هالة العيسوى
هالة العيسوى


من وراء النافذة

البروفيسور بحراوى

هالة العيسوي

الخميس، 09 يناير 2020 - 04:39 م

لم أكن أناديه مؤخرًا سوى بهذا اللقب "البروفيسور". كنت أشعر أن لقب "الأستاذ" وحده قد امتهن كثيرًا وبات لقبًا لكثير من أصحاب المهن الثقافية، وأحيانًا غير الثقافية من باب التعظيم والإشادة. وكان لقب الدكتور رغم دلالته على درجة علمية رفيعة إلا أنه لا يليق وحده بمكانة راحلنا الجليل الأستاذ الدكتور إبراهيم البحراوى أشهر دارس ومعلم وموجه فى الدراسات الإسرائيلية، ومن أعمق من خبروا الأدب العبرى الحديث فقد ربطه بالمعرفة السيكولوجية للنفسية الصهيونية، ونكأ جراحًا لدى العدو الصهيونى وكشف عورته من خلال الإنتاج الأدبى الذى ظهر بالعبرية فى أعقاب حرب 1973.
وجدت أن لقب "البروفيسور" أقرب لوصف الدور التعليمى والتثقيفى والتوجيهى الذى يقوم به نحو أبنائه الطلاب دارسى اللغة والأدب العبريين ونحو تلاميذه من الباحثين الأكاديميين وشباب الصحفيين. هو أستاذ الأساتذة بحق.. هو أستاذى ومعلمى الذى حبوت بين يديه فى بداية مشوارى المهنى حين أسس فى أواخر السبعينات بجريدة الأخبار أول صفحة فى مصر والعالم العربى متخصصة فى الشأن الإسرائيلى وكانت بعنوان: "كيف تفكر إسرائيل" حرص من خلالها معنا نحن تلاميذه على الكشف عن مواطن الخلل فى المجتمع الإسرائيلى وأسرار ومثالب السياسة الصهيونية. خاض من خلال الصفحة معارك فكرية وسياسية مع كبار المثقفين والساسة الإسرائيليين خرج منها جميعًا منتصرًا. كانت حجته قوية، وإيمانه بالحق المصرى والعربى عميقًا، فاق حسه الوطنى المغلف بخبرته المتراكمة حس كثير من الساسة الذين تقلدوا مناصب مهمة لكنهم افتقدوا تلك الخبرة التى حملها على كاهله.
رغم اعتلال الصحة ظل يتحلى بروح المقاتل، يتمسك برسالته التى أصر على أدائها فلم يشأ أن يستأثر وحده بعلمه ولا بتلك الخبرة الطويلة وقرر أن ينقلها إلى الأجيال الشابة الواعدة يستفز حسهم الوطنى ويحرضهم على السعى والبحث بدأب، كان هدفه تصويب كثير من الرؤى التى غامت وأصابها الارتباك فأسس المنتدى المصرى لدراسة إسرائيل مع نخبة من عظماء العسكريين والدبلوماسيين السابقين الذين تعاملوا عن قرب مع الشأن الإسرائيلى. جمعنا حوله فى هذا المنتدى نحن تلاميذه وأبناؤه من كافة الأجيال منا من شاخ ومنا من لايزال بعده فى أول الطريق. وصيته للجميع بلا استثناء التحلى بتواضع العلماء مهما اكتسبوا من خبرات وتقلدوا من وظائف وحصلوا على أعلى الدرجات العلمية وكان هو فى ذلك قدوتنا الحسنة، والنبراس الذى نهتدى بنوره ونحذو حذوه فى التدقيق والتمحيص والتوثيق والتخلى عن الخفة والسطحية.. خسارتنا فيك فادحة أستاذى الجليل وسلامًا إلى روحك وعزاء خالصاً لكل تلاميذك ومحبيك ولأبناء هذا الوطن الحبيب.
خديجة عفيفى
وتترى الأحزان على النفس بفقدان الزميلة الفاضلة الراحلة خديجة عفيفى أشهر محررة قضائية فى الأخبار، لم يقصدها أحد فى حاجة وتوانت أو تلكأت، شعلة من النشاط ومثال للتفانى فى العمل صاحبة انفرادات صحفية توزن بميزان العدالة التى تعاملت معها بكل حياد وموضوعية. واحدة من الأعمدة الراسخة بجريدة الأخبار نالت محبة واحترام الجميع وبادلتهم حبًا بحب واحترامًا باحترام.. وداعًا خديجة وإلى لقاء.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة