الكاتب الصحفي ممدوح الصغير
الكاتب الصحفي ممدوح الصغير


ممدوح الصغير يكتب: شهامة المطاعنة

ممدوح الصغير

الإثنين، 13 أبريل 2020 - 05:36 م

ضربت قري الصعيد مثالاً للتماسك والرقي خلال التعامل مع دفن أول شهداء فيروس كورونا بها، من خلال متابعتي مع الزميل زهران جلال الذي كان شاهدًا عن كثب إجراءات دفن المرحوم يوسف عيسي شهيد الكورونا، والذي دفن صباح السبت الماضي في قرية اصفون، التي ضربت مثالاً يُحتذى به في التعاضد والتكاتف والالتزام بروح القانون.

أهالي اصفون كانوا  في انتظار وصول الجثمان من مساء يوم الجمعة، دون تجهمر أخبروا أصحاب القرار أنهم جاهزون لاستقبال الجثمان، المقابر  جاهزة  الشوارع ليلاً خالية تنفيذًا لقرار حظر السير، وتابع رئيس مدينة إسنا محمد السيد إجراءات دفن أول شهيد بالمركز.

وتمت الإجراءات دون خروج عن المخطط، كل تعليمات محافظ الأقصر المستشار مصطفي ألهم نفذها رئيس مدينة إسنا ومعاونوه، وتم دفن الجثمان في ظل تعاون الأهالي مع الأجهزة التنفيذية وتم تطهير المقابر بعد الدفن، وضرب أهالي المطاعنة للجميع درسًا في التحضر والتماسك والالتزام بروح القانون، ورغم  وجود حالة وفاة، إلا أن الجميع التزم بحظر السير وهو عكس عادات أهل الجنوب.

وكانت اللفتة الرائعة أن جابر عنتر رئيس المجلس المحلي للكيمان وابن اصفون كان موجودًا من مساء الجمعة يوم راحته الأسبوعي، وعلي اتصال دائم برئيس مدينة إسنا ينقل له الصورة، وهو يدعم زميله رئيس المجلس المحلي لاصفون، وكان الظهور الجيد للدكتور زكريا الحداد رئيس الإدارة الصحية بإسنا الذي نجح في نقل الصورة لأهالي اصفون المطاعنة وطلب منهم الالتزام بالتعلميات.

ودفن شهيد اخر لكورونا بمركز اسنا  دون وجود أي مشاكل ماتم في اصفون المطاعنة تم في حالة شهيد الكورونا باسنا ؛ولان السلوك الإيجابي يحاكي ماتم في اسنا تم  مع شهداء الكورونا في أسوان ليضرب الجنوبيين مثالا في  الشهامة.

من هنا أشيد بالجهد الكبير لمجلس مدينة إسنا وأهلها الذين وضعتهم الأقدار في موقف صعب، المستشفي الجديد الذي حلموا به كثيرًا تحول فجأة إلى مستشفي عزل صحي، وأصبح عليهم عبء في استقبال أهالي مرضي فيروس كورونا، وتقديم  واجب الضيافة لهم، لأن ذلك من شيم الكرام، ووسط كل تلك المهام الصعبة كانت كل الأجهزة التنفيذية بالمدينة تقوم بواجبها كل صباح، فحملات رؤساء المدن ضد كل  متجاوز على قدم وساق.. شكرًا أهالي إسنا.. شكرًا لرئيس المدينة ومعاونيه، في ظل غياب تام وملحوظ لنواب البرلمان  الذين طبقوا نظام العزل المجتمعي ونسوا دورهم التوعوي والاجتماعي بين أهالي إسنا خلال أزمة كورونا.

قصة أبكت الملايين

 تساقطت دموع ملايين البشر حزنًا وكمدًا علي حال الدكتور شادي أبويوسف الذي أُصيب بفيروس كورونا، ونقله لزوجته فاطمة الحطاب الحامل في شهرها التاسع، وخضعت للعزل في ظل متابعة دقيقة  الطبيب يعلم خطورة فيروس كورونا، فجأة أصبح مغلول اليدين، زوجته مصابة بوباء الفناء وهو لا يستطيع أن يقدم لها أي مساعدة لأنه يخضع للعزل.

مرت الأيام عليه كل يوم من الأسابيع الثلاثة الماضية يعادل ألف سنة، يفصل بينهما جدار ولا يستطيع أن يري شريكة عمره، وتم إخباره بموعد ولادتها، وتم  تجهيز غرفة العلميات ووضعت الأم رضيتعها وأطلق الزوج اسم فاطمة للمولودة تكريمًا ومحبة  في الأم، ولكن الطفلة الرضيعة صعدت روحها للخالق بعد 48 ساعة من الولادة، سقطت دموع الطبيب الشاب من هول المحنة التي يعيش أحداثها؛ زوجته تحت الحجر الصحي بسبب فيروس كورونا وطفلته ابنة الساعات القليلة تتوفي بعد ساعات قليلة من ولادتها، وتجددت أحزان الدكتور شادي مجددًا بعد أن زف له القدر الخبر الأصعب زوجته فاطمة توفيت، لحظة وصول خبر الوفاة أصبح عاجزًا عن متابعة إجراءات دفن شريكة العمر، استرجع ذكريات الأمس، كانت الحبيبة والزوجة والصديقة التي تسمع له وتدعمه وتطلب منه الصبر حتي يحقق مايحلم به، ندعو الله أن يلهم الدكتور شادي الصبر والسلوان وأن يتمم شفاءه هو ومرضانا جميعًا، وأن يخرجنا من محنة كورونا إنه على كل شيء قدير.
 

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 

مشاركة