كرم جبر
كرم جبر


إنها مصر

كرم جبر يكتب: استعادة الوعي

كرم جبر

الأربعاء، 31 يناير 2018 - 10:49 م

فى سنوات سابقة، كان من حق المواطنين أن يقاطعوا الانتخابات، لأن الحكومة كانت مشكورة تتولى التصويت نيابة عنهم، وكان الناخب إذا ذهب إلى اللجنة، وجد اسمه مسجلاً بالحضور، وتعددت صور التزييف والسطو على إرادة الناخبين، بإدراج الأموات والمسافرين للخارج فى الكشوف الانتخابية، وغيرها من صور التزوير الفاضح.

فى سنوات سابقة، فضل المواطنون الجلوس فى مقاعد المتفرجين، وسادت العبارة الخالدة «اللى ملوش أهل الحكومة أهله»، البلد بلدهم والصندوق صندوقهم، وعبر عن ذلك مأمور أحد الأقسام فى الصعيد بعبارات نافذة فى «يوميات نائب فى الأرياف» لتوفيق الحكيم: المواطن له مطلق الحرية فى انتخاب من يريد، وأنا لى مطلق الحرية فى إلقاء الصناديق فى الترعة واستبدالها بأخرى.

كان الانطباع السائد هو عدم أهمية التصويت، طالما هناك من يقوم بهذه المهمة، وأخذت المقاطعة صوراً متعددة، رغم أن نتيجة الانتخابات كانت دائماً 99.99%.. ذهبتم أو قاطعتم فهذا قدركم، وانقطعت أحبال الثقة تماماً بين أطراف العملية الانتخابية.

الآن، لم يعد من الممكن سرقة إرادة الناخبين أو السطو على أصواتهم، وصار لكل صوت قيمة وتأثير، وانفردت مصر من بين كل دول العالم، بأن جعلت قاضياً على كل صندوق، وأصبح التصويت بالرقم القومى، والتوقيع أمام القضاة.. وهذا الأمر وحده كفيل بذهاب الملايين إلى لجان الانتخابات، دفاعاً عن حقهم المشروع فى اختيار من يحكمهم، ولنبعث صورة للعالم كله، بأن مصر تمضى خطوات ثابتة على طريق الديمقراطية والاستقرار.

عكس ذلك تماماً تأتى الدعوة لمقاطعة الانتخابات، بهدف التقاط صورة سلبية، وتصديرها للعالم بأن مصر ما زالت غير مستقرة، وأن شعبها غاضب وقرر المقاطعة، وهى دعوة ظاهرها الحرص على الديمقراطية، وباطنها التخديم على الحرب الشعواء التى تتعرض لها البلاد فى وسائل الإعلام المعادية.

ماذا يستفيد أصحاب الدعوة إلى المقاطعة، إذا لم يذهب الناس وظهرت اللجان خالية؟ أو ما هى الصورة التى يريدون تصديرها للعالم؟، وهل تنتعش أحلامهم وآمالهم فى العودة إلى أيام الفوضى والتظاهرات والاحتجاجات والخراب الدائم؟

من اكتوى بالنار لن يفكر فى احتضانها مرة أخرى، والذين جربوا بأنفسهم معنى ضياع وطن، هم الذين سيذهبون إلى الانتخابات، ولن يلتفتوا أبداً لحملات التشويه والتشكيك، لأنهم يعلمون جيداً أن المخاطر والتحديات التى دفعتهم للخروج العظيم فى 30 يونيو، ما زالت قائمة، وأن جماعة الشر لا تزال متحفزة ومتربصة، وتحلم بالعودة إلى اختطاف البلاد، والنفاذ إلى المسرح السياسى ولو من خرم إبرة.

الصورة التى نريد تصديرها للعالم هى أن مصر بخير، وتتعافى وتقف على قدميها وتحترم إرادة شعبها، وليس فى وسع أحد أن يركعها، أو يمس كرامة شعبها أو يزيف إرادته، وأولى خطوات استرداد الإرادة، هى الحرص على كل صوت انتخابى، وأن يختار المواطن كما يشاء، دون أية ضغوط أو إملاءات.

اذهب واختار ولا تشغل بالك بمن يريدون أن يشعلوا حرائق، ويصيبوا الناس باليأس والإحباط.
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة