عبد الحميد عيسى
عبد الحميد عيسى


أمواج

جمايلك علينا

عبدالحميد عيسى

الخميس، 05 مارس 2020 - 06:39 م

شواهد كثيرة لكل ذى بصيرة تؤكد أننا دخلنا عصر «رد الجميل» لهذا الوطن الذى منحنا الكثير، هذا «الجميل» الذى لا يتحلى به سوى ابن الريف المصرى الأصيل الذى يضع الكرامة فى كفة وحياته فى الكفة الأخرى، فليس هناك أغلى من تراب الوطن، خاصة إذا كان هذا الوطن «مصر» الذى استقبلتنا شمسه حين خرجنا من أرحام أمهاتنا وسيستقبلنا ترابه حينما يأتى الأجل، فلا ننسى حينما مددنا أيدينا لنروى ظمأنا من نيله بشهد مياهه العذبة فى وقت لم تكن تحظى بالتطعيم الثلاثى، الحنفية والفلتر والثلاجة، واستمتعنا أكثر بتجمعنا على صوت المؤذن حينما يعتلى قمة المئذنة فى وقت لم نكن نعرف فيه الكهرباء أو الوسائل الحديثة. وكأن رائعة عبد الفتاح مصطفى «يا حبنا الكبير» التى أمتعتنا بها كوكب الشرق فى ستينيات القرن الماضى تعيش معنا لحظة الربت على كتف الوطن: ده احنا فوق ضفافك عشنا وارتوينا، وفى شمسك زرعنا وفى ضلك جنينا، جمايلك علينا، شايلينها فى عنينا، نوفى وانت توفى أكتر ما وفينا.
كانت حماية الوطن برا وبحرا وجوا، هى بداية رد الجميل من كل من تسول له نفسه السطو على حفنة من التراب، فكان السياج المنيع على كل الجبهات، وكأن كلمات الأغنية مزجت بين قرنين من الزمان حينما أمتعتنا أم كلثوم بوصلة: انت نشيدى للفدا وللبطولة والخلود، أفديك بروحى وبكل غالى ويعلى اسمك يعلى مدى الليالى. لتمضى بنا هذه الليالى والأيام سراعا تحرسها العناية الإلهية التى كانت رحيمة علينا بعد نجاحنا بسلام من القفز فيما بين ألف عام إلى ألف عام أخرى لنكتشف أننا عشنا أحداث ألفى عام، لنرى إطلالة مصر وهى ترتدى ثوبها الجديد وقد بدأت تطل علينا بأناقتها، بينما نرى أعداءها يلبسون ثوب الحقد والشماتة، ضاربين عرض الحائط بكل القيم والأصول، نراهم يتحدثون أكثر مما يعملون، وينتقدون حتى ولو هم مستفيدون وبالمثالية والتواضع يتظاهرون.
لكن الثلاثى عبد الفتاح مصطفى وأحمد رامى وأم كلثوم أبوا إلا أن يشاطرونا شنآننا من كارهى الوطن: وأجافى اللى يجافيك؛ وأصافى اللى يصافيك، وكل يوم من عمرى، بيزيدنى حب فيك.
ولكن حتما سيصمت مجافى الوطن من ثرثرته ويتخلى عن شخصيته لينطق «يا احمر الخدين».

 

 

الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة