أسامة عجاج
أسامة عجاج


فواصل

على هامش حوار المنامة

أسامة عجاج

السبت، 30 نوفمبر 2019 - 07:10 م

قد تكون احدى التجارب المهمة، بعد كل السنوات من العمل فى مجال الشئون العربية، ان تتم دعوتى ليس بصفتى الصحفية، او بغرض التغطية الإعلامية، ولكن كمشارك فى حوار المنامة الـ١٥، بدعوة من المعهد الدولى للدراسات الاستراتيجية، والذى يعد احدى المنصات العالمية للحوار وطرح قضايا المنطقة العربية والخليج والشرق الأوسط، بحضور كبار صناع السياسة من جميع أنحاء العالم، ويكفى ان نشير إلى وجود ممثلى ٣٥ دولة من وزراء خارجية ودفاع ومستشارين للامن القومى وقادة جيوش واجهزة مخابرات، وباحثين استراتيجيين عرب واجانب من امريكا واوربا وشرق آسيا، بداية لابد من التوقف عند مؤشر مهم، بان استمرار الحوار كل تلك السنوات وبهذ الزخم يحسب لمملكة البحرين، ويعزز من مكانتها الدبلوماسية إقليمياً ودولياً، خاصة انه احد اهم المنابر لإيصال رسائل أمنية وسياسية، كما يؤشر على مدى الأمن والاستقرار الذى تنعم به البحرين تحت قيادة الملك حمد بن عيسى آلِ خليفة.
تجربة المشاركة فى الحوار ثرية، هنا الكلمة لها قيمة، وتعبير عن سياسة، وتحديد مواقف، وفرصة للتحليل والتمحيص، ومجال لتبادل المعلومات والرؤى بين اجهزة المخابرات الصديقة، والحوار بهذا الشكل برؤية الصحفى يحتاج العديد من المقالات، لرصد بعض ما جرى فى جلساتها العلنية او حتى المغلقة، ولكنى سأتوقف عند بعض الملاحظات التى استوقفتنى خلال يومى الحوار، فقد تأكدت بما لا يدع مجالا للشك، ان أهمية منطقة الخليج الاستراتيجية مستمرة ولسنوات طويلة، والامر ابعد من البترول، فهناك دول أخرى ومناطق أخرى بها نفس الثروة، ولكنه يرجع إلى عوامل تتعلق بالجغرافيا السياسية والاستراتيجية للمنطقة، والصراع عليها زاد احتداما، ولم يعد الامر مقصورا على واشنطن المتواجدة فى المنطقة منذ اوائل القرن الماضي، وان كان دورها تعزز فى الخمسينيات بعد وراثتها للاحتلال البريطاني، ولكن المناقشات فى المنتدى كشفت عن صراع متعدد الأطراف فى لعبة البحث عن المصالح، بعد دخول لاعبين جدد مثل روسيا والصين واليابان وفرنسا، وشهدت الجلسات انتقادات علنية وحادة بين كل تلك الأطراف، ابرزها هجوم فلورنس بارلى وزيرة القوات المسلحة الفرنسية على السياسية الامريكية فى المنطقة، وقالت فى رصد تخاذل واشنطن فى الرد على الافعال الايرانية ونتائج ذلك: «عندما مضى تلغيم سفن من دون رد، أُسقطت الطائرة من دون طيار، وعندما حدث ذلك من دون ردّ، قُصفت منشآت نفطية رئيسية، أين تتوقّف هذه الأحداث؟ أين الأطراف التى تفرض الاستقرار؟».. ويبدو كلام الوزيرة انتقادا واضحا للسياسة الامريكية، واستعداء واضحا على ايران فى مخالفة لموقف الاليزيه الذى يلعب دور التهدئة بين طهران وواشنطن، وهى التى تبحث عن دور، وفقا لما قالته فهى تقود تحرُّكا لتشكيل قوة بحرية بقيادة اوربية بعيدا عن الضغوط التى تقودها امريكا ضد ايران، سيكون مقرها فى ابو ظبى او القاعدة الفرنسية هناك، وقد استدعى الامر من قائد القوات الامريكية الوسطى المعنية بالعمل فى الخليج والشرق الأوسط فرانك ماكنيزى الرد، بالتأكيد على استمرار الوجود الامريكى فى المنطقة، من خلال تواجد ١٤ الف جندى امريكى فى القواعد العسكرية فى دول منطقة الخليج لمواجهة التهديد الايراني، الا انه انتقد الدور الروسى والصينى فى معالجتهما لقضية الخطر الايرانى على المنطقة ودعمهما لطهران فى الازمة الاخيرة قال إن روسيا لا يمكن أن تأخذ مكان أمريكا فى المنطقة.
مصير الصراع والمنافسة على الوجود فى منطقة الخليج مرهون بدوله وبقياداتها، وليس برغبة تلك الدول، والتساؤل هنا هل تتمتع الدول المتنافسة بالإمكانيات الكافية لتلبية احتياجات المنطقة الأمنية؟ كما ان هناك فرقا كبيرا بين الدعم الامريكى لدول المنطقة فى ازمات، مثل المؤامرة الايرانية على البحرين فى فبراير ٢٠١١، وكذلك فى حرب اليمن، وانا هنا لا اقدم تبريرا للوجود الامريكى ولكنى أرصد واقعا، عموما يبدو خيار المنطقة مازال على امريكا كما كان واضحا فى اشادة عادل الجبير وزير الدولة للشئون الخارجية السعودى بالدور الامريكي، وحرصه على الوحدة مع حلفائها فى المنطقة، مع المناورة ببقية الدول بدليل تنامى العلاقات الخليجية الروسية ومع الصين... هذا جزء يسير من مناقشات الحوار، وسنعود إلى قضاياه الاخرى فى مقالات قادمة ان شاء الله، خاصة لرؤية دول القرار الدولى للمخاطر التى تهدد المنطقة.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة