أسامة عجاج
أسامة عجاج


فواصل

سد النهضة .. زمن الاصطفاف

أسامة عجاج

السبت، 07 مارس 2020 - 05:35 م

أعتقد جازما، بأن الأسبوع الماضى كان حدًا فاصلًا فى أزمة سد النهضة، ما قبله يختلف بالكلية عما بعده، حيث شهد ثلاثة احداث كاشفة، الأول رفض إثيوبيا التوقيع على اتفاق ملء سد النهضة، الذى توافقت الدول الثلاث على تكليف واشنطن بوضعه، وكانت المفاجأة امتناع كل من إثيوبيا والسودان عن التوقيع، الحدث الثانى التصعيد فى التصريحات الإثيوبية، ولغة التهديد والوعيد على المستوى السياسى من كبار المسئولين، الذين تعاملوا مع قضية سد النهضة كما لو كان أمرًا يخص أديس ابابا، دون اعتبار انه نهر دولي، لابد من مراعاة مصالح الجميع عند إقامة أى منشآت أو مشروعات عليه، الحدث الثالث، هو ما جرى فى الاجتماعات المغلقة لوزراء الخارجية العرب من مناقشات ومداولات حول قرار طرحته مصر، لدعم موقفها مع السودان فى قضية سد النهضة، والذى خرج بتحفظ مريب وغير مفهوم.
وعلينا ان نؤكد هنا، اننا أمام «مفترق طرق»، فى مواجهة أزمة غير مسبوقة، تتعلق بحاضر الشعب المصرى ومستقبل الأجيال القادمة، تمس وجوده نفسه، وحقه فى الحياة والتنمية والتقدم والازدهار، وتستوجب منا جميعا ان نتجاوز خلافاتنا، وتباين الرؤى حول بعض القضايا، ونتفرغ جميعا صفا واحدًا لمواجهة المرحلة القادمة والفاصلة، وهنا لن نتوقف للبحث عن أسبابها او مبرراتها أو حتى تواريخ الأزمة الحالية، لن نقول ان الأمور كانت تسير إلى الأسوأ، عندما لم نلاحظ مخاطر القانون الأممى الذى تم إقراره فى عام ١٩٧٩ ويحمل اسم «الاستخدامات غير الملاحية للمجارى المائية» والذى ادخل مبدأ الاستخدام العادل والمنصف لمياه الأنهار المتشاطئة، والذى يتناقض مع الالتزام بمبدأ الحق التاريخى المكتسب وهو ما تتمسك به مصر، ولن نلوم احدا عندما لم نتنبه للمؤتمر الدولى للمياه الذى عقد فى لاهاى فى مارس ٢٠٠٠، والذى تحدث عن فكرة تسعير المياه، ولن نتوقف عند الجدل الذى يفتقد اى معني، هل تشجعت اثيوبيا على بناء السد بعد ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١؟ أو استثمرت حسن النوايا فى الموقف المصرى فى السنوات الأخيرة؟ فكل ذلك قضايا لم تعد تجدى، ففى كل تلك المراحل كان الموقف المصرى واضحًا وصريحًا، وهو حق إثيوبيا فى التنمية، بما لا يؤثر على حق مصر فى الحياة، ولعل السنوات الخمس الماضية كشفت عن «صبر أيوب» الذى اتسم به المفاوض المصرى وتحمله لخطط المماطلة وشراء الوقت من قبل المفاوض الإثيوبي، مع ميوعة الموقف السودانى.
كل ما سبق اصبح جزءا من الماضي، ليصبح السؤال: ماذا نحن فاعلون؟ أعتقد مخلصا ان علينا جميعا شعبا وحكومة، ان نتوحد باتجاه الحفاظ على المصالح المصرية بكل الوسائل المتاحة والممكنة، للحفاظ على حقوقنا، مع التركيز على فهم بعض الأمور، التى تكشفت فى الأيام الماضية، ومنها حقيقة الموقف السوداني، حيث تم بذل جهود مضنية من رئاسة الدورة الحالية للجامعة العربية، وكان لسلطنة عمان الدور البارز، خاصة أنها ترأس الدورة الحالية، حيث حاول الوزير المخضرم يوسف بن علوي، تعديل الموقف السودانى وتفنيد مواقفه، فمشروع القرار - كما قال بن علوى - يمثل دعمًا لمصر والسودان، ولكنه فى نفس الوقت يؤكد على ثوابت القانون الدولي، ولا يسعى بأى حال إلى اصطفاف عربى ضد إثيوبيا، وليس هناك إشارة فيه تحمل هذا المعنى تصريحا أو تلميحا، كما علينا ان نتوقف عند الدور الأمريكي، حيث رحبنا بتحوله من كونه مراقبا إلى وسيط متكامل الأركان، ونقول لماذا لم تبذل حتى الآن أى ضغوط حقيقية على إثيوبيا، لدفعها للتوقيع على اتفاق هى من صاغته؟ وما مغزى تصريح مايك بومبيو وزير الخارجية الأمريكى فى العاصمة الإثيوبية، بأن ازمة السد قد تحتاج «أشهرا للحل»، قبل التوقيع على الاتفاق بأيام؟
عموما نحن فى حاجة ملحة إلى توحيد الصفوف، واستخدام كل الوسائل الممكنة للحفاظ على حقوقنا المشروعة فى مياه نهر النيل، وأن يتحول الأمر إلى قضية كل المصريين.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة