رفعت رشاد
رفعت رشاد


حريات

السبت 11 نوفمبر 1944

رفعت رشاد

الأحد، 10 نوفمبر 2019 - 08:29 م

لم يكن يوم السبت ذاك يوما عاديا فى مصر، شهد الحادى عشر من نوفمبر زلزالا صحفيا تجاوز الحد الأقصى من مؤشر ريختر. استيقظ الناس على صاروخ كان يطلقه باعة الصحف اسمه أخبار اليوم. أطلق الباعة فى ساعات قليلة مائة ألف صاروخ هى عدد النسخ التى بيعت من أخبار اليوم. طبع مصطفى أمين كل رصيده من الورق حتى يفى بحاجة القراء. حجم التوزيع أذهل القاصى والدانى. لم يكن عدد السكان يتجاوز 15 مليون نسمة ولم تكن وسائل المواصلات والاتصالات متاحة كما هى الآن ومع ذلك انطلقت أخبار اليوم إلى كل مكان فى مصر. منذ ذلك اليوم صارت هناك مدرسة صحفية لم ينطفئ بريقها اسمها أخبار اليوم.
السبت الماضى ألحقت جريدة أخبار اليوم فى عددها الصادر نسخة من العدد الأول الذى صدر عام 1944 ورغم أن كثيرا من الصحفيين والعاملين فى مجال الصحافة وتدريسها قرأوا هذا العدد، إلا أنه مازال هناك ما يجب أن يقال بعين قارئ لا بعين صحفى فحسب. صدرت الجريدة فى 8 صفحات بدون ألوان ويلاحظ أن النسبة الأكبر مما ورد بها كتبه «صاحبها ورئيس تحريرها: مصطفى أمين» ـ هكذا جاءت الترويسة ـ فمعظم الأخبار والتقارير لم يكتب عليها اسم صحفى آخر، أما اليوميات وهى أكبر المقالات فقد كتبها الممثل الكبير نجيب الريحانى وكتب توفيق الحكيم حمارى يشتغل بالسياسة وكتب د.محمود عزمى تعليقات على السياسة الدولية وكتب أحمد الصاوى محمد مقاله الشهير «ما قل ودل»، لكن بصمات وأسلوب مصطفى أمين كانت تشغل كل مساحات الجريدة.
كتب مصطفى أمين المقال الرئيسى فى الجريدة وعنوانه: لماذا ساءت العلاقات بين القصر والوفد؟، هذا العنوان وحده كاف لكى يدلنا على مدى حرية الصحافة وقتها والمساحة الواسعة التى يتحرك فيها الصحفى بكتاباته، بل إن أخبار اليوم تمتعت بهذه الحرية فيما نشرته عن الفن والجريمة وأخبار المجتمع بل عن أخبار الصحف والصحفيين. كما كتب مصطفى أمين المقال الافتتاحى «هذا ما نريده» فى الصفحة الأولى ووقعه باسم «ابن البلد» وكتب مقاله الأشهر «الموقف السياسى» الذى استمر عقودا يكتبه رئيس تحرير أخبار اليوم فى تقليد رصين للتعبير عن موقف الجريدة من الأحداث السياسية.
محتوى أخبار اليوم يؤكد أن القارئ لا يقبل على جريدة أو مجلة لمجرد أن طباعتها فاخرة أو ألوانها زاهية، بل يقبل عليها ويتشيع لها وينتمى إليها إذا كانت الصحيفة تشبع رغباته وفضوله وتوسع من دائرة معلوماته. تولى رئاسة تحرير أخبار اليوم عمالقة فى مجال الصحافة لكن هناك أسماء لا تنسى، المؤسس العملاق مصطفى أمين وإحسان عبد القدوس وإبراهيم سعدة والأخير تولى رئاسة التحرير لمدة 26 عاما، وبينما استمر سعيد سنبل سنوات طوالا مديرا للتحرير لكنه لم يتول المنصب أبدا كما لم يتوله محمود عوض وهو أحد نجوم الصحافة الكبار. كل سنة وأنت أحلى أخبار اليوم.

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة