إبراهيم عبد المجيد
إبراهيم عبد المجيد


مصر الجديدة :

خطاب الشارع - تحولات الحياة والموت فى مصر

بوابة أخبار اليوم

السبت، 23 نوفمبر 2019 - 06:55 م

هذا كتاب عن الحياة من خلال تناقضات الشارع. انه يبدو بعيدا عن السياسة لكنه يرى الشارع تجليا لها دائما. بدأه المؤلف أستاذ وخبير الإعلام الدكتورمحمد شومان والفنان التشكيلى أيضا كما قال قبل ثورة يناير 2011 وأرجأ نشره بعد مشاهدات تدعوإلى التفاؤل أيام الثورة لكن الثورة لم تكتمل وعاد للشارع صخبه بل وأكثر.الكتاب من منشورات «كتاب اليوم « لجريدة الأخبار يبدا بالنظام المرورى بالمحروسة. مصر كلها ويرى فيه أنه تجلى لإهمال المواطن العادى فالأرصفة لم تعد متاحة للمواطن وأماكن العبورصارت كبارى عالية قبيحة أو أنفاقا فى بعض الأماكن وهكذا فالمواطن العادى هو الذى يتكلف التعب من أجل مرور السيارات التى طبعا اختلطت كلها ملاكى وأجرة ونقل وموتوسيكلات ألخ وهكذا صار يمكن تلخيص المشهد المرورى بالضجيج المتواصل سواء من صوت المركبات القديمة أو من آلات التنبيه التى لا تتوقف وتحمل دلالات بداية من الاحتجاج إلى الرضا إلى النداء يوازيها أصوات الراديو والمسجلات بالأغانى عالية الصوت. أما الكتابة والرموز على هياكل السيارات فلم تعد هتاف الصامتين كما كتب الرائد سيد عويس من قبل لكن صارت علامات على المناصب والمؤسسات والطبقية التى تظهر من علامات الوظيفة السيادية أو غيرها إلى الزجاج الفيميه. يختفى خطاب الصامتين من أجل هتاف خطاب الأثرياء والمقتدرين الذين يضعون رموزا تبين تميزهم.وطبعا يدخل الحديث إلى إشارت المرور والعبث فيها. تفاصيل كثيرة نراها كل يوم جمعها الكاتب مع تحليل لمعناها الذى هو يقترب ولا يبتعد كثيرا عن ممارسة السلطة بأى شكل عند كل الناس. يظهر هذا حتى فى الأزقة التى يقيم فيها السكان احجارا يمنعون وقوف سيارات أمام البيت او أمام المحلات. يأخذه الحديث إلى الرصيف المراوغ فى القاهرة وغيرها فرغم اختلاف الشوارع القديمة عن الجديدة إلا أن توسيع الشوارع بتضييق الرصيف عمل طبيعى جدا للأحياء المتحكمة فضلا عن استخدام الأرصفة فى الإعلانات والدعاية وأعمدة الكهرباء حتى صارالمواطن يمشى كبهلوان على الرصيف يدور حول كل شيئ.لم يعد الرصيف محايدا وهكذا تستمر سياسة تعذيب المشاة التى تصل إلى إقامة أسواق حول الأرصفة وتعذيب المشاة وهى سياسة قديمة منذ السبعينات حين قامت الدولة بعمل كبارى حديدية شائهة فى ميدان رمسيس والتحرير والعباسية يصعد إليها المشاة لكنها أزيلت بعد ذلك ولم تنته سياسة تعذيب المشاة بشغل الرصيف او عدم استوائه أو ارتفاع جانبه.طبعا يأخذنا هذا إلى التشوه الذى حدث فى العمران فلاتجد فى الحى الواحد شكلا واحدا للبيوت والعمارات وساكن كل شقة يستخدم البلكونة كما يريد بل بعضهم يلغيها أو يلغيها المقاول أصلا وترى أجهزة التكييف غالبة وقد شوهت حتى العمارات القديمة ذات المعمار القديم الذى ينتمى إلى البحر المتوسط.أما أسطح العمارات فصارت تجسيدا لكل فوضى ممكنة. يتسع الحديث عن شوارع المحروسة وماحدث فيها من تغير فصارت أسماء الشوارع والمحلات قرينة على عصرها ودون الدخول فى التفاصيل فهى كبيرة رغم الحجاب لكنها الأزياء بهذا الشكل صنفت الناس بين مسلم ومسيحى فلم يعد الزى يعبر عن الهوية المصرية. ينتهى الكتاب الذى وضع بين يديك التحولات الاجتماعية وما وراءها من قصور فى الفكر أو ظلم او سُلطة أو تملق ومداهنة إلى الموت وماجرى فى ثقافته من تغير وأشكل العزاء التى تغيرت وهكذا فالكتاب حديث كبير رائع يجمع بين الموت والحياة فى مصر وكما يكون الموت بعد الحياة جاء فصل الموت فى نهاية الكتاب.

 

 

الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة