غسان محمد عسيلان - أكاديمى وكاتب صحفى سعودي
غسان محمد عسيلان - أكاديمى وكاتب صحفى سعودي


باقلام الاشقاء

أمن مصر..أمن العرب

بوابة أخبار اليوم

الإثنين، 22 يونيو 2020 - 08:00 م

بقلم/ غسان محمد عسيلان

فى بيانٍ لها أكَّدت وزارة الخارجية السعودية «على أنَّ أمنَ جمهورية مصر العربية جزءٌ لا يتجزَّأُ من أمن المملكة العربية السعودية والأمة العربية بأكملها، وأن المملكة تقف إلى جانب مصر فى حقِّها فى الدفاع عن حدودها وشعبها»وهذا بالتأكيد ينطبقُ على حقِّ مصر المشروع فى حماية أمنها المائي، والمحافظة على حقوقها التاريخية فى حصتها الكاملة من مياه نهر النيل، ولا يمكن أبدًا المساومة على هذا الحق؛ لأن الماء هو سر الحياة، قال تعالى: «وجعلنا من الماء كلَّ شيءٍ حي»(الأنبياء: 30).
ومن المعروف أن نهر النيل هو شريان الحياة فى مصر، ومن نافلةِ القول التأكيد على خطورة المساس بالأمن المائى المصرى؛ لأن ذلك يعنى الإضرار بها وإلحاق الأذى بشعبها، خاصةً أن الخبراء يؤكدون على أن أيَّ نقصٍ فى حصة مصر من ماء النيل قد يؤدى - لا سمح الله - إلى موت ملايين الناس عطشًا، فضلًا عمَّا سيُلْحِقُه بمصر من خسائر اقتصادية سيتكبَّدها الاقتصاد المصرى، الأمر الذى سوف يؤدى إلى فقدان ملايين المزارعين مورد رزقهم الوحيد، وليس بخافٍ على أحد ما سوف يُحدِثُه ذلك من قلاقل واضرابات اجتماعية واقتصادية، وهذا ما لا يمكن أن تسمح به مصر، والعرب جميعًا يقفون معها فى الدفاع عن حقوقها المائية التاريخية، وهذه المسألة غير قابلة للمساومات السياسية؛ لأنها مسألة حياة أو موت، فضلًا عن كونها قضية أمن قومى عربي.

وفى الحقيقة فإن العلاقات العربية الإثيوبية علاقاتٌ طيبة وحسنة على مر التاريخ، ولعلنا هنا نذكِّرُ بأن أولَ هجرةٍ للمسلمين فرارًا بدينهم كانت إلى الحبشة (إثيوبيا)، فالحبشة (إثيوبيا) فى الوجدان العربى هى أرضُ محبةٍ وخيرٍ وسلام، ومن المستغرب ما نراه الآن من تعنت إثيوبى فى موضوع سد النهضة، خاصةً بعد كلِّ ما قدَّمته مصر من حسن نيَّةٍ وتعاون بتوقَّيعها فى 23مارس 2015م على اتفاق إعلان المبادئ مع السودان وإثيوبيا، وذلك تعبيرًا منها عن ترحيبها بتنمية إثيوبيا، وعدم الوقوف أمام تحقيق الرخاء للشعب الإثيوبي، لكن ينبغى أن يتمَّ ذلك دون الإضرار بالشعب المصرى، فلا يصح أن تكون تنمية شعب على حساب شعب آخر، وقد كان المأمول من الجانب الإثيوبى أن يحرص على تحقيق مصلحة الجميع.

وتكمن المشكلة فى أن السعة التخزينية لخزان سد النهضة تصل إلى نحو 75 مليار متر مكعب من الماء، وحتى يكون الأمر الواقع على مصر محتملًا ينبغى أن تتمَّ عملية ملء الخزان على مراحل تمتد لنحو عشر سنوات ويكون ذلك أثناء موسم الأمطار فقط حتى لا يقع ضرر على مصر، لكن إثيوبيا تتعنت وتريد ملء خزان السد فى غضون ثلاث سنوات على الأكثر، وهذا سوف يؤثر بشكل حاد فى تدفق المياه إلى مصر، وبدلاً من أن تتوافق إثيوبيا مع دولتى المصب مصر والسودان على طريقة ملء الخزان كما تنص الاتفاقيات تصر على ملئه بشكل أحادى دون اتفاق، كما ترفض مناقشة الجوانب القانونية، ولا تريد إبرام أية اتفاقيَّة عادلة تكون ملزمةً لها وللجميع وفق قواعد القانون الدولي!!

وعلى مدى نحو عشر سنوات وإثيوبيا تماطل وتفسد أية مفاوضات بهدف كسب الوقت لاستكمال بناء السد وملء الخزان بالماء لوضع مصر والسودان أمام الأمر الواقع، وهذا ما ترفضه مصرلأنه بمثابة الانتحار بالنسبة لها، وهو ما لا يمكن تصوره على الإطلاق، وفى حال استمرار التعنت الإثيوبي، سيكون لمصر خطوات أخرى تضمن بها حقها وحق أبنائها من الأجيال القادمة فى مياه النيل الذى هو شريان الحياة بالنسبة للمصريين.

صفوة القول: لا أحد يجادل فى ضرورة وجود ثقةٍ متبادلة بين دول حوض النيل، ولابد أن تنعم جميع شعوب هذا النهر بمنافع مشتركة،وهو ما تتمسك به مصر وتسعى إليه، لكن إذا أصرَّت إثيوبيا على السير فى الاتجاه الخطأ، وفرض إرادتها على دولتى المصب، رغم إدراكها لما سيترتب على ذلك من إلحاق الضرر بالشعب المصرى، فمن الطبيعى أن تتصاعد المطالب فى مصر بضرورة التحرك واتخاذ خطوات بديلة تحمى حق المصريين فى الحياة، وبالقطع فسيقف العالم العربى مع مصر لتحقيق هذا المطلب العادل.

- أكاديمى وكاتب صحفى سعودي

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة