د. محمد عبدالوهاب المشرف على برنامج زراعة الكبد بمركز جراحة الجهاز الهضمى والكبد بجامعة المنصورة
د. محمد عبدالوهاب المشرف على برنامج زراعة الكبد بمركز جراحة الجهاز الهضمى والكبد بجامعة المنصورة


حوار| رائد زراعة الكبد: العمل هوايتى ولم أحصل على إجازة من ٤٠ عاما

غادة زين العابدين

الأحد، 09 فبراير 2020 - 04:50 ص

 

هو أحد علماء الطب المصريين، وأحد رواد زراعة الكبد، حياته رحلة كفاح والتزام وجهد متواصل، يعشق العمل، ولا يجد سعادته الا وسط المرضى، وعلى مدى ٤٠ عاما لم يحصل على اجازة او يتغيب عن مركزه.. هو الدكتور محمد عبدالوهاب المشرف على برنامج زراعة الكبد بمركز جراحة الجهاز الهضمى والكبد بجامعة المنصورة.
< ............ ؟
تربيتى كان يغلب عليها الجدية والانضباط وطاعة الكبير. وكانت نشأتى فى قرية من قرى الدقهلية فى أسرة متوسطة الحال فى مجتمع ريفى زراعى. كنا أسرة كبيرة من خمس بنات وأربعة أولاد، ورغم أن والدى لم ينل حظا كبيرا من التعليم، إلا أنه كان متنور الفكر وصاحب رؤية، وكان جادا وتربيته لنا أساسها العنف مع العطف.
< ............ ؟
ألحقنى أبى بالكتّاب حينما كان عمرى ٤ سنوات، فحفظت القرآن، وتعلمت مبادئ القراءة والكتابة والحساب، وكانت حياة الكتّاب امتدادا لتربية أبى فى الانضباط، فإذا أخطأنا أو لم نلتزم بالواجبات، تعرضنا للضرب والعقاب الشديد.
< ............ ؟
فى سن ٦سنوات التحقت بالمدرسة، وكانت المدارس من الصف الأول للسادس تعطى فرصة كبيرة لتنمية المواهب، فلا امتحانات ولا واجبات، ولا درجات، ولا رسوب، بل يتم تخصيص وقت كبير لممارسة الهوايات كالرياضة والرسم والموسيقى، وفى هذا الاطار الجميل يتم تدريس المعلومات والمواد المختلفة بصورة مبسطة؛ ولذلك فان هذه الفترة - فترة الخمسينيات - هى التى خرَّجت أفضل الأجيال.
< ............ ؟
كنت طفلا هادئا، هوايتى الوحيدة القراءة، وكنت أبذل جهدا كبيرا فى المذاكرة، فقد كانت الدروس الخصوصية فضيحة، وكان مبدأ العائلة: «اللى ينجح لنفسه، واللى يخيب الأرض محتاجاه».
< ............ ؟
وفى مدرسة ثمرة الحياة الإعدادية بالمنصورة كان الناظر كامل حنا رجلا تربويا من الطراز الأول، يطوف المدرسة طوال اليوم، ويفاجئنا فى الفصول، ويتابع مشاكل التلاميذ بنفسه مع الأهالى، وأذكر أن ابنه - الذى كان طالبا معنا فى المدرسة - تشاجر مع زميل لنا، فطلب الناظر من مدرس الإنجليزى أن يضرب ابنه فى طابور الصباح أمامنا جميعا، لنعرف أن «ابن الناظر» ليس على رأسه ريشة.
< ............ ؟
وأذكر أيضا فضل الأستاذ عبد العزيز الشاهد ناظر مدرسة الملك الكامل الثانوية، وأقوى مدير مدرسة فى المنصورة، والذى كان رجلا حاسما، يفتش على كل كبيرة وصغيرة، حتى نظافة دورات المياه، وفى أحد الأيام تم استدعاء ولى أمر طالب من أثرياء المنصورة، فقام الطالب بإحضار سائقه، وحينما اكتشف الناظر الخدعة، حبس الطالب والسائق وضربهما أيضا، وأصر على مجىء والد الطالب.
< ............ ؟
كنت أتمنى دراسة الهندسة، لكنى التحقت بالطب تلبية لرغبة والدى، وتفوقت من أول عام، وعينت بعد تخرجى طبيبا مقيما فى قسم الجراحة تحت رئاسة أستاذى الدكتور فاروق عزت، واستلمت الوظيفة أول رمضان، ولم أحصل على اجازة الا يوم العيد، وبدأنا نطور العمل فى القسم ونبتكر اسلوبا جديدا فى العلاج والمتابعة والاحصاء، وكنا نتابع المريض الذى يجرى الجراحة ونسأل عنه إذا تأخر عن المتابعة، وأذكر أن د.فاروق عزت أرسلنا للبحث عن مريض أجرى جراحة دوالى مرىء واختفى دون متابعة، وذهبنا نبحث عنه فى قريته البعيدة، حتى وجدناه وقال ان زوجته على وشك الولادة ولا يستطيع تركها، فاصطحبناه هو وزوجته للمستشفى الجامعى، فتم حجزها وتوليدها بقسم النساء، وتم حجزه للمتابعة بقسم الجهاز الهضمى.
< ............ ؟
الطبيب بدون بحث علمى ينقصه الكثير، وقد تعرضت لموقف فاصل فى حياتى عام ١٩٩٢، حينما تم اختيارى من مصر لحضور سيمينار فى اليونان لجمعية الجهاز الهضمى، وفوجئت بطبيب فرنسى يوجه لى اللوم لعدم وجود نشر علمى من مصر عن وبائيات الكبد، فكانت لحظة فاصلة، وبمجرد عودتى لمصر بدأت أهتم بالنشر العلمى، ونشرت ١٤٠ ورقة علمية حول الكبد والبنكرياس والزراعة، وحصلت على جوائز عديدة من ١٠ دول مختلفة.
< ............ ؟
شاركت فى تأسيس مركز الكبد بالمنصورة مع أستاذنا دكتور فاروق عزت الذى تعلمنا منه الكثير، وكان صاحب الفضل الأول فى ارساء اسس ومعايير الانضباط والالتزام داخل المركز، سافرت إلى انجلترا على نفقتى للتدريب على جراحات زراعة الكبد، وبدأنا زراعة الكبد عام ٢٠٠٤ وكان معنا فى البداية خبير فرنسى للاشراف علينا، وحينما توفى د.فاروق عزت توقف برنامج الزراعة ٦ شهور، وتوقف الخبير عن الحضور، الى أن طلب منى رئيس الجامعة د.احمد بيومى شحاتة وعميد الكلية د.عمرو سرحان استئناف البرنامج والاشراف عليه، وعدنا نعمل بروح الفريق ووضعنا معايير للالتزام، وحققنا نجاحا كبيرا، وفى عام ٢٠١٢ أصبحنا من أفضل ٨ مراكز فى جراحة الكبد والبنكرياس، ونحن الآن كفريق زراعة الكبد نتابع ٩٠ حالة سنويا وأجرينا حتى الآن ٧٤٥ جراحة زرع وهو رقم قياسى عالميا.
< ............ ؟
زوجتى الراحلة كانت طبيبة أشعة، تفرغت للبيت والأبناء، ورحلت منذ عام ونصف العام، وتركت لى أربعة أبناء كلهم أطباء، تزوجوا وأنجبوا، وعلاقتى بأحفادى أقوى من أبنائى.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة