بيرات البيرق - وزير المالية والخزانة التركي
بيرات البيرق - وزير المالية والخزانة التركي


«نار الغلاء تحرق الأتراك».. ونسيب أردوغان يتحدى ببرنامج اقتصادي «وهمي»

ناريمان فوزي

الجمعة، 04 أكتوبر 2019 - 05:23 م

تندفع لتهاجم الغير.. تتباكى دفاعا عن ديمقراطية زائفة، وتتهم غيرها بعدم احترام الحريات، بينما تقوم بملاحقة الصحفيين وإسكات المعارضين بالإقصاء والسجن وغلق الصحف.

تأتي مناسبة تلك المقدمة عن تركيا، في أعقاب قيام مواطن تركي بإشعال النار في نفسه أمام مبنى محافظة ملاطيا وسط تركيا، لعدم قدرته على دفع إيجار منزله ومروه بضائقة مالية شديدة نتيجة سوء الأوضاع المعيشية.

الأمر يخرج عن دائرة «المعايرة»، فكافة المجتمعات تعاني من الأزمات، لكن الأولى بمن يعاني أن ينشغل بحال بلاده، والعمل على حلها بدلا من التركيز على الغير والتآمر ضدهم.

وبالرجوع لأرض الواقع، خرج وزير المالية والخزانة التركي بيرات البيرق –وصهر أردوغان- ليعلن عن برنامجه الاقتصادي الجديد للفترة من 2020 إلى 2022، حاملا شعار «التغيير قد بدأ».

وأشار البيرق إلى تجاوز بلاده مرحلة كبيرة في مكافحة التضخم، بعد الهجمات التي تعرضت لها الليرة التركية في أغسطس 2018، مشيرا إلى أن انخفاض التضخم إلى خانة الآحاد على المستوى السنوي، خلال سبتمبر الماضي.

كما لفت إلى أنه من أجل الوصول إلى المستوى الذي يرغبونه في الاقتصاد، فالهدف الجديد هو الحفاظ على هذه المكاسب والتقدم خطوة بخطوة لخفض التضخم لـ 5%.

من جهتها، نشرت صحيفة أحوال تركية على لسان أحد كتابها ذو الفقار دوجان، بأنه في نفس اليوم الذي أعلن فيه البيرق عن خطته الاقتصادية الجديدة، تم زيادة أسعار الكهرباء بنسبة بلغت  14.9% مما يؤكد أن تلك التغييرات ستؤدي إلى ارتفاع الأسعار والضرائب الجديدة في كل مكان، كما قد تستخدم الحكومة أيضًا نظام المعاشات الجديد الذي تم الإعلان عنه مؤخرًا، لتمويل خطتها.

ولفت دوجان كذلك إلى أن الطبيعة المتناقضة لبعض أهداف برنامج البيرق أثارت الدهشة، فمن ناحية تهدف إلى خفض التضخم، ومن ناحية أخرى وعد بإنهاء عام 2019 بنمو قدره 0.5% ولكل من السنوات الثلاث التالية بنمو 5%.

وعلى الرغم من هذا الهدف الطموح للنمو، يعد البرنامج بتخفيض نسبة رصيد الحساب الجاري إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى 0.8% في عام 2020 وإلى الصفر بحلول عام 2022.

وعدت حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان بنمو نسبته 5%، لكنها تهدف أيضًا إلى موازنة الحساب الجاري في غضون سنوات، رغم أن صناعة البلاد تعتمد إلى حد كبير على السلع الوسيطة المستوردة والمواد الخام.

إلى جانب ذلك، توقع البرنامج الاقتصادي الجديد خفض نسبة العجز في الناتج المحلي الإجمالي إلى 2.9% في عام 2020، ثم 2.5% في عام 2021 بينما نصح صندوق النقد الدولي بأن تصل النسبة إلى 1.5% في عام 2022.

وهناك تناقض واضح آخر في الخطة يتمثل في توقعات أزمة البطالة، والتي من المتوقع أن تظل بأرقام مضاعفة حتى عام 2022 ، فالحكومة لا تهدف فقط إلى تنمية الاقتصاد، بل تهدف إلى زيادة البطالة.

كان تقرير لصندوق النقد الدولي، قد صرح بأن تركيا يمكنها تحقيق نمو بنسبة 2.5% في عام 2020 إذا اتبعت الإرشادات الصارمة التي وضعتها، وأشارت حكومة أردوغان إلى أنها ستحقق ضعف هذا النمو، مع خفض التضخم إلى أقل من 5%، مما يؤدي إلى انخفاض العجز في الحساب الجاري إلى الصفر، وتخفيض أسعار الفائدة، وتخفيض العجز التجاري عن طريق خفض الواردات والإنفاق العام.

سيتطلب هذا الأمر ضخًا مفاجئًا يتراوح بين 100 مليار دولار و 150 مليار دولار نقدًا في مجال الاقتصاد، أو تقليص الاستثمار في كل قطاع من القطاعات المتعثرة في البلاد، لكن حتى الآن ليس هناك ما يشير إلى مصدر الأموال المطلوبة للضخ.

كما سيتسبب ارتفاع أسعار الكهرباء بنسبة 15% منذ يوليو، إضافة إلى الارتفاعات الأخيرة التي تراوحت بين 15% و25% في كل شيء بدءا من الغاز وحتى أسعار الشاي، مما سيدفع بالعاملين في الدولة إلى الفقر.

كان صندوق النقد الدولي، قد أوضح في تقريره أنه لا يثق في التصريحات الصادرة عن السلطة المصرفية التركية بشأن الديون المعدومة، والتي يقول إنها من المرجح أن تتجاوز الأرقام الحكومية، داعيا مدققي الحسابات المستقلين للتفتيش عن كثب على القطاع المصرفي والتأكد من المستوى الحقيقي للديون الخطرة والمحفوفة بالمخاطر.

كما طلب الصندوق لوائح ضريبية جديدة وزيادة في ضريبة القيمة المضافة، حيث وعد البيرق بالإصلاح الضريبي لتطبيق نظام تدريجي من المحتمل أن يترجم هذا إلى زيادات ضريبية كبيرة لقطاع عريض من المجتمع.

هناك مبادرة أخرى تأمل الحكومة أن تجمع ما بين 60 مليار و 100 مليار ليرة، وهي إنشاء ما تسميه نظام المعاشات التقاعدية، وهذا يعني خصمًا إضافيًا للأجور لتمويل نظام المعاشات التقاعدية مع وعد بدفع معاشات تقاعدية أعلى.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 

مشاركة