الأربعاء، 27 نوفمبر 2019 - 06:57 م

أشار لى الجارسون فى مقهى «لو دوم» فى حى مونبارناس بباريس على ركن هادئ وقال لى: هنا كان يجلس جان بول سارتر(1905- 1980) وهو فيلسوف وروائى وكاتب وسيناريست مع صديقته الفيلسوفة سيمون دى بوفوار يتحاوران وكان يجلس خلفهما على هذا الكرسى سكرتيره يدون كل مناقشاتهما فى الفلسفة والشعر والأدب وكل شيء فى الحياة ومن هذا المكان كتب سارتر كل كتبه. قلت للجارسون: هل ممكن أن أجرى حوارا مع سارتر؟ فنظر لى بإشفاق وهو يقول: تجرى حوارا مع شخص مات من 40 سنة؟ قلت له: هذا ليس شأنك فقال وهو يشير لى: اتفضل.. ثم تركنى وهو يتمتم: ولسه ياما حايورد علينا! فلم أعبأ بكلامه واقتربت من سارتر وكان هذا الحوار:-
- مساء الفل ياجنتل.
- مساء الفل يا إتش !
- الله انت تعرفنى؟
- طبعا ياجدع عارفك وباقرالك كل خميس إحم إحم فى الأخبار وأنا من أصدقائك كمان على الفيس وباعملك لايك على الفاضية والمليانة.
- غريبة أومال ليه مش واخد بالى منك؟
- أصلى بصراحة عامل حساب باسم وهمى عشان مش عايز طلبات صداقة جديدة وكده يعنى انت عارف دوشة الفيس.
- فرحتنى والله يا مسيو سارتر.
- تقدر تقولى يا بول وبلاش تكليف بينا أنا قولتلك يا إتش.
- لا بلاش بول دى خلينى اقولك يا جان أحسن.
- عموما زى ما تحب.
- طب اسمحلى بقى اعمل معاك حوار؟
- يا إتش إذا التقى اثنان من الفلاسفة فأفضل ما يمكنهما القيام به هو الاكتفاء بالتحية!
- شكرا يا جان شكرا على هذه المجاملة وهذه التحية أنا مجرد صحفى بسيط لا يملك سوى الكلمة.
- ألا تعرف أن الكلمات مسدسات محشوة؟
- عارف طبعا بس اقصد يعنى إنك تحطنى معاك فى جملة مفيدة فهذه أكبر تحية منك.
- بمناسبة التحية معلش اعذرنى نسيت اقدملك تحية وواجب الضيافة ها تحب تشرب إيه؟
- قهوة زيادة لو ممكن.
- طبعا ممكن المهم إن تكون مقتنع بقرارك.
- قرار إيه يا راجل ده مجرد فنجان قهوة يا جان.
- حتى لو كان القرار خاص بفنجان قهوة ألا تعرف أن قراراتنا هى السبب الوحيد فى كوننا مهمين؟!
- بالراحة عليا اعمل معروف أنا مش قد كلامك ده.. احنا بنشرب مليون شاى وقهوة فى اليوم بدون تفكير ولا قرار ولا بنحس بأهمية ولا يحزنون، أنا كل مالاقى نفسى وحدى أشرب شاى أو قهوة.
- إذا شعرت بالوحدة وأنت وحدك فأنت فى رفقة سوء!
- مخبيش عليك يا جان باحس بالحرية لما أكون وحدى.
- معلوم طبعا لأنه محكوم على الإنسان أن يكون حرا لأنه ما أن يلقى به فى هذا العالم حتى يكون مسئولاً عن كل ما يفعله!
- طب قولى بصراحة انت حبيت سيمون ليه؟
- عشان بنت هبلة كانت بتصدق أى حاجة، طب تصدق كتير من الأحيان كنت أقولها عن أسماء كتب وهمية ألاقى عنيها بتلمع من الاهتمام، والغريب أن اهتمامها ده كان بيخلينى أروح أكتب فعلا الكتاب الوهمى إللى كنت باكلمها عنه!
- عشان كده كونتوا ثنائى رائع.
-  فى الحب واحد زائد واحد يساوى واحد يا إتش.
- أحرجتنى يا جان بجد، بس ممكن تفسرلى تناقضك الغريب إنك تكون مع تحرر الشعب الجزائرى من استعمار بلدك ومع ذلك تكون ضد الفلسطينيين وبتساند إسرائيل فى الباطل.
- طب عن إذنك بقى نسيت سيمون سايبها ملطوعة فى محطة المترو، ومعلش يا إتش شوفلنا حد يحاسب على المشاريب!
- انت كمان مفلس؟
- طبعا فإذا التقى اثنان من الفلاسفة على المقهى فهما بالتأكيد مفلسان يا إتش!