أحمد عباس
أحمد عباس


تساؤلات

«قصة حقيقية»

أحمد عباس

الخميس، 18 يونيو 2020 - 06:13 م

إذن الآن اهدأ قليلا، خذ نفسا عميقا وأخرجه، كرر الحركة مرات حتى يستقر مزاجك، ها بقيت تمام؟، هايل، اسمعنى بقى.. انت جالس على مقعدك الوثير، وظهرك متكئ، وصهد الجو حارق.. حارق جدا، حتى التكييف قليل الحيلة أمام هذا الحريق، وشاشات التليفزيون لا تنفك تذيع إعلانات سخيفة، وأنت مُرهف تخشى على أطفالك التعرض لمشاهد تثير فى نفوسهم الرهبة، والله حقك..
أقول لك، امسك هاتفك، وافتح «فيسبوك»، وابحث عن حاجة تشغلك، خليك صاحب رأي، وعندك وجهة نظر، أكتب مثلا على صفحتك ان إعلانات «مؤسسة أهل مصر» لعلاج ضحايا الحروق بالمجان تُحفز العنف، وتصيب أطفالك برعب شديد، وزعق جامد: «أوقفوا الإعلان»، ها.. بقيت أحسن؟!
تعالى بقى أقول لك.. حقيقى براڤو، لكن السؤال، هل ستتكفل حضرتك بعلاج المئات من ضحايا الحروق الذين يموتون يوميًا، هل تضحى بوقتك وجهدك لتأهيل هؤلاء نفسيًا، هل ستبنى مستشفىً ينقذ أرواح أبرياء هم بالقطع ضحايا فقر، وجهل، وخوف، ومرض، وعنف أسري، ووصم مجتمعي.. والله لا، لن تفعل!
ذلك بالطبع اذا كنت شخصًا عاديًا مشكلتك أنك مُرهف الحس، ونار الجو لاتزال تحرق حضرتك، وأنت زهقان، يعنى معاك عذرك، طيب ماذا عن أعضاء برلمان يثورون ضد مؤسسة لا تصنع الا خيرا، وماذا عن اعلامى لم يجد من يشاهده على شاشة التليفزيون فتوجه بنضاله إلى «كومنتات» على «فيسبوك»، وماذا عن ثوار حمقى بدعوى الإنسانية، لا يصنعون أكثر من «شير»، و»لايك»، وماذا عن أطفال وكبار يموتون فى كل ساعة لنقص الامكانيات، طيب تخيل معى ماذا عن «إنسانية بلا حروق»؟!
أزمة صناع الخير أنهم لا يعرفون الدفاع عن أعمالهم، ويشعرون بوحشة اذا تتالى عليهم المهاجمون، فيتوقف عطاؤهم، وأزمة المهاجمين دائما هى البحث عن جمهور!
وأنا بلا مواربة أدافع بوضوح عن مؤسسة «أهل مصر» وأدعمها كل الدعم، ولما كانت لى علاقة مباشرة تربطنى بها استمرت لشهور، اخترت أن يكون العنوان الأكبر لأى محتوى للمؤسسة هو «قصة حقيقية»، ذلك أن «أهل مصر» قصة حقيقية، والعنف الأسرى قصة حقيقية، والمستشفى الجديد قصة حقيقية، وهبة السويدى أيضًا قصة حقيقية.
وأخيرًا يا ست هبة.. لا تستوحشى طريق الحق لقلة سالكيه.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة