كرم جبر
كرم جبر


إنها مصر

«بالقطع : لا !»

كرم جبر

السبت، 07 مارس 2020 - 06:23 م

يجب ألا نتصور أن ذئاب الإرهاب قد يئسوا من بطش القوة المفرطة، فرحلوا دون رجعة، وأننا تخلصنا منهم إلى الأبد، مخطئ من يظن ذلك، فهم فقط فى مرحلة كمون وينتظرون العودة ولو من «خرم إبرة».
الطريق إلى الإرهاب مفروش بالتطرف، والتطرف هو الصوبة التى ينمو بداخلها الإرهاب، والإرهابى الذى يدوس على الزناد ويقتل الأبرياء ويفجر القنابل والسيارات المفخخة، يفعل ذلك بفتوى، والفتاوى التى تملأ العقول هى أخطر من المتفجرات.
قوات الجيش والشرطة تقوم بمهمتها المقدسة فى نزع الفتيل وتطهير الأوكار والتفتيش عنهم فوق الأرض وتحتها، تحت مظلة دولة القانون التى تقدمهم للمحاكمات العادلة أمام قاضيهم الطبيعي، وتمتد المحاكمات سنوات طويلة، حتى لا يظلم بريء.
والسؤال: هل تقوم الجهات المعنية وغير المعنية بواجبها الوطنى فى تطهير العقول من التطرف، وتصحيح المفاهيم الدينية الخاطئة ؟
بالقطع : لا.
فما زلنا نختلف حول تجديد الخطاب الديني، ويرى البعض ذلك رجسا من عمل الشيطان، ويمارس آخرون مهمة حراس التخلف والأفكار الظلامية، وكل يتشبث بالمكان الذى يقف فيه دون حراك.
التطرف مثل الحرباء التى تغير جلدها بلون الأرض التى تقف عليها، ويتسلل إلى البسطاء، ويعيش بينهم ويصاحبهم ويصادقهم، ويبرم معهم علاقات عائلية، فليس للمتطرف زى يميزه أو ملامح تفرقه عن الآخرين.
التطرف يعيش بيننا ويجلس معنا على القهوة فى المساء، ويركب نفس المترو ويسكن نفس العمارة ويرتدى نفس الملابس، ولكنه يتسلل بهدوء مثل خيوط العنكبوت، التى لا تشعر بها الضحية إلا بعد أن تضيق الخناق حولها.
حرباء التطرف - فى رأيى - تستهدف فئتين:
● الشباب: استغلالاً لمشاكلهم وأزماتهم، واقتناصاً لروح التمرد وحب التغيير، فيقدم لهم المتطرفون ألواناً وأشكالاً من «الترغيب والترهيب»، ويختارون لهم صناعاً للفتوى على طراز عصري، يمسحون العقول من اعتدالها، ويذهبون بهم فى طريق التهلكة.
● المرأة: فى فترة الظهيرة بالذات، تحتشد الفضائيات ببرامج دينية همها الوحيد اقتناص النساء، تارة بالموعظة الحسنة وأخرى بالخوف من العذاب، والمرأة بطبيعتها كائن حائر بين الحلال والحرام، وتبحث عن شاطئ أمان.. دينى ونفسي..  يجب ألا نضع أبداً الشباب أمام المفاضلة القاتلة «التطرف أو الانحلال» فكلاهما شر قاتل، فليس بديل التطرف هو نموذج الشباب الخليع المنفر، وقصات الشعر الغريبة والملابس القذرة.
و يجب الا نضع أبداً المرأة فى اختيار صعب بين النقاب والبنطلون المقطع، فأمهاتنا وبناتنا وأخواتنا أحق بما هو أفضل بكثير، واختارت سيدات مصر البديل بأنفسهن فى التخلص من الأفكار الرجعية، وتصدر المشهد العام بما يليق بدور المرأة ومكانتها.
مرة أخرى (1) الحرب ضد الإرهاب ليست فقط بمواجهة من يحملون السلاح بالقوة المفرطة، ولكن أيضاً بتمشيط العقول وتطهيرها من الأفكار الملغومة.
(2) الوطن ليس فى خصومة مع أى من أبنائه، وإنما فقط يبحث عن الوسائل التى تحفظ حياتهم وتؤمن مستقبلهم.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة