أمنية طلعت
أمنية طلعت


حبوا بعض

الميكروباص

أمنية طلعت

الأربعاء، 12 فبراير 2020 - 06:23 م

فى الميكروباص، جلست جوار السائق فى طريقى إلى المهندسين، كان أغلب الركاب من السيدات، كل واحدة منهن مشغولة بحالها الشخصى، فهذه تتصل بأولادها لتطمئن إن كانوا تناولوا طعام الغداء، وهذه تتحدث إلى واحد من المُدرسين لتطمئن على حال ابنها فى الدراسة، وأخرى تشكر طبيباً فى الهاتف لأنه أنقذ والدتها من أزمة سكر. أبتسم وأنا أفكر فى حال النساء فى مصر والفالانتاين قادم بصورته النمطية المليئة بالورود والدباديب الحمراء.
يتحدث السائق الشاب جوارى إلى امرأة ما، يبدو الحديث حميمياً، فأتخيل أنها حبيبته وأبتسم. أتابع حركة الدائرى المزدحم بالسيارات، لكن مكالمة السائق تنتهى فجأة ويبدو عليه الانزعاج! تبدأ الاتصالات تتوالى بينما يلغى المكالمات بضغطة زر، والفتاة على الجانب الآخر تصر، ليجيب بجملة مقتضبة: «أنا مش برد على حد قفل السكة فى وشى بسهولة»، ثم ينهى الاتصال. أتعجب فلقد مكثت ساعة متواصلة فى المنزل أحاول أن أجرى اتصالات بهاتفى دون فائدة لأن هناك عطلا ما فى الشبكة جعلنى خارج الخدمة دون إرادتى.
آثرت الصمت فأنا لست فى حاجة لبناء علاقة إنسانية بالسائق الذى سأتركه بعالمه كله بعد عشر دقائق على الأغلب، لكن سيدة تجلس فى المقعد الخلفى واتتها الشجاعة وقالت مستنكرة: «يا عم رد عليها ما يمكن العيب فى الشبكة مش هى اللى قفلت»، ويبدو أن الأمر استفز جميع نساء الميكروباص، وبدأت كل واحدة تدلو بدلوها فى الأمر: «مسكينة ما هى مدلوقة عليه»، «لو كانت طنشته كان زمانه هو اللى بيتصل دلوقت بيها». تدخلت فى النهاية مخبرة إياه بأزمتى مع الشبكة، فأجابنى بأنه رجل وكرامته لا تسمح، تعجبت من إجابته وعلقت قائلة: «يبدو أنكما فى بداية العلاقة»، فسارع قائلاً: «دى مراتى وعندى منها عيلين»، ابتسمت قائلة: «مراتك وأم عيالك وبتعمل فيها كده؟».
ويبدو أن الرجال أحسوا بأنهم يجب أن يحسموا الأمر لصالح رفيقهم فبدأوا يتفوهون بعبارات عدائية ضد النساء وتحديداً الزوجات، شعرت بأن هناك أزمة كبيرة فى العلاقات الزوجية بين الشباب الآن، خاصة وأن النساء بدأن يتحدثن عن القانون والحقوق والمحاكم. تفاقم الأمر وبدا الحديث ككرة ثلج تكبر وتهددنا جميعاً.
اقتربت من محطتى فقلت بصوت مرتفع: «أين التماس الأعذار؟ إنها زوجتك التى تصونك وتربى أبناءك الذين يحملون اسمك أنت، تحافظ على بيتك نظيفاً وتعود من يوم عمل شاق لتتناول وجبة طهتها لك وتنام على فراش نظيف حفظتك فيه، فلماذا الظن السيئ؟ ولماذا التحدث عن القانون والمعارك ونحن بصدد اتصال هاتفى انقطع!
فالانتاين سعيد وأرجوكم حبوا بعض.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة