عبدالقادر شهيب
عبدالقادر شهيب


شىء من الأمل

معركة سد النهضة مستمرة

‬عبدالقادر شهيب

الإثنين، 02 مارس 2020 - 07:24 م

البيان الذى أصدرته وزارة الخارجية ووزارة الرى معا ردا على إعلان إثيوبيا أنها سوف تسرع فى ملء السد على التوازى مع عملية استكمال تشييده يؤكد بوضوح أن معركة سد النهضة التى تخوضها مصر سياسيا ودبلوماسيا دفاعا عن مصدر أساسى لحياة شعبها وهو مياه النيل، لم تنته بعد وأنها مازالت مستمرة، بل لعلها اشتدت.. فالبيان استخدم عبارات لها دلالاتها مثل استياء واستغراب ورفض، واتهم بيان الجانب الإثيوبى بتشويه الحقيقة وتضمنه مغالطات، ومخالفة القانون الدولى وأيضاً مخالفة إعلان المبادئ الذى وقعته إثيوبيا قبل خمسة أعوام مضت، وهو الإعلان الذى تلزمها مادته الخامسة بضرورة الاتفاق مع مصر والسودان على قواعد ملء السد وتشغيله بما لا يحدث أضرارا جسيمة لدولتى المصب.
غير أن أمريكا صارت الآن مطالبة بدور مهم فى هذه المعركة الدبلوماسية حول سد النهضة الإثيوبى، وذلك بحكم الدور الذى قامت به فى مفاوضات الدول الثلاث فى واشنطن، وأيضاً بحكم قيامها بصياغة مشروع الاتفاق الذى وقعته مصر بالأحرف الأولى وهى خطوة تتسم بالذكاء الدبلوماسى.. لقد قبلت أمريكا غياب إثيوبيا عن جولة المفاوضات الأخيرة فى واشنطن التى كانت مخصصة لمناقشة نهائية لمشروع الاتفاق الذى أعدته واشنطن، وهو الغياب الذى وصفه بيان وزارتى الخارجية والرى فى مصر بأنه متعمد، خاصة وأنها أبلغت واشنطن بعدم الحضور يوم الخامس والعشرين من فبراير، أى قبل بدء الاجتماعات بيومين كانت كافية لحثها من قبل الأمريكان على تعديل موقفها.. وربما تفهمت واشنطن الأسباب التى ساقتها إثيوبيا للتغيب عن المفاوضات، وهو مايشى به تصريح لوزير الخارجية الأمريكى، رغم أن الظروف السياسية الداخلية فى إثيوبيا معروفة سلفا قبل بدء مفاوضات واشنطن!.. لكن الآن ليس مستساغا أن تقبل أمريكا رفض إثيوبيا لما أعلنه وزير خزانتها المشارك فى مفاوضات السد حول ضرورة إرجاء ملء خزان السد حتى يتم توقيع إثيوبيا على الاتفاق الذى يتضمن قواعد الملء فى سنوات الفيضان العادى وسنوات الفيضان الشحيح وهذا ما تطالب وتتمسك به مصر والتزمت به إثيوبيا فى إعلان المبادئ أيضا، وملكية إثيوبيا للسد لا تجيز لها كما يقول بيان الخارجية والرى فى مصر أن تخالف قواعد القانون الدولى والإفتاءات على مصالح الدول التى تشاطرها نهر النيل الذى يعد نهرا دوليا لا يصح لدولة المنبع أن تتحكم فى تدفق مياهه كما تشاء.
وإذا كانت أمريكا قد اقتنعت بصحة وسلامة الموقف المصرى الباحث عن اتفاق يراعى مصالح الدول الثلاث، كما عبر عن ذلك وزير الخزانة الأمريكى بإعرابه عن تقديره لمصر لقيامها بالتوقيع على الاتفاق بالأحرف الأولى، فإنه يتعين على واشنطن الآن أن تبذل جهدا مع إثيوبيا ليس فقط لحثها على توقيع الاتفاق، وإنما الأهم قبلها بالالتزام بما أعلنه وزير الخزانة الأمريكى حول ضرورة إرجاء ملء السد حتى يتم توقيع الاتفاق، خاصة وأن السودان بدورها تشاركنا فى هذا الطلب أيضا.. فضلا عن أن أمريكا بما لها من نفوذ فى العالم وإثيوبيا تحديدا فى مقدرتها أن تفعل ذلك.. وإذا تحقق هذا فسوف يكون صعبا العودة لعملية استهلاك الوقت الذى أشار إليه بيان وزارتى الخارجية والرى فى مصر، حينما تحدث عن استغراقنا فى التفاوض مع إثيوبيا نحو خمس سنوات، وهى ما يُبين أن معركة سد النهضة السياسية والدبلوماسية لم تكن سهلة.. ومع ذلك فإن الدولة المصرية بكافة أجهزتها، كما قال بيان وزارتى الخارجية والرى، ستدافع بكل الوسائل المتاحة عن مصالح وحقوق وحياة المصريين، وما ضاع حق وراءه مطالب يحتفظ بتماسكه وقوته وثقته فى الحصول على حقه، وهذا يتوفر فى خبرائنا الذين يدافعون بمهارة عن حقنا فى مياه النيل ولذلك يتعين أن نمنحهم كل الثقة والدعم.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة