي شاركت بها في المنتدى. وما تم مناقشته، وانطباعك عما حدث؟


بدأ الناس في الحديث عن الاقتصاد والسياسية، لكني عندما بدأت أتحدث ظن الجميع أنني «الرجل الشرير» الذي يريد منع الإنترنت أو جعل الناس يسيطرون عليه.


لكن بعد دقائق من بدء جلسة «الألعاب و الرياضة الإلكترونية» عرف كل الحاضرين أنني لا أدعو الناس أن تعود للعصور الحجرية، على العكس، يجب علينا دائما أن نتقدم دائمًا للأمام لكن في نفس الوقت علينا أن نراعي أن سلوكيات الأشخاص تغيرت بشكل كبير بعد حدوث، 3 أشياء محددة، أولها هو اختراع الإنترنت وانتشاره عام 1991، ثم ظهرت السوشيال ميديا منذ 12 عام، وتبعته التكنولوجيا الحديثة منذ 11 عام، وهكذا تأثرت حياتنا بشكل لا نهائي.

 التكنولوجيا والسوشيال ميديا  تغيرت كثيرًا منذ بداية نشأتها وحتى الآن، لكننا لم نتغير أو نتطور، وبالطبع كان من الطبيعي أن يحدث نوع من الصدام بيننا وبين التكنولوجيا. لذلك علينا أن نطور من أنفسنا وأن ندرس ونتعلم من كل ما يحدث.


فالدراسات أوضحت أن الأشخاص يقوموا بالتقاط واستخدام تليفوناتهم المحمولة من 150 إلى 300 مرة في اليوم، كما أن 52% من حوادث السيارات التي تحدث في العالم سببها هو الهواتف المحمولة.


هذه الدراسات الذي بلغ عددها حوالي 300 دراسة حول العالم، أظهرت ان التكنولوجيا الحديثة التي تُقدم للأطفال تجعلهم يتعلمون أقل مما يجب عليهم لأنهم يجب أن يتعلموا من المصادر الصحيحة، مثل محاكاة الأب والأم، فالأطفال حتى سن 5 أعوام يكون عقلهم في مرحلة البناء الأولي، ولذلك هي سنوات هامة جدًا.


وحتى تخطي هذه السنوات لا ينصح بأن يتعامل الأطفال مع أي مصدر من مصادر التكنولوجيا على الإطلاق، نحن في مرحلة تقبل التكنولوجيا بدون اي تشكيك، وهو أمر غير صحيح.


ماذا تقترح كحلول بديلة للاستغناء عن التكنولوجيا وما الذي تقوم شركتك بتقديمه؟


نحن نريد البشر أن يجدوا طرق أفضل لاستخدام التكنولوجيا،  وأن يكون ذلك من خلال أوقات وأماكن محددة، ونعطي الناس مساحات وأوقات حتى يُريحوا عقلهم.


فنحن نريد دائًما أن يكون لدينا القدرة على السيطرة على كل شيء حولنا، وإذا أعطانا هذا الجهاز الصغير هذه القدرة على التحكم، فنحن لن نتركه أبدًا لأنها غريزة داخلية، وسنظل دائًما عبيد للتكنولوجيا وستكون دائمًا هي الطرف المُسيطرة.


نقدم نوعين من الخدمات، الأول من خلال ذهابنا إلى المدارس والمؤسسات والشركات التي تعتمد في شغلها دائَما على الانترنت، أو الشركات التي تعاني من  الـsyberslacking وهو مصطلح يعنى أن يستخدم موظفي أي شركة الانترنت المُقدم لهم فقط في الترفيه والاستخدام الشخصي، وهو الأمر الذي يجعل الشركات تخسر موالها. وبعض الشركات لا تعرف أن هذا يحدث على الإطلاق.


وهو دائمًا ممتع وجذاب لنا وللشركات التي نعمل بها أن ترى أن موظفيها أكفاء و قادرين على القيام بالكثير من المهام خاصة إن كانت التكنولوجيا تسهل لنا هذا، لكن الحقيقة أننا كبشر لا يمكننا تقسيم عقولنا. إذا كان أمامنا 4  مهام مختلفة فمن الأفضل ألا نقوم بهم جميعًا حتى وإن كان الأمر سهل، وحتى إن كانت التكولوجيا تسهل ذلك.


فنحن في النهاية سنكون دائمًا متوترين وتحت ضغط، وسنتخذ أوقات أطول من المعتاد، ولن تكون النتائج مرضية بشكل كبير.


فإذا قمت يعمل مهمتين بواسطة التكنولوجيا ستحصل على نتيجة 50% في كلا المهمتين، لكن إذا قمت بعمل واحد فقط ستحصل على نتيجة 100% للمهمة التي تقوم بها.

لماذا يجب على الحكومات أن تتخذ خطوات للسيطرة على انتشار السوشيال ميديا وتحكمها في الناس؟

لدينا حاليًا ما يسمى بـ«اقتصاديات انتباه ووعي الأشخاص»، فكل الشركات تتنافس على سرقة انتباه الأشخاص واهتمامهم، وهذا هو ما تتسابق على الشركات حولنا وما يكون رؤؤس أموالهم بشكل كبير.

مثلا عندما نستخدم «فيسبوك» تكون نوايانا جيدة لأنه موقع يقدم الكثير من الخدمات، لكن عقولنا تتشتت ونذهب للعديد من الأشياء الأخرى المبهرة لمدة ساعة أو ساعتين أو حتى أكثر دون أن نعلم ما الذي حدث أو ما هي المواقع التي ذهبنا لها ولماذا، وعلى الرغم من ذلك نشعر بالسعادة وكأن لا شيء سُرق منا.


علينا أن نفكر في التكنولوجيا دائًما على أنها الطرف الأذكى والذي يسبقنا دائمًا بحوالي 4 أو 5 خطوات. علينا دائمًا أن نكون على قدر من الوعي والتفهم، وإلا سيُسرق منا الكثير من الأشياء الهامة دون وعي أو إدراك منّا بذلك.


هناك بعض الاقتراحات القانونية بفرض ضرائب على مواقع التواصل الاجتماعي والانترنت، فما رأيك في هذا؟

لا أعتقد أن فرض ضرائب أو أموال على الشركات المتعلقة بالتكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي قد تكون أمر جيد. لا يجب على الحكومات أن تتدخل في مثل هذه الأشياء، ولكن على الجانب الآخر لا يجب أن يخرج شخص مثل «شون باركر» مؤسس فيسبوك الأول ليقول لنا «لقد صنعنا وحشًا كبيرًا»، لأن الحكومات تستخدم تصريحات مثل هذه في العديد من التوجهات، كما يستخدمها أطرافً أخرى لنشر الكراهية والعدائية وأحيانًا التفرقة وتقسيم العالم إلى جماعات وقبائل:  "أفريقين، مسلمين، يساريين، ويمينيين" ولكن إذا كان لدي وعي سأستخدم هذه المواقع والوسائل لتعزيز هويتي ولمعرفة المزيد من المعلومات، لكن في حال استخدمتها لتقسيم العالم إلى قبائل، فالوضع مختلف تمامًا.


ما هي المبادئ التي اتبعها مؤسسي مواقع التواصل الاجتماعي ومطوري التكنولوجيا والتي جعلتهم يحققون كل هذا النجاح؟


اعتمد المؤسسين الأوائل لمواقع التواصل الاجتماعي على قوانيين نفسية تسيطر على البشر منذ سنوات طويلة، فقد لجأوا إلى أساليب تطلق هرمون «الدوبامين» - أو ما يطلق عليه هرمون السعادة-  لدى الأشخاص بسرعة شديدة، وهو محرك رئيسي وأساسي للأشخاص.


والأمر هنا مختلف قليلا، فأشياء مثل المخدرات والكحوليات تطلق هرمون الدوبامين من خلال استنشاقها، أو أكلها أو حقنها في الجسد، لكن هذا مختلف تمامًا فنحن لا نأكل هواتفنا المحمولة، ولا نستنشقها، لكنها طريقة تعتمد على السلوكيات وردود الأفعال عليها.


وعنصر المفاجأة هو دائمًا ما يلعب الدور الرئيسي في هذه الأمر، فعندما نكتب شيئًا ويحظى بردود أفعال كبيرة لم نتوقعها، أو يأتي إلينا «ايميل» لم نكن بانتظاره، وهكذا يسير الأمر على بقية مواقع التواصل الاجتماعي، تويتر، فيسبوك، انستجرام.. وغيرهم.


ما هو انطباعك عن منتدى شباب العالم هذا العام؟ وكيف رأيت مصر؟

أشعر بالكثير من الفخر لأني جزء من هذا المنتدى هذا العام، وسعدت كثيرًا بلقاء كل المصريين ومشاركتهم التغيير الجيد الذي يريدون تحقيقة في حياتهم وفي المجتمع. شعرت بالكثير من الحب والكرم وسأحاول أن أرد ذلك بطريقيتي عندما أعود إلى بلدي.


علينا أن ننظر إلى فوائد أن يكون لدينا أصوات في منتديات عالمية كهذه، وعلى الرغم من أن هذه هي زيارتي الأولى لمصر.


لكني احترم كل شيء رأيته هنا بشكل كبير، وأذهلني التنوع الكبير الذي وجدته في الثقافات الكثيرة المتواجدة هنا، مما سمح لنا بالكثير من النقاشات.


ماذا الذي اقترحته على الرئيس السيسي خلال جلسة التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي؟

أعتقد  أن الخطوة الأولى هي رفع الوعي ونشر المعرفة حول ما يمكن للتكنولوجيا أن تفعله في حياتنا، و ما هو مدى تأثيرها علينا.


يجب على مصر أن تتخذ خطوات مثل تعليم الأطفال والمراهقين مخاطر التكنولوجيا ورفع وعيهم من خلال إدراج ذلك في مناهجهم الدراسية. علينا أن نقيم المزيد من المؤتمرات حول أضرار التكنولوجيا لزيادة وعي  الناس بما يجب أن يعرفوه للاستخدام الأمثل لها. وعلينا أيضًا أن نوجد الطرق المُثلى لاستخدام الانترنت بحيث لا نكون عبيد لها.
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة