د. محمد أبو الفضل بدران
د. محمد أبو الفضل بدران


يوميات الأخبار

السيستم «كده» فى السكة الحديد

بوابة أخبار اليوم

الأربعاء، 22 يناير 2020 - 06:53 م

كانت أمه التى تجاوزت السبعين من عمرها ترقص «الدبكة» على إيقاع وآلة النفخ التراثية «القربة».

لو أنك تودّ أن تسافر من قنا إلى أسيوط مثلا فعليك أن تحجز فى محطة قنا تذكرةً من الأقصر أو من أسوان إلى أسيوط، فإن قلتَ للموظف إنك فى قنا ولن تسافر عكس اتجاهك كى استقل القطار من أسوان مرورا بقنا حتى أسيوط أجاب فى طمأنينة: «السيستم كدا» ولأن السيستم الموقر لا يريدك أن تأخذ تذكرة من قنا إلى أسيوط وإنما يريدك أن تدفع أكثر من ضعف الثمن لسفر وهمى لن تسافره فقد سألت القادمين من القاهرة فقالوا: يحدث أيضا فى كل محطات مصر، فلو كنت تود تذكرة من القاهرة إلى سوهاج فيقول لك الموظف: «عندى تذكرة القاهرة قنا» فيضطر المسافر إلى أن يدفع ثمنها وهو لن يسافر إلى قنا مثلا؛ وعلمت من زملائنا أن هذا يحدث فى محطات مصر أيضا.
فالرجاء من السيستم الهمام أن يستجيب للعقل وأن يدفع الناس ثمن المسافة التى يسافرونها لا التى يحددها السيستم وربنا يهدى السيستم على الناس.
طبل وزمر فى مطار عَمّان
فى الأسبوع الماضى نزلتُ ضيفا بالأردن لحضور اجتماعات اتحاد الجامعات العربية برئاسة الوزير الدكتور عمرو عزت سلامة، وفى صالة الوصول كان الطبل والزمر على أشده، تخيلت أن عروسا قادمة لتزف إلى زوجها، ولكن الأمر كان مختلفا فقد كان أحد الفلسطينيين عائدا إلى أهله بعد غياب سنين، كان أسيرا لدى إسرائيل كما قال لى أحد الواقفين الراقصين فرحا بمقدمه، كانت أمه التى تجاوزت السبعين من عمرها ترقص «الدبكة» على إيقاع وآلة النفخ التراثية «القربة» وبدا المطار كله يرقص وكأننى أشاهد رقصة زوربا فى الفيلم الشهير.
مرات عديدة زرت فيها الأردن الشقيق ومن أجمل الزيارات عندما التقيت الشاعر الراحل عبد الوهاب البياتى الذى اصطحبنى إلى إربد لزيارة جامعة اليرموك تحادثنا ذهابا وإيابا عن الشعر والشعراء، كان مثقفا رائعا، وبدا حزينا، لم يستطع إخفاء شوقه للعراق وأمنيته أن يقيم بمصر.. رحمه الله.
ومن أجمل ما شاهدته فى مدينة عمّان لون مبانيها البيضاء بالطوب الأبيض وعلمت أن ذلك يفرضه القانون، لماذا لا نهتم إلا بداخل شُققنا وننسى جمال العمارة الخارجى ونظافة السلالم ؟
الأنشطة الطلابية فى الجامعات
تعد الأنشطة الطلابية بالجامعات متممة للعملية التعليمية وكم سعدت بما دار فى اجتماع مجالس وجمعيات اتحاد الجامعات العربية الذى عُقد بعَمّان عن أهمية نشر الأنشطة الطلابية الثقافية والفنية والرياضية لأن ذلك يُكسب الطلاب المهارات والخبرات الحياتية ويعمل على تثقيفهم، ومن الجدير بالذكر أن قطاع الأنشطة الطلابية ومركز إعداد القادة والاتحاد الرياضى المصرى تعمل على نشر هذه الأنشطة فى ربوع جامعاتنا المصرية فلماذا لا تتكامل هذه الجهات الجادة فى وضع خطة أنشطة الجامعات الحكومية والأهلية والخاصة حتى يحدث تنافس بين طلاب الجامعات فنرى بطولات الجامعات فى الفن والثقافة والرياضة بإشراف اتحادات الطلاب الجامعية؛ وأين قوافل التنوير عندما توليت أمانة المجلس الأعلى للثقافة كوّنت «قافلة التنوير» من الأدباء والمفكرين والفنانين والإعلاميين وذهبنا لمحاورة شباب الجامعات فى أسيوط وجامعة المنيا وجامعة سوهاج، أتمنى أن تستمر هذه القوافل حتى نحاور شبابنا.
أوقاف الجامعات العربية
من الأفكار الجميلة التى استمعت إليها فى اجتماع اتحاد الجامعات العربية بعمان فكرة الدعوة إلى إنشاء أوقاف الجامعات العربية، وقد طرح هذه الفكرة الدكتور على موسى (من السعودية) ولاقت استحسانا من الجميع، ومن يتأمل أوقاف جامعة هارفارد مثلا يجد أنها مليارات الدولارات؛ والجامعات الآن فى معظم الأقطار العربية تعانى من قلة الموارد المالية فلماذا لا يتبرع أغنياؤنا وشركاتنا الكبرى ومصانعنا بجزء من أرباحهم كوقف خيرى تصرف منه الجامعة كى تطور أبحاثها العلمية والمنح الدراسية وتنفق منه على الطلاب المحتاجين بها، ولإقامة مبان تحتاجها الجامعة؛ وهذا الوقف لا يقلّ أهمية ولا ثوابا عن التبرع لبناء مسجد أو كنيسة، فالوقف العلمى والصحى هما أحوج ما تحتاج إليه الأمة، والجميل أن معظم المنح الكبرى لمؤسسات عالمية مبنية على جمع التبرعات والمنح والأوقاف الخيرية؛ فأكبر منحة دراسية علمية فى أوربا هى منحة همبولت Humboldt وتعد «نوبل أوربا» هى وَقْف أوقفه العالم الألمانى Alexander von Humboldt وقد علمتُ -عندما حصلتُ على هذه المنحة- أن هذا العالم قد أوْقَفَ ماله كله لهذه المؤسسة العلمية التى تطور البحوث العلمية فى أرجاء العالم.. هل من متبرع لهذا الوقف الخيرى لجامعاتنا فهذا سيُنبت فى وطننا العربى آلاف الباحثين المتميزين الذين نحن -جميعا- فى حوجٍ إليهم.
فى النهايات تتجلى البدايات
أيُّها العاشقون
ألا أيها العاشقونَ إذا ما مررتم بقبرى هنا فانزلوا
واسكبوا دمعَكمْ
عَلَّ مِنْ دمعكمْ ينبتُ الغاب
ويأتى من بَعْدكمْ عاشقون
يصنعون من الغابِ نايا
على عِشقِهمْ يعزفون،
فنأتى فرادَى على نايهمْ
نمنحُ الشوق أوراقه،
نسكبُ الحبَّ فوقَ الثرى
نلفُّ على الوجدِ أوراقَ أشواقِنا،
ونلقَى الجُموعَ التى لا تُرى
وتأتى العصافيرُ خُضْرا تغنى على قبرنا
فيا أيّها العاشقون:
إذا ما سمعتمْ شظى الناى فى القلبِ لا تفزعوا وارقصوا
وادخلوا الحضرةَ كى تسمعوا
وازرعوا عند قلبِ المحبينَ أشجارَكُمْ
واهتفوا: عاشقونْ
ستأتى القصائد من وِرْدِكمْ
حَرْفُها شوقكمْ
ياؤها عينُكُمُ
نُونُها نايُ حضْرتِنا
مُنْشدُ الليلةِ صاحَ المدَدْ
وعلى صوتِه سَبَّحَ الحاضرون
وهام المُحِبُّون
واستيقظَ العابدون
فيا مُنشدَ الليلِة خَفِّفْ
فقلبى صريعٌ ولن يحتمل
وصاحَ المُنْشِدُ البَكّأءُ:
أنا يا صَاحِ مُتّهَمٌ بهذا الحبِّ
حَسْبى أننى أهوى
أنا المَعْدودُ فى العُشّاقِ من صِفْرٍ، ولا أقْوَى
أنا يا صَاحِ مُتّهَمٌ بأنِّى صِرتُ بينَ الناسِ لا أهْوَى
وأنى صِحْتُ فى الأسواقِ بينَ الخَلْقِ بالبُشرى:
أحِبُّوا بعضَكمْ بعضا
ذَرُوا ما أنتمُ فيهِ
وغُوصُوا فى بحارِ الحبّ
وانتبهوا بأن بحارَه مَلْأى
وأن ضِفافَهُ وَهْمٌ
وأن الواردِينَ لشرْبه غَرقَى
مَشَوْا بالماءِ ما ابتلُّوا
وباحُوا بالذى كَتَمُوُا
لأنَّ السِرَّ وسطَ قلوبِهمْ جَمْرٌ
يحَوَّلَ بَحْرَهمْ سُحُبا
أنا يا صاحِ مُتّهَمٌ بأنَّ الناسَ يَتّبعون ما أَهوَى
وما أرضاهُ لا يأتى
وما يأتى فلا أَرْضَى
شرابُكَ أيها الساقى
غّدَتْ روحى به ظَمْأى
فِدَعْنى وانْعَ لى رُوحى
فأنتَ الآنَ ما أرْجُو وما أهْوى
...................................
وصاحَ المُنْشِدُ البَكّأءُ:
«فُؤَادى بالأحبّةِ ما تَهَنَّى... وَدَمْعى حين زادَ الوَجدُ أَنَّ»
ألا يا مُنْشِدَ الأرواح
أَسْكتِ النايَ قلبى تَمَزقَ من نغماتِ الفراقِ ومن أنَّةِ العاشقين
أَسْكتِ النايَ، واسْكُبْ على زَيتهِ شُعلةَ الوجدِ، عَلَّ المحبَّ ينامُ قليلا،
وعَلَّ المُرِيدِينَ إنْ أصبحَ الليلُ أن يُبصروا وَجْهَ ليلى
وقدْ يفرحون
«سَلَبتْ ليلَى مِنِّى العقلَ
...قلتُ يا ليلى ارحمى القتلَى»
أيها العاشقون سَيَقتُلُكْم قاتِلِى
سوفَ أُلْقِى بقلبى على باب «نون»
وأدخُل فى خلوةِ الروحِ،
ها قدْ تلاشَيْتُ، حتى تواجدتُ، حتى تكلمتُ
لمّا صرختُ وقلتُ لهمْ ما أرى
ما أرَى لا يُرَى
وما لا يُرى قد سما
عنِ الوصف؛ لكنّما
أحاولُ وصف الذى قدْ ترون من الحالِ
حالى خُضوعٌ، مقامى سَرَى
يا مُنْشدَ الحضرةِ غرِّدْ وَصِفْ لى اللّمَى
الذاكرُ هامَ وألقى جُبّتَه
ما فى الجُبَّةِ غير الحُب
وما فى العشاقِ سوايَ أنا
المنشدُ بَشَّرَ بقُدومِ الغوثِ
ولا أجدُ الآنَ الوصفَ لأن الحالَ عَلَا
ها أنتَ تُمَزّقهم يا مطربَ حَضرتِنا فترفقْ، لا، واشددْ
واحْدُ اليومَ وليسَ غدا
بَشِّرْ بِقُدومِ حبيبٍ
أَنْفَقْتُ العمرَ لرؤيتهِ
والآنَ أتى
يا مُنْشدنا هاتِ المشرَبَ والمورِدَ
أُسْقيِتُ فَغَنَّيْتُ، وصاحَ النايُ: متَى؟
نامتْ كلُّ عيونِ القومِ
فشاهد كلُّ القومِ جبالَ الـ «كافِ» بلا «نونٍ»
دُكَّ الكونُ
فَخَرَّ الناس سُجودا، وَأَنا
يا منشدَ حَضْرتنا لا تَقْسُ بنوْحكَ؛ لا تُفشِ الأسرارَ
مقامُ الفرحةِ ذاكَ أتى

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة