صورة موضوعية
صورة موضوعية


التجربة الهندية.. حققت الاكتفاء وأصبحت من أكبر مصدرى القمح.. تفاصيل

آخر ساعة

الخميس، 26 مايو 2022 - 03:20 م

 

كتب: هانئ مباشر

كانت الهند تعانى نقصا شديدا فى إنتاجها من القمح وتهددها المجاعات فى أعقاب الحرب العالمية الثانية، لكن منذ بداية الستينيات من القرن الماضى بدأت «الثورة الخضراء» وتحقق لها الاكتفاء الذاتى بنسبة 100% بل وتقوم بتصدير الفائض من إنتاجها، علما بأن المساحة المزروعة فى الهند تصل إلى 70 مليون فدان سنويا، ما أدى لزيادة المساحة المزروعة بالقمح وساعد ذلك على تحقيق الاكتفاء الذاتي.

 

هذا الأمر يدعونا للتساؤل: كيف استطاعت الهند التحول من دولة مستهلكة ومستوردة للحبوب الغذائية إلى مصاف الدول المصدرة؟!، حيث أن معدل نمو الصادرات الهندية تجاوز نمو أكبر 10 دول مصدرة للقمح فى التجارة العالمية مجتمعة، وبدأت فى الوصول لأسواق جديدة بعد الحرب «الروسية - الأوكرانية»، وبعد أن استطاعت رفع المخزون الحكومى اعتباراً من فبراير 2022 إلى 108 ملايين طن من القمح، مع توقعات برفع معدلات التصدير بما يتراوح بين 8 إلى 10 ملايين طن خلال العام الجاري.

 

إقرأ أيضاً | الحجر الزراعي: القمح الهندي أفضل من الروسي والأوكراني

ورغم إيقاف الهند تصديرها بدعوى إجراءات احترازية لمواجهة جائحة كورونا، فإن الحقيقة أن الصادرات الهندية ارتفعت قبل الأزمة الراهنة بفضل جائحة كورونا وتداعياتها على سلسلة الإمدادات العالمية، وارتفاع الأسعار، الأمر الذى رفع زيادة تنافسية القمح الهندى فى السوق العالمية، التى لم تكن لتنافس الأسواق الرئيسية الأخرى بسبب انخفاض أسعارها مقارنة بمستويات ما قبل الجائحة.

 

ويقول الدكتور سامح عبدالفتاح، عميد كلية الزراعة بجامعة القاهرة: لقد واجهت الهند مشكلة فى تلبية احتياجاتها الغذائية الأساسية، وفى منتصف الستينيات، سعت للحصول على مساعدات غذائية طارئة، غير أنها بعد وقت قصير، استطاعت تحقيق الاكتفاء الذاتى من الغذاء لتتحول فى عام 1995 إلى مصاف الدول المصدرة للغذاء فى العالم. وقامت بإعادة هيكلة وتنظيم للعملية الزراعية برمتها وأطلقت عليها «الثورة الخضراء» التى تحولت فيها الزراعة الهندية إلى نظام صناعى بسبب اعتماد الأساليب والتقنيات الحديثة مثل استخدام بذور متنوعة عالية الغلة (HYV)، والجرارات، ومرافق الري، ومبيدات الآفات، والأسمدة.

 

وكان المصمم الأكبر لها هو «سواميناثان»، وهو عالم وراثة ومسئول هندى معروف بدوره فى الثورة الخضراء بالهند، ويُلقب بـ«أبو الثورة الخضراء فى الهند» لدوره فى تقديم أنواع القمح عالية الإنتاجية وتطويرها، وكانت رؤيته المعلنة هى تخليص العالم من الجوع والفقر.. ويعتبر داعية لنقل الهند إلى التنمية المستدامة، خاصة استخدام الزراعة المستدامة بيئيًا، والحفاظ على التنوع البيولوجي، الذى يسميه «الثورة دائمة الخضرة».

 

وكانت المعالم الرئيسية فى هذه المهمة تطوير أصناف عالية الإنتاجية من القمح، وسلالات مقاومة، بالإضافة لقيام الحكومة الهندية آنذاك بإنتاج المحاصيل الضرورية بدلًا من الاعتماد على الصادرات الأجنبية، وتضمَّن برنامج الثورة الخضراء إدخال أصناف عالية الإنتاجية (HYV) من البذور وتحسين نوعية الأسمدة والرى بتقنيات ما أدى إلى زيادة فى الإنتاج جعلت البلاد مكتفية ذاتيا فى مجال الحبوب الغذائية.

 

وبشكل عام تحتل الهند المرتبة الثانية على مستوى العالم فى إنتاج المزارع وفقًا لعام 2018، ووظفت الزراعة أكثر من 50% من القوة العاملة الهندية وساهمت بنسبة 17-18٪ فى الناتج المحلى الإجمالى للبلاد، وتعتبر الزراعة مصدرًا أساسيًا لكسب الرزق لـ58٪ من سكان الهند.. وتحتل المرتبة الأولى عالميا بأعلى مساحة محصول صافية تليها الولايات المتحدة والصين.

 

ويقول الدكتور محمود الزعبلاوي، عميد كلية الزراعة بجامعة بنها: فى منتصف الستينيات من القرن العشرين عانت الهند موجتى جفاف شديد، ما أدى لنقص الغذاء وحدوث المجاعات بين السكان فى البلاد، فبدأت تطبيق سياسة تغيير أساليب الزراعة وتسويقها فى دول مختلفة وإطلاق حملات تسويقية إلى جانب تنظيم برامج توعوية للشركات الناشئة فى مجال القمح، للتعريف بفرص التصدير لشق طريقهم داخل الأسواق الجديدة، وذلك بالتزامن مع إقامة 220 مختبراً فى جميع أنحاء الهند لتقديم خدمات اختبار جودة القمح لمجموعة واسعة من المنتجين والمصدرين، وتمهيد البنية الزراعية بقوة، بخلاف الإصلاحات فى التسويق الزراعى الذى ساهم فى إحداث تغييرات فى تسويق المخرجات الزراعية مع ادخال تكنولوجيا المعلومات والتقنيات الجديدة فى الزراعة.

 

وأخذت الهند تضخ الاستثمارات فى البحث والتطوير، ما ساهم فى ظهور عدد من الشركات الناشئة، يديرها شباب على أعلى قدر من التعليم، عكس الفكر السائد بإدارة المساحات الزراعية من قبل القرويين، الأمر الذى يؤكد الوعى بالإمكانيات الهائلة التى تنتظر هذا القطاع الحيوي، لا سيما أن الآثار التراكمية للتكنولوجيا على مدى العقد المقبل تنذر بتغيير وجه الزراعة فى الهند، خاصة بالنظر إلى ظروف الطقس والتربة الملائمة، وتزايد ارتفاع الطلب العالمى على الغذاء، ما يجتذب الكثير من الشركات والاستثمارات الأجنبية والمحلية، كما خصصت الهند عربات إضافية داخل السكك الحديدية لنقل القمح الزائد لدى المزارعين إلى الموانئ، مع تخصيص محطات خاصة داخل تلك الموانئ فى محاولة لتسريع وصول القمح إلى الجهات المستوردة.

 

وتشير التوقعات إلى إمكانية تصدير الهند ما يصل إلى 12 مليون طن من القمح، خلال الموسم 2022- 2023 مقارنة بـ8.5 مليون طن خلال سابقه، بالتزامن مع ارتفاع أسعار القمح داخل بورصة شيكاغو للمحاصيل إلى أعلى مستوى، إذ سجلت 13.635 دولار للبوشل (أداة لقياس وزن القمح وتعادل 27.2 كيلوغرام) مقارنة بـ5.5 دولار للبوشل خلال السنوات الخمس السابقة للحرب «الروسية - الأوكرانية».

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة