أسامة عجاج
أسامة عجاج


فواصل

إنهم سيدفعون الثمن!!

أسامة عجاج

السبت، 14 مارس 2020 - 06:49 م

«تمسكوا بالحاضر فإن القادم أسوأ»، عبارة منسوبة إلى احد كبار كتابنا السابقين، تنطبق بالفعل على احوال كثيرة، ما عدا القضية الفلسطينية، فالحاضر مع تحالف نتنياهو - ترامب سيئ لا يمكن التمسك به أو التعاطى معه بأى صورة من الصور، والقادم اشد سوءا وبؤسًا على كل الأصعدة، مهما كان رئيس الوزراء القادم، سواء كان نتنياهو او بينى غانتس زعيم حزب ازرق ابيض، فالأول نتنياهو يقاتل للخروج من مأزق محاكمته بتهم الاحتيال وتلقى الرشى وخيانة الأمانة، والتى ستبدأ إجراءاتها بعد غد الثلاثاء، بعد ان رفضت هيئة المحكمة تأجيلها لمدة ٤٥ يوما، او عدم حضوره شخصيا، أو قراءة لائحة الاتهام، والثاني بينى غانتس بدأ بالفعل «ماراثون» سياسيا يسعى إلى تشكيل حكومة أقلية، اعتمادًا على دعم احزاب اليسار وحزب اليهود الروس بزعامة أفيجدور ليبرمان، ومسنودة من الخارج بالقائمة العربية المشتركة، وتستهدف بالأساس التخلص من نتنياهو، وهو يواجه صعوبات شتى من داخل حزبة، فهناك من يعترض على الاستناد إلى القائمة العربية المنقسمة هى الأخرى على تلك الخطوة، التى يعارضها ثلاثة نواب من الـ١٥، وهناك السيناريو الثالث، وهو عدم قدرة الطرفين حتى نهاية الشهر القادم على اتمام المهمة، لتذهب إسرائيل إلى انتخابات رابعة، قد تكون فى سبتمبر القادم، وهو احد البدائل المريحة لنتنياهو، إذا فشلت جهوده فى تشكيل الحكومة، وتجاوز المحاكمة.
وبعيدا عن تفاصيل الأزمة الداخلية الاسرائيلية، فإن الشعب الفلسطينى هو من يدفع وسيدفع الثمن، حيث أكدت نتائج الانتخابات ان المجتمع الاسرائيلى ونخبته السياسية بكل مكوناته وانتماءاتها، يمينا وأقصى اليمين ويسارا، يملكون رؤية واحدة، وينطلقون من مبدأ واحد، هو إلغاء كافة الحقوق الشرعية والقومية للشعب الفلسطيني، لدرجة - وهذا مثال واحد - غياب أى نقاش حول قانون القومية، اثناء المعركة او فى برامج الانتخابات، وهو القانون الذى يحول بين الشعب الفلسطينى وحقه فى تقرير مصيره، ويعتبر ارض فلسطين التاريخية أرضًا اسرائيلية خالصة للشعب اليهودى.
سيدفع فلسطينيو ٤٨ الثمن، مع خوفهم من الأيام القادمة، التى دفعتهم إلى الإقبال الكبير على التصويت والتوحد النادر لقوائمهم الانتخابية، حيث نجحوا فى إيصال ١٥ نائبًا عربيا إلى الكنيست، لعلهم يكونون «حجر عثرة» أمام تمرير خطة ترامب، التى يتضمن احد بنودها منح إسرائيل الحق فى ضم عشر بلدات وقرى من المثلث فى أراضى ٤٨ إلى النطاق الجغرافى لاراضى السلطة الفلسطينية، مما يعنى اخراج ٢٥٠ الفا منهم، لتعزيز الطابع الإثنى اليهودي، وحسنًا ان أعضاء القائمة حتى الآن مازالوا يتمسكون بمطالبهم، التي تتنوع ما بين مطالب تخص القضية الفلسطينية، مثل رفض خطة ترامب، والتأكيد على ان القدس عاصمة للدولة الفلسطينية، وأخرى تخص عرب ٤٨ المعيشية والحياتية، ويفرضون على غانتس التراجع عن كل تصريحاته العنصرية ضدهم فى الفترة الماضية، وأثناء الحملة الانتخابية، حتى يقبلوا ان يكونوا «جسرًا مؤقتًا» له لإنهاء نتنياهو سياسيا، وخروجه من المشهد السياسي، وهو هدف لو تعلمون عظيم.
الشعب الفلسطينى فى أراضى السلطة، هو أيضا من دفع ثمن إجراءات ترامب، لتكريس وتنفيذ خطته على الأرض، من خلال الإجراءات الخاصة بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وإضفاء الشرعية على المستوطنات، وتعديل مفهوم اللاجئين الفلسطينيين، وسيدفعونه فى الأيام القادمة خاصة، وكل التوقعات ان يقوم رئيس الوزراء القادم سواء نتنياهو او منافسه، بضم بعض المستوطنات فى الضفة، ومحيط القدس مثل معاليه أدوميم وغور الأردن، وانتظار ردود الفعل الفلسطينية عمومًا، والأردنية خصوصًا، وكذلك الدولية، للاستمرار فى مخطط إنهاء اى احتمالات لقيام دولة فلسطينية، حاليًا او فى المستقبل.
وهكذا ستظل المنطقة العربية عامة، والفلسطينيون على وجه الخصوص، من تدفع ثمن السياسات الاسرائيلية، طالما ارتضت ان تكون مفعولا به، ويتم مواجهة كل مخططات ساسة إسرائيل، بالشجب والإدانة، وانتظار القادم الأسوأ.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة