بقلم: د.أسامة السعيد
بقلم: د.أسامة السعيد


خارج النص

ثقافة «الكمبوند»

بوابة أخبار اليوم

الإثنين، 26 أغسطس 2019 - 08:28 م

بقلم: د.أسامة السعيد

«الكمبوند» كلمة وافدة على حياتنا منذ ما يقرب من عقدين تقريبا، فمع بدايات القرن الحالى بدأت فكرة الكمبوندات فى الظهور، لتثير شهية بعض الأثرياء للانعزال وراء أسوار عالية، ويحظون بأمن وحراسة خاصة، فضلا عن خدمات مدفوعة تقيهم «صداع» السكن فى نطاق مفتوح، وعقب ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١، وبسبب الإنفلات الأمنى، استقطبت «الكمبوندات» فئات جديدة لم تعد تقتصر على الأغنياء، بل لجأ إليها كل من يمتلك قدرة مالية، ولو بالتقسيط، من أجل أن ينجو بحياته وأولاده، ويبحث عن نمط حياة أفضل، أو حتى عن وجاهة اجتماعية.
الآن تحولت فكرة الكمبوند إلى ثقافة حقيقية تتسرب إلى جميع أوجه حياتنا، والأخطر إلى تفكيرنا، فالكل يسعى إلى العيش وسط من يشبهونه، يريد «خصخصة» كل شيء لصالحه، من الطريق إلى النادى، ومن الشاطئ إلى حمام السباحة، يحاول تفصيل كل شيء على مقاسه ومقاس من يشبهونه فى الثروة والطبقة الاجتماعية، ويضيق ويأنف جدا ممن لا يشبهونه!!
وسرعان ما انتقلت فكرة «الكمبوند» من السكن إلى المصايف والأندية وحتى الأسواق، فتحول النيل إلى مساحات مقتطعة لصالح أندية نهرية تتبع جهات مختلفة، وطبعا تختلف المساحة وتميز الموقع الذى يتم اقتطاعه من «النهر الخالد» حسب أهمية وسطوة الجهة التى يتبعها النادى، وتعالت الأسوار حتى كاد النهر أن يتلاشى وراءها.
وفى الساحل الشمالى، يبدو الأمر أكثر وطأة، فقد تلاشى البحر فعليا وراء أسوار قرى سياحية و»كمبوندات» للمصطافين، الذين هجروا المصايف القديمة، وذهبوا ليصنعوا «كمبوند» كبيرا يعمل لثلاثة أشهر فقط سنويا، حاجبا خلفه أجمل شواطئ مصر، واختفت تقريبا الشواطئ العامة من على خريطة المدن الساحلية، حتى صار استنشاق هواء البحر فى عز الصيف مسألة تفرض على المواطن غير «الكمبوندى» إعداد ميزانية وخطة محكمة قبل الإقدام على تلك المغامرة!
انتشار ثقافة «الكمبوند» فى مجتمعنا، مسألة لها أبعاد نفسية واجتماعية أعمق كثيرا من فكرة البحث عن راحة البال أو السعى وراء الهدوء، الأمر ناقوس خطر حقيقى يستوجب التفكير.

 

 

الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة